تمخض الجبل فولد فأرا / محمد فاضل ولد محمد يحي ( التراد )

محمد فاضل ولد محمد يحي ( التراد )كثيرة هي المحطات التى تجبرك فيها الحياة على أن تكثف من جهودك في تلك المعركة المتواصلة مع نفس أمارة بالسوء لا تلبث أن تغريك إلى أن تنزل إلى مستوى لا يليق بك كي تتماشى مع موضة يبدو أنها انتشرت في الآونة الأخيرة ، حيث أصبح  الجميع ـ الا من رحم ربك ـ ينصب نفسه سلطان الكلمة وملك الحجة ، ما إن يخالفك الرأى حتى يعطى لنفسه الحق في أن يصادر رأيك ، و ما إن تنتقد فعله حتى يصب جام غضبه عليك ، متسلحا بترسانة من الكلمات النابية و النبرة الإستعالية ، ميزتها أنها متاحة للجميع و تنتظر فقط من يرضى لنفسه بالنزول لمستواها .

لقد حاول أحد الإخوة المحترمين من  ( اتحاد قوى التقدم )  أن يستنسر ، منتزها للفرصة مهرولا لاقتناصها ، لأنه اعتقد أنه وجد كاتبا مغمورا ( حسب وصفه ) سطر بعض الكلمات قد تكون مطية له للتنفيس عن ما في صدره تجاه آخرين يبدو أنه لم يستطع  في السابق مجاراتهم  ، فنثر كنانة حروفه و اختار أشدها استعلاء و تكبرا ليسدد بها ضربته القاضية للكاتب الصغير ( حسب وصفه أيضا ) و بما  أنه من الاحترام للقارئ الكريم   أن نبتعد عن الشخصنة وندخل في صلب الموضوع فسأكتفي بتسجيل النقاط التالية :

لقد استهل الكاتب الكبير رده بنبرة استعلائية من العجيب أنه استنكرها علي ، فوصفنى بالكاتب المغمور  مما اضطرني إلى أن أعيد قراءة اسمه لأنه يبدو أنى حصلت على شرف تفضل  أحد  الكتاب المشاهير بالرد علي ، ثم نوع في الوصف  لكن بنفس النبرة الاستعلائية ليصفنى بالكاتب المبتدئ ، ولا أدرى أهي الصدفة التى جعلت الكاتب الكبير يعنون مقاله بعنوان سبق لى أن استخدمته كعنوان لمقال كتبته تحت عنوان (  عندما تستنسر البغاث في أرض الرجال )   أثناء أزمة المعهد العالى الماضية ،و بالطبع  فلا يمكن أن أقول أن العنوان حكر لأحد ، لكنى فقط أردت أن أنبه أخي الكريم أن بدايتي كانت منذ زمن ليس بالقصير .

هجوم الكاتب الكبير على مقالي بدأ بحديثه عن تواضع أسلوب المقال و معيارية أوصافه ، مستشهدا بعبارات اجتزأها من النص حتى تخدم فكرته وكنت أتمنى  أن يكتبها كما وردت ولنترك للقارئ الكريم أن يحكم بشأنها ، و بما أنه لم يفعل ذلك عن عمد فانا مضطر أن أعيد كتابة الفقرة التي اجتزأت منها العبارات المذكورة ، فقد وصفت في مقالي البيان الحقوقي  بأنه كان  ( صادما في وقته ، ركيكا في أسلوبه ، جارحا في مضمونه ، مسيئا للمجتمع متنكرا للثوابت ) و لا أظن أن ذاك الأسلوب متواضع ، أو تلك  الأوصاف معيارية ، مع العلم أنني كما قلت سأترك للقارئ الكريم أن يحكم  ، و لعلى لم أستغرب أن يصف كاتب متعال  أسلوبي بالمتواضع ، بقدر ما استغربت من حديثه عن تبييض مقالي و إشارته إلى الفترة ما بين 5 من فبراير حتى 24 من نفس الشهر و كأنه يريد أن يوهم القارئ الكريم أن مقالي يتعلق ببيان المنظمات الحقوقية و ليس بالرسالة التي و جهتها إحدى المنظمات الحقوقية  إلى الرأي العام يوم السبت المقبل .. فهل كان الكاتب الكبير بحاجة إلى هذا التلاعب ليبرهن على أنى كاتب مبتدئ يحتاج وقتا ؟ .

و بما أن صاحب الرد خاطبني بالصغير  في الفقرة التي تحدث فيها عن تناقضي حين اعترفت بتضايقي  من بيان الحقوقيين ، و استنكاري عليهم تضايقهم من آراء الآخرين ، فلعل الكبير نسى أو تناسى على الأرجح أنه من الطبيعي أن يتضايق الإنسان من فعل صدر من آخر لكن التصرف السليم في أن يتأقلم مع شعوره بالضيق دون أن يهاجم من تضايق منه ، لكن من غير الطبيعي أن تتكلم في مسائل تتعلق بآخرين ثم تتضايق حين يعبرون عن آرائهم حول ما كتبت و تترجم ذاك التضايق إلى هجوم تكرر و تكرس في الرسالة الأخيرة التي وجهت إلى الرأي العام ، لذلك فالصغير لم يتناقض لكن الكبير يبدو أنه للأسف لم يفهم .

