عوائق الانتقال نحو الإصلاح الشامل / أباي ولد أداعة

اسهاما منا في اثراء الساحة الفكرية والثقافية من خلال التعاطي مع القضايا الوطنية والشأن العام عبر نقاشات منصة ملتقي الرأي ذات البعد الوطني الواسع والكبير في صناعة الرأي والافكار  حول موضوع نقاش ( عوائق الإنتقال نحو الاصلاح الشامل  ) .
ان اكبر عائق ابسيتيمولوجي نحو الانطلاق الفعلي الي اصلاح شامل هو الفساد بكل تجلياته .و السياسات الخاطئة للحكومة.
حيث ان الاصلاح نقيض الفساد بل هو العلاج الانجع في حالة استشراء الفساد والسبيل الامثل للقضاء عليه .
والاصلاح  مفهوم واسع يشمل جميع جوانب الحياة التي يمسها الفساد فهناك الاصلاح السياسي و القانوني و الاقتصادي و الاجتماعي و الاداري .
وقد ورد لفظ الاصلاح في القران الكريم عدة مرات باعتباره نقيض الفساد لقوله تعالي ( الذين يفسدون في الارض و لايصلحون  ..) وقوله تعالي ( وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الارض ولا يصلحون ..) كما ان الاصلاح هو القاعدة والفساد هو الاستثناء لقوله تعالي ( ولاتفسدوا في الارض بعد اصلاحها ..) في حين بين القران الكريم خطأ الذين يظنون انهم مصلحون  وفي الحقيقة انهم مفسدون  في قوله تعالي ( واذا قيل لهم لاتفسدوا في الارض قالوا انما مانحن مصلحون ).
بينما يعرف الفساد لغة بانه نقيض الاصلاح ويراد بهذا الاصطلاح  خروج الاشياء عن الاعتدال 
سواء كان خروجا بسيطا او شديدا .
كما يعرف اصطلاحا بانه اساءة استعمال السلطة او الوظيفة التي اؤتمن  عليها الشخص لتحقيق مصالح شخصية ،كما يوصف ايضا بمعني آخر  بانه انحراف سلوكي او تدمير النزاهة في اداء الوظائف العامة من خلال الرشوة و المحاباة .
شكلت مخلفات العهود السابقة في مجال الفساد تركة ثقيلة شملت جميع مناحي الحياة الاقتصادية كادت ان تطابق وتلائم الاية الكريمة ( ظهر الفساد في البر و البحر بما كسبت ايدي الناس ..) صدق الله العظيم .
ان من بين جملة الاسباب والعوامل التي كانت وراء الانتشار الواسع لهذه الظاهرة التي اعاقت النهوض بالتنمية الاقتصادية و الاجتماعية للبلد و ساهمت في تكريس الفوارق الاجنماعية من خلال الغبن و التهميش كادت ان تلقي بظلالها علي التعايش والسلم الاهلي .
مايلي : ‐ 
1 ‐ غياب ارادة وطنية صادقة لمحاربة الفساد .
2 ‐ ضعف سيادة القانون .
3 ‐ جشع المال و الرغبات .
4 ‐ احتكار الفساد ضمن طائفة من المحظوظين  ذوي القرابة و النفوذ .
5 ‐  عدم قيام الجهاز الرقابي  بالدور المنوط به و ازدواجية التعامل المتبعة .
6 ‐ ثقافة الافلات من العقاب ّ.
7 ‐ تسييس قصايا الفساد من خلال تصفية الحسابات ّ
8 ‐ النفاق السياسي وتكريس الحكم الاحادي ّ
9 ‐ غياب الوازع الديني والحس الوطني .
10 ‐ تعطيل دور الاسرة القضائية .
11 ‐ تدني الاجور وارتفاع المعيشة .
12 ‐ غياب استراتيجية وطنية ناجعة  في هذا الشأن .
امام هكذا وضع وتحدي فان النظام الحالي ليس مسؤولا عن اخطاء الماضي بقدر ما هو مسؤول عن ضبطها وتصحيحها وتصحيح مسارها انطلاق من قوله تعالي في الاية الكريمة من سورة البقرة ( ولاتاكلوا اموالكم بينكم بالباطل و تدلوا بها الي الحكام لتأكلوا فريقا من اموال الناس بالاثم وانتم تعلمون ...)  صدق الله العظيم .
الأمر الذي جعل مؤخرا السيد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني يخرج عن صمته من خلال خرجاته الاعلامية الغاضبة خارج وداخل الديار  ليقود البلد بثقة وحزم  و بمكاشفة و مصارحة 
نحو مرحلة جديدة  من الحداثة و التحديث لامست طموحات وتطلعات الشعب  بغية بناء واصلاح اقتصادي واداري سريع سيخفف من وطأة هموم المواطن  في ظل ازمة ارتفاع الاسعار الخانقة عالميا بسبب الحرب الروسية الاوكرانية .
ووفق رؤية واضحة قائمة علي التشاركية لتكريس مفهوم الشراكة بين الدولة ومجتمع الاعمال والمسثمرين المحليين و الخارجيين في ضوء اللقاء الأخير لرئيس الجمهورية برجال الاعمال الوطنيين ..
حيث اعتمدت رؤية رئيس الجمهورية في جوهرها علي بناء اقتصاد منتج يعول فيه علي سواعد ابناء موريتانيا و عقولهم  ويخلق فرص عمل لها القابلية علي امتصاص اكبر كم من البطالة في الاوساط الاجتماعية الهشة ومن خلال السياسات الداعمة و الدعوات المتكررة بضرورة الاهتمام والاقبال الواسع من المواطنين صوب حقول الإنتاج الزراعية باعتبارها الضامن الوحيد لتجاوز هكذا ازمات غذائية .
بالاضافة الي استثمارات رجال الاعمال وما تخلق من فرص عمل و ضرورة مساهمتهم  الوطنية في الحد من ارتفاع الاسعار عبر تقليص هامش الربح .
كما تعتبر مضامين خطاب رئيس الجمهورية علي هامش مهرجان مدائن التراث نسخة وادان الاخيرة خطوة شجاعة في الاتجاه الصحيح لتأسيس مجتمع متماسك متصالح مع ذاته .
كما ان مضامين خطاب عيد الاستقلال هي الاخري تبنت مقاربة وطنية في مجال الحوكمة و محاربة الفساد حيث شدد رئيس الجمهورية في اكثر من مرة علي ان الفساد داء عضال و علي ان موارد البلد المحددة لا يمكن ان تصرف في غير ما رصدت له وان الدولة لن توفر الغطاء علي اي مفسد مهما كان ،الا ان محاربتها للفساد تبتعد عن الطرق الاستعراضية و ان الفاعلية تنافي الضجيج في احيان كثيرة و ان تسييس القضايا الفنية مضر بالدول و المجتمعات .
مما جعل هذه المقاربة تعتمد رؤية شاملة ترتكز علي محددات اساسية منها : ‐
‐ خلق ارادة سياسية حقيقية 
‐ تكريس مبدأ فصل السلطات وذلك بمنح السلطات القضائية و الرقابية  كامل استقلاليتها في حماية المال العام وفق الضوابط القانونية المعمول بها .
‐ تفعيل الهيئات الرقابية التي تمتلك السلطة التنفيذية حق الوصاية عليها كهيئات التفتيش الداخلية ..الخ
وقد تجسدت هذه الاسترتيجية جليا في الاجراءات المتخذة اخيرا في شأن نقل الوصاية علي مفتشية الدولة الي رئاسة الجمهورية مباشرة .
وما تلاها لاحقا من تجريد اشخاص من مناصبهم  واقالات بالجملة اثر تقارير فساد في مفاصل مختلفة من الدولة دون ايما اثارة او تذمر .
لكن بالمقابل وفي ظل الرغبة الواسعة في التغيير المنشود جاءت تشكلة  الحكومة الثالثة من عمر مأمورية رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني عكس التوقعات ودن المستوي المطلوب داخل الاوساط الاجتماعية ومخيبة لامال البعض وعدم  تقبله لقطيعة النظام مع ارهاصات الماضي .
في اطار تبنينا وتقاطعنا  مع الاسترتيجيات الوطنية الرامية الي الاصلاح الشامل  والنهوض بالبلاد و العباد الي بر الأمان من خلال مكافحة الفساد.
اقترح جملة من الاجراءات والاليات من بين اخري ستساهم لا محالة في الحد من مخاطر هذه الظاهرة .
1‐ ادماج المحافظة علي المال العام و والالتزام بمصلحة الشعب والدولة الموريتانية في التربية المدرسية.
2 ‐ خلق الوعي لدي المجتمع بمخاطر الفساد علي الانسجام الاجتماعي و اهداف التنمية .
3  - الاهتمام بالموارد البشرية والاستثمار في العنصر البشري و تحسين الاوضاع المادية و المعنوية لكافة موظفي القطاعات العمومية .
4 - الاقلاع التام عن توظيف و تدوير المفسدين واعادة التدوير العائلي و القبلي .
5 ‐ ضرورة استغلال كل المنابر الاعلامية والدينية في التوعية و التنوير بمخاطر الفساد .
6 ‐ العمل علي توجيه منظمات المجتمع المدني و المدونين  الي محاربة الفساد وخلق رأي عام يهتم بحماية المال العام ،
7 ‐ عدالة اجتماعية تشمل الجميع .
وفي الأخير يبقي المؤشر الوحيد القوي لمدركات الفساد هو المقاربة القائمة علي ( دولة غنية بتنوع مصادرها الطبيعية وشعب فقير....) .
حفظ الله موريتانيا من كل سوء فساد .

 

13. يونيو 2022 - 20:19

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا