على كل واحد منا ـ وبعد أن يكون قد آمن بأن لديه موهبة ـ أن ينقب عن تلك الموهبة المودعة لديه، وذلك من أجل أن يهتدي إلى المجال الذي يمكن له أن يتفوق فيه ويتميز، فيستغل فيه طاقته وقدراته، بدلا من تضييعهما في أمور ومجالات أخرى.
تذكر دائما بأنك لن تستطيع أن تبدع إلا في مجال موهبتك. صحيح أنك قد تنجح بل وتبدع بالجد والمثابرة في مجالات لست موهوبا فيها، وهذا ما سنتحدث عنه في حلقة قادمة، ولكن سيبقى الطريق الأسرع إلى تميزك وإبداعك هو أن تستثمر قدراتك وإمكانياتك في مجال موهبتك.
إن التنقيب عن الموهبة ليس بالمهمة السهلة، بل إنه صعب وشاق، فالموهبة تشبه قطعة الماس التي قد تبدو في البداية وكأنها قطعة فحم بلا قيمة، ولكن قطعة الفحم هذه قد تتحول إلى قطعة ماس رائعة بعد أن يتم إخضاعها لكثير من القطع والصقل والتشكيل.
إن قطعة الماس الرائعة يمكن أن ندوسها بأقدامنا معتقدين بأنها مجرد قطعة فحم عادية.
إننا ندوس يوميا على الكثير من قطع الماس بأقدامنا، ولكي نتوقف عن هذا السلوك الغريب، دعونا نأخذ عبرة من قصة حقيقية حدثت مع مزارع في جنوب إفريقيا.
إنها قصة مزارع كانت له مزرعة توفر له مع كل حصاد محصولا لا بأس به. قرر هذا المزارع أن يبيع مزرعته، وذلك بعد أن تقدم به العمر، وبعد أن سمع بقصص كثيرة عن فقراء تغير حالهم، وأصبحوا بين عشية وضحاها من الأثرياء، وذلك بسبب أنهم كانوا قد تفرغوا للتنقيب عن الماس وبيعه. لما سمع المزارع بتلك القصص باع حقله، وأخذ المال وذهب إلى الأمكنة التي كان ينقب فيها عن الماس في تلك الفترة، وبعد فترة من البحث غير الموفق، اضطر صاحبنا إلى أن يعود إلى قريته خائبا ومحبطا.
الغريب في الأمر أن المزارع الذي اشترى الحقل وجد فيه بعد بذل جهد في التنقيب قطعة ماس، ثم ثانية، فثالثة، وذلك من قبل أن يكتشف بأنه قد اشترى منجما من الماس بثمن بخس.
لقد كان الماس قريبا جدا من المزارع العجوز، كان تحت قدميه، وكان يسير عليه يوميا، ولكن مشكلة هذا المزارع العجوز هي أنه بحث عن الماس بعيدا وبعيدا جدا، ولم ببحث عنه في مكان قريب، أي داخل مزرعته.
شيءٌ كهذا يحدث دائما مع الكثير من الموهوبين الذين يبحثون عن ماس بعيد، وعن نجاح في مجال بعيد من مواهبهم. إن النجاح قريب جدا منا، وإن المجال الذي يمكننا أن نبدع فيه (الموهبة) أكثر قربا مما نتخيل، إنه بداخلنا، وما علينا إلا أن نبحث عنه بدلا من الذهاب بعيدا كما حدث مع المزارع العجوز.
إننا في هذا الزمن لم نعد نخصص وقتا للخلوة مع أنفسنا، ولا نخصص وقتا للبحث عن الموهبة المودعة بداخلنا (الماسة)، ولكننا بدلا من ذلك نقضي أوقاتا طويلة من أعمارنا للبحث عن ماس بعيد قد لا نجده إطلاقا، فمشكلتنا في هذا العصر هي أننا أصبحنا نعرف شيئا كثيرا عن العالم من حولنا، ولكننا لا نعرف إلا القليل، بل والقليل جدا، عن أنفسنا.
إن "الموهبة وحدها لا تكفي أبداً" وهذا عنوان كتاب شهير للمؤلف جون سي ماكسويل، والذي وضع فيه 13 قانونا أو فكرة لتنمية الموهبة والاستفادة منها:
1 ـ الثقة 2- الشغف 3- المُبادرة 4- التركيز 5- الاستعداد 6- التدريب 7- المُثابرة 8- الشجاعة 9- قابلية التعلّم 10- الشخصيّة 11- العلاقات 12- المسؤوليّة 13- العمل الجماعي.
سنكتفي الآن بالعناوين، وربما نعود في حلقات قادمة للحديث عن بعض هذه الأفكار بشيء من التفصيل.
يتواصل بإذن الله..