أشعل تسجيل مصور (فيديو) لمواطن يمني يعيش في أمريكا، تناول فيه الموريتانيين بما لم يقله مالك في الخمر، متهما إياهم بخيانة الأمانة، والمتاجرة بالدين، والتظاهر بالتقوى، نفاقا وخداعا وتحايلا وتضليلا؛ أشعل مواقع وصفحات التواصل الاجتماعي، وما يزال .
التسجيل الذي أثار ردود فعل من طيف واسع من المواطنين الموريتانين، كانت في معظمها غاضبة متشنجة، وكان أقلها أقرب إلى الهدوء والتعقل، مثل إساءة وتحاملا متعمدا للمواطن الموريتاني، حيثما كان، عندما حذر مقترفها اليمني أبناء بلده في المهجر الأمريكي، من أي تعامل مع الموريتانيين، تحت أي ظرف.
نحن لا ندعي العصمة لمواطنينا، فهم كغيرهم من البشر خطاءون، وخيرهم التوابون؛ غير أن اتهم التي كالها المسيء لهم لا تناسب المعلوم المشهور من سيرهم وآثارهم المحفوظة عند جيرانهم، وفي الأقطار التي استضافتهم أو عبروها إلى غيرها، فسل عنهم في الحجاز ومصر والسودان، وفي شمال إفريقيا وغربها وفي الساحل والصحراء؛ تجد ذكرا عطرا...!!
إننا، مع استيائنا البالغ من الصاق تهم باطلة، جزافا، بعموم مواطنينا، لندرك أن المجتمعات البشرية المعاصرة تعيش تغيرات ادراماتيكية على مختلف الصعد، لم تسلم منها حتى القيم والأخلاق، لكن استهداف شعب بكامله بالإساءة المتعمدة، يبقى عملا خاطئا مدانا، وعصيا على التبرير، مهما كانت دوافعه..!!
أخيرا، وبعيدا عن جلد الذات، فإن مسؤوليتنا تقتضينا الإقرار بكفل من وزر شقيقنا هذا الذي تطاول عليها، وأن نقر بفشلنا في إعداد مواطن صالح، وتكوين وتحصين شبابنا الذي تضطره الفاقة للهجرة، بحثا عن حظ من الحياة؛ فالحق أن حالة "السائبة" المطلقة التي عاشها أسلافنا، لم تكن مهيأة قط، لإنتاج الإنسان السوي، إلا في أضيق نطاق؛ فيما لا معول على منظومتنا التربوية الراهنة المتهالكة، في تلك المهة، وتلك تلك المسؤولية التاريخية..!!