موريتانيا في أحضان 4 أزمات فهل سيأتي اختيار ولد بلال ثانية بالحل ؟! (1) / محمد محمود ولد بكار

لم تكد موريتانيا ترى الفرج من أزمتين حادتين؛  الأولى أزمة سياسية ذات رأسين : رأس أمني تضاربت المعلومات حول طبيعته:  انقلاب أو اغتيال أزيح بموجبه الحرس الرئاسي "ربيب " ولد عبد العزيز عن تأمين الرئيس  المنتخب خلال تخليد ذكرى عيد الاستقلال 2019 في أگجوجت ، وتمت مساءلة أحد قادته ، وقد مات ذلك الحدث لأن غزواني لم يشأ الإنتصار لنفسه وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ؛
وفيما يتعلق برأس الأزمة الثاني فكان يواجه مارجا سياسيا من  مخططين لإجهاض جهوده وضرب شرعيته،  يختلفان  عن بعضهما. الأول من تصميم ولد عبد العزيز أيضا ، وهو ترتيب المؤسسات السياسية لسحب البساط من تحته عند الحاجة، والثاني طريق مهدد.بالشوك وضعته الطبقة السياسية كسبيل إجباري لمحاربة الفساد وللإصلاح وهو أن تكون محاربة الفساد محاكمة نظام كامل  فيصبح ما عدى ذلك  من الإجراءات مهما كانت إيجابية عبارة عن مهازل لاغير .
وقد كان ذلك المرج أو الخليط من مخططات عزيز ورأي عريض داخل بعض النخبة السياسية يسعى لحمل غزواني على العمل خارج مقاربته  وبرنامجه والتزامه السياسي والقيام بمحاسبة راديكالية لغالبية موظفي الدولة والسياسيين ، وقد أوشك وهج ذلك المرج  اللافح أن يحرق جميع الأوراق السياسية ومفردات الخطاب السياسي في البلد ويختزلها في مخرجات تميل لصناعة رأي عام راديكالي ومسار غير ممكن. وقد فُهم أنه لأجل تصفية الإغلبية وابعادها من شخص انتخبته من داخل نظامها؛  ومع ذلك،  ولضعف بنيوي وسياسي داخلها ، أوشك الجميع أن يساق  في ثنايا  تلك المقاربة الموغلة في عدم الواقعية كمشروع وطني يجب على غزواني أن يأتي سلما له أو أن يظل أي عمل يقوم به النظام غير مجدٍ حتى ولو كان الحدث العظيم الذي زج برئيس قوي في جوف المساءلة ، إنه شئنا أو أبينا،  يدفع ثمن أفعاله  وعدم حساب العواقب. ولأنه والحق يقال  كان مركز كل تلك التجاوزات.. إنها خطوة تتضمن درسا في المستقبل لكل رئيس بما فيها الرئيس الحالي و أي  موظف سام، ليخشوا عواقب عمل خارج القانون. وهذه لعمري محظية كبيرة للشعب الموريتاني لايريد أرلئك الحالمون حسابها بل يتجاوزون أهميتها عن قصد . .
كانت أزمة كورونا الأزمة الكبرى المباغتة، وهي الشق الثاني من الجيل الأول  من تلك الأزمات عكسا لكثير من بلدان العالم بمثابة متوالية قوية من الصدمات بالنسبة للبلد ليس لأننا نستورد 98% من قوتنا اليومى من خارج حدودنا مع ما يتطلب تأمينه  السلة  من العملة الأجنبية وهو ما يزيد على المليار ونيف دولار سنويا. بل لأنها  جاءت والبلد غارق في الأزمات  ، فلم يكد  الرئيس يستكمل استلام سلطته ، ولا أن بضع آلية فعالة لاتخاذ القرار ، ولم تتضح له صورة البلد  وهو القادم من خارج  الإطار السياسي والاقتصادي، وكانت الدولة التي تسلمها أشهر قليلة قبل الأزمة جاثمة على ركبتيها لا تملك رصيدا في الخزينة العامة وليست لديها قدرة للتحمل ولا تملك ذمة مالية وكانت آلية مواجهة الحكومة الوحيدة  للأسعار  التي تطحن غالبية الشعب هي سونمكس، وكانت شركة ترميم الطرقات لكي يظل وصول البضاعة انسيابي  قد تم القضاء عليهما دفعة واحدة لردم عمليات إجرام ضد البلد. وكانت  الميزانية مصممة طيلة العشرية على تجفيف منابع الحرفيين والبضاعيين الصغار والوسطاء وأصحاب الخدمات والموظفين ، وكان مناخ الأعمال يعمل بشكل فعال لقتل المبادرات الفردية وطرد رجال الأعمال للخارج.. وهكذا ماتت الأنشطة المدرة للدخل  واندثرت الطبقة المتوسطة وتجذر الجوع والبطالة وكانت مظاهر التسول السمة البارزة للبلد العصية على المجابهة  ، وصارت المسوولية الأولى للدولة هو الحفاظ على الناس عند مستوى الرمق الأخير.. و هو ما يفسر توزيع المعونات النقدية على بعض الأسر التي كانت بلا دخل  نهائيا ،وكان العمل الوحيد المتاح هو رضوخ الدولة من جهة ثانية لدفع ضريبة تاريخ حافل من الفساد بتسوية الاختلالات..  أي أن الدولة الفاعلة في الإقتصاد والمجتمع صارت ميتة، ميتة وتقطع منطقة عبور مضطربة. ولعل المواطن شعر بأقل ما يمكن أن يشعر به من انعاكسات بسبب الوضعية الكارثية  وبسبب السياسات الإجتماعية الرحيمة للرئيس غزواني ، وكانت عملية بث الروح فيها أي في الدولة تتطلب عملا استثنائيا يشارك فيه الكل وخاصة حكومة من الوطنيين الأكفاء، الأمر الذي ظل من سقف المطالب العامة والتي ينسجم فيها الكل معارضة ونظاما .

 

3. أبريل 2022 - 3:48

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا