حرب عبثية لعلها شكل من الترفيه الموغل في الأنانية والإنتصار للذاتية الى حد الجنون، وتكريس للمناطقية، وإن بشكل مؤقت، فالكل محشور في العاصمة نواكشوط.
من بوادر حرب الجمال العبثية:
خريف الشرق أجمل من خريف الجنوب!
وخريف الجنوب أجمل من خريف الشرق!
وخريف الشمال لا يماثل سواه!
لئن منحت الطبيعة جمالها، للشرق وللجنوب والشمال والوسط، فإن ساكني هذه الربوع، لم يستثمروا هذا الجمال وفق ماهو مطلوب مثلما استثمرت دول أخرى مناظرها الطبيعة، استثمارا يليق بها، فحولتها الى رافعات إقتصادية، ودورا للمعرفة.
السياحة في موريتانيا مازالت في طور النشء، ولولا عالم السوشا ميديا، لما عرفت أية منطقة، حتى وزارة التجارة والسياحة عجزت أن تخلق من البلاد وجهة سياحية، رغم وجود مناطق قابلة للإستثمار في السياحة صالحة لأماكن الديكور، في عالم السينماء، فلا، رجال أعمال ولاية العصابة شيدوا الابراج على بحيرة كانكوصة، بالتعاون مع وزارة التجارة والسياحة ولا رجال أعمال اترارزة شيدوا مدنا عند دلتا النهر والمحيط ،ولا رجال أعمال آدرار وتكانت ونواذيبو أقاموا سوتشات، ونيومات، على مشارف الواحات.
لما ضاقت المدن، الكبرى،واختنق سكانها جراء التلوث، أصبحت دول العالم في سباق محموم، تتنافس وبشكل متسارع في صناعة المدن الذكية، وتحول عواصمها أحيانا في أقل من عشر سنوات، ففي السعودية، شيدت مدينة نيوم في أقل من خمس سنوات، وهي تحفة معمارية في غاية الروعة والجمال، وفي مصر شيدت العاصمة الإدارية الجديدة، في سنوات خمس، وفي روسيا صنعت سوتشي في غضون أربع سنوات، وفي قطر، صنعت مدن بذات الفترة، وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، لم يعد النفط هو المصدر الأول للدخل القومي، أما في لؤلؤة الشرق الأوسط لبنان، وأم الدنيا، وتركيا، فإن السياحة هي المصدر الأقتصادي الأول، وكذلك الحال في بلدان مغاربية كالمملكة المغربية وتونس...
إننا نتألم ،ونحزن، ولكننا، نؤمن بإرادة الخالق، أن أرادنا أن نعيش هنا نضيع كل فرص التمكن والعطاء، ونتعذب أكثر بإنتصارات الآخرين، من حوالينا، وممن تجمعنا معهم قيم الدين والمثل الإنسانية العليا.
في بداية ثمانينيات القرن الماضي غرف كويتي، غرفة بيده من نهر السنغال وهو في عبارة روصو،هز رأسه وحزن حزنا شديدا، فقال له مرافقه مالك تهزرأسك ؟
فقال: كيف لدولة لها نهر تعتمد على الآخرين!!! فكادت دموع رفيقه تسيل!!!
كم من برج سياحي على نهر النيل في مصر، ، وكم من مدينة سياحية على نهيرات أخرى؟
أن نكتب عن السياحة، يعني ذلك أن نكتب عن الإخفاقات، عن الفشل، عن العجز والخمول، عن الفساد والمفسدين، عن التقصير، وعدم الإرادة والكفاءة اللازمة...
في احدى جولات معاوية الكرنفالية، حط الرحال بكانكوصة ملتقى لمسيلة والتلال والجبال الشاهقة، ورافد من روافد نهر السنغال عبر وادي كاراكورو ،ألمح له الخبراء أن بحيرة كانكوصة، يمكن أن تغذي البلاد بالخضروات، فدعا الساكنة الى التوجه لزراعة الخضروات، لكن،ذلك التوجه لا يعدو كونه صيحة في واد، صفق له وتفاعلوا معه كما هو شأن خطابات من بعده وقبله، ويبقى الحال كما هو، تردي وتعلق وفقر مدقع تخطه الصور قبل أنامل الكتاب والمتخصصين.
نعم، موريتانيا بلد سياحي، وواعد إقتصاديا،، لكن، تردي،معطيات البرامج، وتفشي ظاهرة الإختلاس والقرابة والزبونية و الغبن، كلها عوامل مقيدة للتقدم والرفاه، وما أصاب قطاع السياحة من معوقات، هو نفس الإختلالات التي قوضت تحسن المواصلات ،والزراعة والصحة والطير اللا من فركو، للأسف على الرغم من مرور 62عاما لايوجد صرفي صحي في أية مدينة من مدن البلاد فيتحول فرح الناس بموسم الخريف الى ألم وحسرة في روصو ووادان وأكجوجت وسيلبابي والنعمة وتجكجكة وألاك والطينطان وشنقيط وسيلبابي،أما الظلام فإنه جزء من اليوميات، في الوقت الذي قيل فيه أن عهد الإنقطاعات قد ولى، السياحة والظلمة، والطين و في المدن، والأوحال في الطرقات والشوارع، مواد منفرة وتعطي صورة قاتمة للمشهد تغلب كفة الإخفاق على كفة النجاح وهذا يكفي من الأدلة المادية.
تناغمت الثروات والطبيعة، وقصرت المنظومة الحاكمة، وعجزت، ولما تسلك السبيل الذي تسلقت به شعوب أخرى مدارب التألق والنجاح والحضور في المراتب العليا من سلالم التقدم والرخاء،لقد أعطى البحر، وأعطت الصحاري، وأعطت السهول، وأعطت الواحات، و لكن.......السياسات العرجاء حالت دون استثمار هذا العطاء بشكل جدي يضمن العيش الكريم لساكنة هي الأقل في شبه المنطقة.
السياحة، ركن جوهري ،في التنمية في العصر الحديث، و تختلف الدول في الوجهات السياحية حسب تطور قطاع الخدمات،وهذه هي المعضلة التي تواجه السياحة في موريتانيا.