نظمت إذاعة فرنسا الدولية مؤخرا فى نواكشوط سلسلة حلقات نقاشية وندوات إذاعية هي الأولى من حيث الحجم والتنوع فى تاريخ تعاطى هذه المؤسسة العريقة مع بلادنا ، حيث أوفدت إلى نواكشوط أكبر بعثة فى تاريخ معالجاتها لملفات البلد وابتعثت لهذا الغرض أشهر صحفييها ، وأنجزت وأنتجت أهم برامجها ، وقد شارك فى إثراء مواضيع هذه البرامج المتنوعة قادة الفكر والخبراء وحملة الرأي السياسي من مختلف فرقاء المشهد الوطني ونشطاء المجتمع المدني ، وحضرها جمهور نخبوي أضفى على النقاش حرارة وحيوية ، وكانت المواضيع المثارة فى هذه البرامج والندوات الإذاعية متنوعة ؛ من حيث مضامينها ومحتوياتها واهتماماتها ، فقد شملت السياسة والتنمية والتعليم والتربية وحقوق المرأة والقضايا الاجتماعية والشؤون الاستراتيجية والأمنية.
وشكلت هذه الحوارات سابقة من نوعها فى البلد وفى شبه المنطقة بشهادة الطواقم الصحفية المنتجة لها ، نظرا لحرص السلطات العمومية على تقديم التسهيلات الضرورية وخلق وتوفير بيئة مستقطبة لحرية التعبير وممارسة العمل الصحفي بحرية وأريحية ، طبقا للأدبيات المهنية والضوابط الدستورية التى تكفل ترسيخ التنوع وتكريس قيم التعددية والثقافة الديمقراطية الراقية ، وهو مكسب محوري ينضاف إلى المكاسب المتحققة للبلد فى سياق التمكين لحرية الصحافة.
وتعد القوالب الإذاعية التى احتضنت هذه الحلقات النقاشية من أشهر البرامج الحوارية لإذاعة فرنسا الدولية ، وأكثرها شعبية ومتابعة ضمن مسطرتها البرامجية ، مثل البرنامج المعروف : " Appel sur l'Actualité " ..والبرنامج الشهير : "7milliards de voisins" ..وقد عكست كوكبة الخبراء والنشطاء وقادة الرأي والفرقاء المساهمة فى هذه الحوارات مختلف مشارب وحساسيات المشهد الوطني ؛ نظرا لتنوعها السياسي والإديولوجي وتعددها الثقافي والإثني ، مما أضفى المهنية والتوازن والموضوعية على قراءات ومقاربات المشاركين وتقييمهم وتناولهم للمواضيع المطروحة للنقاش والتحليل.
وشملت المواضيع المثارة فى هذه البرامج ملفات حيوية وقضايا محورية على الصعيدين الوطني والإقليمي ؛ من أهمها قراءة فى حصيلة زهاء ثلاثة أعوام من حكم رئيس الجمهوريةالسيد محمد ولد الشيخ الغزواني ، وتجربته فى بلورة المقاربة الأمنية الموريتانية فى منطقة الساحل وفضاء الصحراء ، وما أثمرته من نجاعة ميدانية ومكاسب وطنية أسهمت فى دحر شوكة الإرهاب واستئصال شأفة الغلو ؛ من خلال استراتيجية الردع الأمني الحازم والتصدى العسكري الحاسم ، فضلا عن الخطاب الفكري القائم على الحجاج العقلي والحوار العلمي.
وأشاد المشاركون موالاة ومعارضة بما ميز حكم الرئيس من تكريس لقيم الانفتاح والتهدئة ، وتناولت كذلك هذه الندوات والبرامج الإذاعية موضوع المدرسة فى موريتانيا ، باعتبار التعليم أولوية من أولويات الرئيس ، وأسهم فى إثراء هذا الموضوع ثلة من خبراء التربية والتعليم والفاعلين فى حقل التهذيب ، وتم طرح موضوع آخر فى غاية الأهمية والحيوية لارتباطه بالأبعاد الحقوقية والسوسيولوجية ، يتعلق الأمر بحقوق المرأة فى المجتمع الموريتاني ، وشاركت فى إثراءه ونقاشه سيدات فاعلات فى المشهد السياسي ، وناشطات فى الشأن الحقوقي وقضايا المجتمع المدني...إلخ
وختم وفد إذاعة فرنسا الدولية مهمته الإنتاجية فى موريتانيا بزيارة السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية ، حيث اطلعوا على أهم الإصلاحات المؤسسية التى يشهدها الحقل وآفاق انعكاساتها النوعية على مستقبل المشهد الإعلامي الوطني ، وخلال هذا اللقاء أكد رئيس البعثة السيد داميان هوليس : " أنه يزور موريتانيا على رأس بعثة هي الأكبر من نوعها فى تاريخ إذاعة فرنسا الدولية لإنتاج وبث العديد من البرامج النوعية " ..معبرا عن نجاح مهمتهم من خلال : " إقامة نقاشات حية وبناءة سمحت بإظهار آراء مختلف الطيف السياسي والاجتماعي فى تنوعه ".. شاكرا السلطات العمومية على تيسيرها لظروف عمل الفريق وتمكينه : "من أداء عمله بكل حرية واستقلالية "...
إن الحضور إلى بلادنا بهذا الزخم من قبل إحدى أعرق مؤسسات الإعلام الدولي ، وتنظيم هذا الكم من البرامج الحوارية والحلقات النقاشية حول مواضيع وملفات وطنية وإقليمية شائكة ومركبة فى جو من الحرية والأريحية ، لهو دليل ساطع على الأهمية السياسية والمكانة الجيو- ستراتيجية لبلادنا ؛ إقليميا وقاريا ودوليا ، فضلا عن كونها شهادة دامغة على مستوى الانفتاح الإعلامي والنضج السياسي والسعي الحكومي إلى تكريس مبادئ الحرية والتعددية ، وترسيخ قيم الثقافة الديمقراطية بين جميع مكونات الطيف السياسي وحساسيات المشهد الوطني ؛ على اختلاف مشاربها وتنوع تياراتها وتعدد نزعاتها...