لماذا الإضراب.. ؟ / زين العابدين محمد العباس

لا تجد في أحيان كثيرة الطبقة الشغيلة عموما والأسرة التربوية خصوصا من أسباب للعزوف عن الإضراب سوى بعض التبريرات الواهية الجاهزة، إما أن إضراب خمسة أو ستة أيام لا يحقق شيئا سوى الخصم، أو الإضراب في وقت غير مناسب، أو... فنجدها في كل إضراب وبكل أسف ومن أجل عدم الدخول فيه تشكك في كل القرارات الصادرة منتهجة أسلوب التسامي والتبرير كما يقول علماء النفس، والأغرب من كل هذا أن هناك من الزملاء من يثبط العزائم لإفشال الإضراب، وإن فشل يقول لأترابه ألم أعلمكم بعدم نجاح الإضراب مفتخرا بذلك وكأنه حقق مكسبا كبيرا؟، وهو يدري أو لا يدري بأنه أضر بنفسه ثم بزملاء المهنة.

إن القيادة لها استراتيجية ومنهجية عمل، مما يجعلها تتخذ أحيانا القرارات البسيطة منفردة خاصة إذا ما تعلق الأمر بالتكتلات لغرض وحدة الصف واتخاذ المواقف الموحدة لضمان نجاح الحركة الاحتجاجية، خاصة وأن الهدف واحد، ولها من الاستشراف ما يجعلها تخوض إضراب خمسة أو ستة، لأن الأهداف بالنسبة لها واضحة فلا تبنيها أبدا على العفوية والارتجال، ومن الطبيعي ألا تكون حساباتها دقيقة جدًا أي، وفي القرارات المصيرية كالإضراب المفتوح الذي تراه ضروريا دوما ترجع لقواعدها، ولهم الكلمة الأولى والأخيرة بعد أن تضعهم القيادة في الصورة لأن القواعد ليسوا كالقيادة في استقاء المعلومة، ومتابعة الأحداث، فالرجوع للقاعدة هدفه وضعها في الصورة ثم إشراكها في القرار، والتعبئة القوية، وتحمل المسؤولية أيضا، وفي كثير من الأحيان لا تقحم القيادة قواعدها في الإضراب المفتوح لأول وهلة وتنطلق بإضراب يوم أو يومين تحسيسيين لقواعدها، وإنذاريين للسلطة لأجل :
1- إبراز قوة التنظيم من خلال استجابة الموظفين والعمال لوضع السلطة أمام الأمر الواقع لتقرأ حساباتها لدخول المفاوضات من مصدر قوة من خلال قوة الإضراب.
2- التعاطف مع المناضلين لكي لا يتعرضوا للخصم الكبير، إذ لا تلجأ القيادة للإضراب المفتوح إلا بعد استنفاذ كل سبل الحوار، و لضرورة قصوى حين تتصلب السلطة وترفض أساليب الحوار الجاد والمسؤول.
3- التأكد من استعداد قواعدها من خلال الاستجابة القوية، لترمي بكل ثقلها من خلال مناضليها في إضراب مفتوح لتحقيق المطالب المرفوعة.

وللتأكيد فإنه بناء على نتائج إضراب الأسبوع أو الأسبوعين تتعامل السلطة مع التنظيم النقابي أو التكتل، والعمال يريدون تحقيق مكاسب بدون تضحيات، وهذا ما يناقض نواميس الحياة.

وبعد فشل الحركات الاحتجاجية التي تسببت فيها القواعد نتيجة تقاعسها واستقالتها من النضال وعدم استجابتها للقرارات المنبثقة عن نقاباتها تعلق الإخفاقات على مشجب القيادات النقابية وتنعتها بمختلف النعوت، وبمختلف الحجج الواهية كما سبق أن أشرنا مثل الإضراب لم يختر له الوقت المناسب ؟ أو إضراب ستة أيام غير مجد ولا يأتي بأي فائدة سوى الخصم ؟ أو المطالب ليست مقنعة ؟ و... و... غيرها.

فالقواعد مستقيلة ثم تلوم القيادة، لابد هنا من وضع النقاط على الحروف، فالقواعد عليها بالطاعة والامتثال للقرارات ثم بعد ذلك من حقها محاسبة القيادة في حال إخفاقها، أما أن تكون متمردة ولم تمتثل لقرار القيادة ثم تلقي اللوم عليها فتلك هي الطامة الكبرى.
فرفقا بالقيادة، إنها في وضع صعب لا تحسد عليه، فالواجب هو الالتفاف حولها وتنفيذ قراراتها والأخذ بيدها، وإن أخفقت بعد ذلك يتم محاسبتها، وبناء خطط بديلة أو مراجعات في نهجها.
و ما ضاع حق وراءه طالب. ولله الأمر من قبل ومن بعد

16. مايو 2022 - 9:32

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا