ربط موريتانيا والإمارات وشائج وأواصر ، وتجمعهما عهود ومشاعر ؛ ضاربة فى فضاءات التاريخ مضمخة بمداءات الجغرافيا ، منغرسة فى وجدان الإنسان مخضبة بتراب الأوطان :
من المحيط إلى الخليج
من الخليج إلى المحيط!...
من البوابة الشرقية للوطن العربي إلى نافذته الغربية ، ظل حبل الود موصولا بالبذل والسخاء والدعم والعطاء والمؤازرة والإخاء فى الشدة وفى الرخاء ؛ وفى مواقف مشهودة ومشاهد معهودة!..من إخوة كرام أعزة : " لاتكدر بحر جودهم الدلاء!..."..من فجر عهد الشيخ زايد وخليفته " الشيخ خليفة " طيب الله ثراهما إلى مستهل عصر محمد بن زايد وفقه الله ، سيظل الشعب الموريتاني يذكر فيشكر أياديهم البيضاء ومآثرهم الحاضرة وعطاءاتهم الزاخرة!....
واليوم وبعد هذا المصاب الجلل والفاجعة الأليمة إثر وفاة المغفور له بإذن الله الشيخ خليفة بن زايد ، فإن مصابهم هو مصابنا ؛ وهذه مناسبة لنستحضر عمق وشائج المحبة ولحمة المشاعر الصادقة والتقدير المتبادل والود الموصول الذى يربط البلدين الشقيقين ..لقد كان الراحل صديقا خاصا لبلدنا وقائدا فذا ورجلا حكيما كرس حياته لخدمة شعبه ورفعة أمته ونهضة بلاده ؛ حتى أصبحت الإمارات أنموذجا يحتذى فى التطور والتنمية فى المنطقة والعالم.
وكانت بلادنا سباقة إلى تقديم واجب العزاء فى فقيد الإمارات والعرب والمسلمين ، حيث بعث رئيس الجمهورية ببرقية تعزية : "معربا فيها عن الحزن والأسى بعد الفاجعة الأليمة ، ومقدما أخلص التعازي وأصدق المواساة لدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة قيادة وحكومة وشعبا وللأمتين العربية والإسلامية فى هذا المصاب الجلل "..وأشفع ذلك بإعلان الحداد ثلاثة أيام ، وغادر رئيس الجمهورية إلى أبوظبي لتقديم واجب العزاء في الفقيد.
وقد انتخب المجلس الأعلى للاتحاد يوم السبت بالإجماع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيسا لدولة الإمارات العربية المتحدة ، وفور انتخابه تهاطلت برقيات التهانئ ، وتقاطرت وفود من زعماء وقادة العالم مباركين ومتمنين له التوفيق فى تعزيز صرح البناء والتنمية وترسيخ دعائم النهضة والتطوير والتحديث والعصرنة.
وفى عهد الشيخ محمد بن زايد ستتعزز الروابط والوشائج التاريخية بين موريتانيا والإمارات ، وتتوسع إلى شراكات قوية ومشاريع استراتيجية واستثمارات ضخمة فى مجالات اقتصادية حيوية متعددة وواعدة..وستتواصل المسيرة ؛ وتمتد أجيال الرحلة..رحلة البناء والنماء والتنمية والعطاء ..رحلة الإعمار والإزدهار فى كنف الوئام والاستقرار..رحلة البذل والسخاء فى ظل الإخاء والرخاء.
أجل إنها رحلة وجودية إنسانية ؛ غايتها التأسيس لكينونة حضارية فريدة وسيرورة تاريخية مجيدة ، انبثقت من رحم تلك الصحراء ، وانبجست من أعماقها شلال صفاء ونقاء غابر ونهر سخاء وعطاء هادر ، يغمر العالمين غيثا هتونا ، وينهمر على العرب والمسلمين مطرا غزيرا من أرض الخليج المباركة :
مطر .. مطر .. مطر
أصيح بالخليج ...
ياواهب اللؤلؤ والمحار والندى
وأسمع الصدى من لجة القرار
وينثر الخليج من هباته الكثار
فى كل قطرة من المطر
هي ابتسام فى انتظار مبسم جديد
أوحلمة توردت على فم الوليد
ويهطل المطر...
إنه مطر الخير والخصب والنماء ، واهب الحياة لغدنا الفتي البهي الأبي وغاسل أدران الفرقة والتخاذل والتهاون ، وملهم قيم الوحدة والتآزر والتضامن من أجل التحليق نحو مستقبل واعد ؛ قوامه لحمة المشاعر ووحدة المصائر.
حفظ الله موريتانيا والإمارات وأدام عليهما النعم ، وجنبهما المحن والفتن ماظهر منها ومابطن ، ومن عليهما بالأمن والأمان والوئام ، والإخاء والرخاء والسلام.