ثم قل لى بالله عليك ما معنى أن تستشهد بهذه العبارة من مقالي التي أقول فيها أن البيان ( كان  بمثابة صدمة يبدو أنني لم أكن على استعداد لاستيعاب مثيلاتها ) ثم تعتبر ذلك استخفافا بأبسط مبادئ حقوق الإنسان ، فما هي العلاقة بربكم  بين من صدمه أمر فعبر عن صدمته و بين الاستخفاف بحقوق الإنسان ؟ أعتقد أنها جملة لا محل لها من الإعراب جاءت لتزيد من الحشو في المقال لا غير ، مثلها تماما تورعك عن استخدام كلمة كفر  في البداية لترجع لاستخدامها بطريقة استفهامية عهدتها دائما عند المبتدئين و أربأ بك طبعا أن تكون منهم .

ومع أن صاحب الرد أكد في البداية أنه لا ينتظر جوابا منى على التساؤلات التي سيطرحها في لغة استعلائية واضحة  إلا أنه يعود ليطلب منى جوابا على بعض تلك التساؤلات ، بل يتواضع ليطلب منى شرحا لفكرة وردت في المقال ، مفادها أن ردود فعل بعض الحقوقيين ومن بينهم ما ورد في الرسالة الأخيرة تركزت على مهاجمة فئة معينة كانت الأحرص على تفهم خطئهم  و الأقدر على مد يد العون لهم ، و شرحي سيكون مبسطا حتى لا يستغرق جزءا كبيرا من  تفكير كاتبنا المخضرم ، فما قصدته  هو أن هناك من  عبر عن رفضه لبيان الحقوقيين و انتقده  ، مبينا  أسباب ذلك ، و حسب علمي فإن التبصير بالخطأ حرص على التفهم ، كما أن توضيح نقاط الاختلاف هو مد للأيدي من أجل أن يتعاون الجميع للوصول إلى أرضية مشتركة .. وهذا ما قصدته .

ليتساءل كاتبنا الكبير بعد ذلك عن الطريقة التى استطعت بها أن أعرف أن جميع المواطنين البسطاء و المجتمع قد رفضوا بيان الحقوقيين ، وهو تساؤل وارد من  كاتب مخضرم كان سينبهني إلى عدم المبالغة في الطرح ، لو أن نفس الكاتب و بعد أسطر قليلة من مقاله لم يقع  في نفس الشرك الذي نصبه لصغيره حين كتب ( لكن ليهنأك أيها الصغير أن القراء الموريتانيين يقدرون بالآلاف في حين لم  يفقد أحدا منهم وعيه بسبب البيان إلا جماعة لا تكاد تتجاوز أصابع اليد الواحدة ازدادت بك أنت و إن كانت الحالة التي انتابتك منه جاءت متأخرة .. ) و هنا لا أظنه سيكون عيبا لو استعدت تساؤلا طرحة كاتب مثلك على صغير مثلى ، فمن  أنبأك عن كل القراء الموريتانيين حتى تطلق حكما من هذا القبيل ؟ أم أنك بمزاجك الخاص تنظم الاستفتاءات و تصدر الأحكام و تكيل التهم ؟

 

أما في ما يخص التزام الحدود و  التسلح بروح المسئولية فأعتقد أنني كنت حريصا عليه في مقالي ، فعبرت عن رأيي في حدود الممكن و المتاح ، و لعلك في ردك علي كنت أحوج إلى تلك النصيحة ، وللقارئ حين يقرأ ما كتب من الطرفين أن يحكم .

و بما أن الكاتب الكبير ختم رده بحديثه عن الرسالة و البيان فلن أكون محتاجا للتعليق عليه لأن رأيي في الاثنين كتبته  واضحا في المقال المذكور ، لكنى فقط أنبه أنه لا تربطني سابق معرفة بالسيدة المحرمة ، و أكن لها كغيرها من نساء الوطن كل التقدير و الاحترام ، وقد حرصت في مقالي على الرد على ما جاء في الرسالة من خلال ما جاء في البيان نقطة نقطة ، و ابتعدت عن الشخصنة تماما مثل ما ابتعدت عنها في هذا المقال ، و للجميع أن يتأكد بنفسه ، كما أنى لم أهاجم تيارا أو جهة بقدر ما ركزت على الرد الرسالة دون أن أتجاوز مضمونها ، لكن الكاتب الكبير أراد أن يدخلنى في  معركة يبدو  أنه كان يتحرق لدخولها معتقدا أنى سأكون مطيته ، و متصورا أنه بهجومه علي سيتفزنى فأهاجم بسببه آخرين .

لقد رددت على كل التساؤلات التى وجهها صاحب الرد ، أما تساؤلاته لمن أسماهم أسيادي فأرى أن الأفضل له أن يوجهها لهم مباشرة لأن السيد لا يجيبه إلا سيد مثله ، هذا طبعا إذا لم يكن قد رضي لنفسه أن يكون مثلى ينفذ أوامر الأسياد ، و أنا على يقين أنهم سيردون عليه بالطريقة المناسبة

لقد كتبت مقالا شخصيا أعبر فيه عن رأي شخصي و سأظل على استعداد للدفاع عن فكرتي و شرحها بلغة بعيدة من التجريح و استخدام الكلمات النابية ، و حتى لو جعل منى ذلك ( مبتدئا ) .

كما أنى كنت أتوقع مقالا يقارع الحجة بالحجة و يدحض الدليل بالدليل و يقابل الرأي بآخر ، لكنى وجدت نفسي بعد الانتهاء من قراءة رد كاتبنا الكبير  أكرر : لقد  تمخض الجبل فولد فأرا

 

26. فبراير 2013 - 0:00

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا