إن مجتمعنا يعاني مرضا قاتلا لاسبيل لا ستمرارنا ما لم نستطيع علاجه والتخلص منه ومن آثاره وتداعيات مخلفاته ؛ إن التخلف العقلي الذي يتفشى ويجعلنا غير مدركين لطبيعتنا البشرية التي تجعلنا متساوون أمام الله وأمام الطبيعة أمام الشرع وأمام العرف ، ولانتمايز إلا فيما يتمتع به البعض من علم تعلمه او فن أتقنه أو طبيعة جبلية خصه الله بها من كرم أو شجاعة أو رحمة أوصبر أو تقى وعفة وانبساط وتواضع .
إن عدم إدراكنا للمساواة الطبيعية في طبعنا وطبيعتنا وعدم تميز عنصر منا على عنصر وارومة على ارومة وجنس على جنس ،يعني خللا كبيرا في عقلنا ومراكز إدراكنا ولا يمكن ذلك إلا ان يكون لحالة مرضية خارجية مستقلة عن كياننا وتركيبنا الفيسيلوجي ،فلو كنا طبيعيين لكان المتميزون منا في معلوماتهم الشرعية والطبيعية أدركو أنما يسود من عدم قبول البعض للبعض وترفع جزء من الشعب على جزء لااساس له في الشرع بل مخالف له بالإجماع فكيف يقبل العارفون بالشرع ماهو سائد من تمييز وتراتبة سائدة لو كانوا بحالة طبيعية ولا يعانون مرضا؟ وكيف يقبل المتعلمون والمدركون للطبيعة وأصول الأجناس وحدة الأصول فمايسود في المجتمع من تفاوت وتمايز مقبول ومعمول به يؤكد أن السبب مرضي لاجرم !!!
وإذا رأينا كيف يتعامل الجميع مع بيئتهم وطبيعة بلدهم التي دمرت ومايزال تدميرها مستمرا والجميع سعداء ومرتاحون يستوى في ذلك عالمهم ومثقفهم وشاعرهم وكاتبهم وسياسهم كلهم غير معنيين بما يجري من حولهم مما لايمكن قبوله، أليس ذلك يوضح الدليل الأوضح على مرض في عقول أهل هذا البلد.
وعندما نرى اتفاق الجميع على استحلال المال العام واعتباره مشاعا لايضر أحدا الأخذ منه ما استطاع ومامكنت وأتاحت الظروف والحيل المختلفة ودون غضاضة أو حياء أووخز ضمير يستوي في ذلك المثقف ومتوسط التعليم والعالم بالشرع والجاهل المغفل ، فهل يمكن اعتبار هذ السلوك يصدر عن عقول سليمة ؟!
وعندما نرى الحكومات وموظفيها و تبديدهم للثروات والمقدرات، وكيف يتم تصفية البنوك والمأسسات والشركات وكيف تباع المدارس والمكاتب والعقارات الحكومية ،ونرى كيف تعقد اتفاقيات التنقيب عن الثروة والإبار لاستكشافية واستمرار استغلال مافيها دون ان نرى منه قطرة نفط واحدة ، وكيف تسد الإبار وتترك وكأن شيئا لم يكن ، ونرى اسلوب شركات البحث عن المعادن ونقص مراقبتها وعدم معرفة ما أخذت وماتركت وكيف تعقد الاتفاقيات في النهية ،لعرفنا بمالا يقبل مجالا للشك أننا مصابون بمرض عقلي عميق يؤثر على مراكز تفكيرنا و ويحدد سلوكنا!!
وعندما نرى مصير ثروتنا السمكية وكيف تضيع بين الإهمال وسوء التصرف رغم حاجتنا الأهميتها ودورها المركزي في إنهاء فقرنا وسوء حالنا ،و هكذا نرى أننا في سنوات قليلة تحولنا إلى بلد يبحث أهله عن سمك في سوقهم ولايجدونه في الوقت الذي تقوم سفن ضخمة بمسح وشفط قاع المحيط في شواطئنا ومياهنا الإقليمية ، ولا من يهتم ولا من يفعل شيئا!! أيمكن ان يكون هذا العمل لأصحاء عقليا؟!
إن الذي يبدو واضحا كل الوضوح أننا كمجتمع مصابون بمرض عقلي لانعلم إسمه جعلنا في وضع لايمكن معه فعل شيء لشعبنا الفقير الجاهل المريض؛ فمالم ندرك ماعلينا فعله لوحدتنا وانسجام شعبنا في مساواة وأخوة ،ومالم ندرك مسؤولياتنا اتجاه بيئتنا ومحيطنا ،و ومالم نحقق سلوكت وتوجها يراعي حرمة المال العام ويحافظ على الثروات وجميع المقدرات مالم يتغير سلوكنا وسياساتنا فلن نتزحزح قيدأنملة عن نهجنا المهلك!!
إننا بحالنا الذي اوصفنا لن تتغير أمورنا إلا إذا تمتعنا بالصحة العقلية المفقودة الأمر الذي لا أمل فيه إلا إذا استطاع المثقفون الحقيقيون الذين نأمل في وجودهم وليسو أولئك الذين يحملون شهادات و يلهثون وراء الفاسدين باحثين عن فتات موائدهم وفضلات مغانمهم إن الأمل في إنتلجنسيا لم تشترك بعد في النهب الذي يجري و التي تعلم أن الأمور لن تدوم إذا لم توقف المهزلة ؛ ياليت أملنا في الإنتلجنسيا الوطنية كان في مكانه !!!!
التراد سيدي