يعتبر النكوص عن المبادئ والكفر بالآراء النضالية، والنشاز عن الوطن وأغانيه، أكبر الأعراض المرضية التي تصيب المناضلين السابقين، الذين تقاعدوا عن كل شعاراتهم وصار همهم الوحيد هو تلبية رغبتهم في جمع الأموال بأي طريقة حتى ولو كانت في كهف الغول، أو في جعبة الشيطان، وهو ما يجعلهم يعكسون اتجاه بوصلتهم والانسلاخ من القيم الوطنية وترك المشترك، مرضاة للنفس الأمارة.
إن عيدا كعيد الفطر المبارك الذي جاء في غمرة احتفالاتنا بعيدي الشغيلة والصحافة لهو فرصة كانت مؤاتية للمحامي العميد ولد اشدو لإعلان توبته من الدفاع عن الشيطان، لكنك لا تهدي من أحببت…، ففي عيدنا المبارك الذي يدعو إلى التسامح اختار أن يلقي بجام تهمه الجائرة في حق الوطن وفي حق الدولة، تلك التهم التي ما كان لها أن تصمم إلا لتلبسه مهمة الدفاع الميؤوس منها عن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، صاحب المليارات والعقارات والذي لم يجرؤ على الكشف عن مصدرها، وهو حق المواطن في معرفة من أين لك هاذا؟، بل أراد – المحامي العميد العنيد – أن يجعل من كل المواطنين مخطئين، وأن موكله – وحده – من على صواب، وهو الذي عاث في الأرض فسادا متجارا جيئة وذهابا بمقدرات وطن كامل.
إننا نتفهم أن من شروط المحاكمة العادلة أن يكون للمتهم محاميا، أو فريق دفاع، لكن من حق العدالة أيضا أن يكون تصرف المحامين وعملهم فقط لمحاولة عدم ظلم موكلهم، لا أن يتحولوا إلا متحاملين على الحقيقة، ومتحاملين على الوطن، بمجرد استلامهم أولى الدفعات، وليس من حقهم أن يقفوا في وجه شعب يريد الحقيقة، شعب سئم من التلاعب بموارده بيننا عانى خلال حكم المتهم من الفقر والفاقة، من تشييد المشاريع الهلامية التي أنفقت فيها ثروات الشعب، لتتحول إلى الأرصدة البنكية في الداخل والخارج.
إننا نتفهم أن تكون قد اخترت تقاعدا مريحا بعد جني مداخيل آخر مرافعاتك لغطا وشهرة، وأكثرها عائدات مالية، لكن لن يكون على حساب وطننا، ولن تستطيع قلب الصورة التي لدينا عن فساد عشرية أتى فيها موكلك على الأخضر واليابس، لن تستطيع تجميل القبيح، مهما حاولت إظهار موكلك بأنه حمل وديع، وأن الملف مجرد تصفية حسابات، فيبدوا أن موكلكم هو الذي أراد وضع نفسه في هذا المأزق بجرأته واعترافه أنه لم يمسس راتبه قط خلال سنوات حكمه، ومع ذلك بحوزته كل هذه المليارات والبنايات والمنقولات في الداخل والخارج، وهو الذي يمنعه الدستور والقانون من مزاولة أية مهنة تجارية أو ربحية أو ريعية، فقل لنا من أين له هاذا؟ إن هذا الموضوع هو ما يجب أن تبحثوا عن إجابات شافية عليه، بدلا من التحول إلى كتاب مواقع إلكترونية توزعون التهم جزافا وتتآمرون على الحقيقة.
كان بالإمكان الحفاظ على رصيدكم النضالي التقدمي، إلى جانب حقوق الكادحين والمواطنين المهمشين، دون النكوص إلى الدفاع عن الجلادين من الإقطاعيين الجدد الذين عاثوا في الأرض فسادا وقايضوا في الأسواق حقوق شعب كامل ضاربين عرض الحائط بكل المسؤوليات التي كان عليهم تأديتها استجابة لثقة شعب احتاج من يقف إلى جانبه لا من يسلبه ثروته، ويفخر بفقرهم الدائم، ويسمي نفسه رئيس الفقراء.