" يعاقب القانون كل دعاية إقليمية ذات طابع عنصري أو عرقي "
المادة الأولى من الباب الأول من دستور الجمهورية الإسلامية الموريتانية
يمكن لحملة مغالطة إخفاء مجهود صادق، وصرف الأنظار بصفة مؤقتة عن المسار الطبيعي للأحداث في صمت غير معلن أمام الخطر المحدق. لإعفاء بهيمة الرعب، من المهم الوقوف على حيثيات صناعته لنزع فتيل الشر المستلقي على هامات صوابنا والتخلص بثقة هادئة من الدمى الضالعة في تصور وتوزيع الكراهية بسخاء على راحات السكينة.
اعتبرت JeuneAfrique، في نسخة الثاني و العشرين يونيو 2019، خطاب رئيسIRA، " عدوانيا" ضد العرب في موريتانيا، ونسبت له تأكيده وتبنيه النهج العدواني واعتباره " الحرب الناجعة"، مشيرا إلى أنه في مأمن دعم وحماية المنظمات الغربية.
لا يعرف لرئيس IRA من نشاط سياسي موثق قبل ترشحه للرئاسيات، خارج حراك "المبادرات" الداعمة للحزب الجمهوري الديمقراطي الاجتماعي الحاكم في عهد الرئيس معاوية ولد سيد أحمد الطائع.
في وقت سابق، أثنى رئيس IRA على شخص الرئيس ولد الطائع ووصفه بصاحب" المشروع الديمقراطي العملاق"، وشجب المحاولات الإنقلابية ضد نظامه، واعتبر معارضيه مجرد " قوى الشر"، الساعية إلى " الانقلاب ضد الديمقراطية والشعب الموريتاني"، حسب بيان حمل توقيعه كرئيس "مبادرة الدفاع عن المكتسبات الديمقراطية/حركة المواطن"، في الخامس عشر أغسطس 2004.
وصف كذلك رئيس IRA المعارضة آنذاك بقوى الشر المروجة "للعنف الأعمى والهدام ضد المشروع الديمقراطي العملاق الذي يقوده الرئيس معاوية ولد سيد أحمد الطائع"، داعيا الموريتانيين "للقيام بوثبة للدفاع عن الوطن الذي يوجد في خطر".
لاحقا، دعا رئيس IRA إلى "مقاومة شاملة في الشوارع و أمام المباني العمومية؛ تعيق نشاط الدولة والمجتمع". وأضاف في تسجيل صوتي باللغة الفرنسية بثته RFI فجر الثامن عشر يونيو 2019، أن "قوانين الدولة الموريتانية ترهب المواطنين وتستمر في ترويعهم"، مؤكدا بنبرة محرضة أن "قوانين الإرهابيين هي المطبقة في دستورنا ضد حرية المعتقد والحرية الدينية". وقال إن أولوية الأولويات بالنسبة له تسوية ملف "الإبادة الجماعية التي تعرض لها الزنوج في موريتانيا".
قالت وكالة الأنباء الصينية إن رئيس IRA "واجه صعوبة كبيرة في الحصول على تزكية المستشارين البلديين والمنتخبين المحليين"، وأضافت نفس البرقية الصادرة في العاشر إبريل 2019، إنه "يحتاج إلى تزكية منتخبي السلطة".
اتهم عشرات العمد والمستشارين في الحوض الشرقي وكوركول والبراكنه، رئيس IRA بتزوير توقيعاتهم لتزكية ملف الترشح لرئاسيات 2019، ملوحين بمقاضاته، لكن لجنة تسيير حزب الاتحاد من أجل الجمهورية طالبت من عمد ومستشاري الحزب الذين تم استخدام توقيعاتهم دون علمهم "عدم التصعيد أو اللجوء للقضاء"، وبررت القيادة المؤقتة للحزب الحاكم تدخلها بأن "مصلحة العملية السياسية بالبلد تقتضيه".
وكشفت كذلك صحيفة "اندبندنت عربية"، في الثامن مايو 2019، عن مساهمة حزب معارض في تزكية ترشح رئيس IRA، وقالت إنه، "حصل على دعم خاص من حزب تواصل الذي أمر مستشارين بأن يوفروا له عدداً كبيراً من التزكيات".
كشف مركز البحث الدولي Observatoire du monde arabo-musulman et du Sahel في تقرير استراتيجي صدر العشرين مايو 2019 وقوف النظام السابق خلف ترشح رئيس IRA، " في العام 2014 ، كان النظام ، الذي سعى إلى تقليل آثار مقاطعة المعارضة ، قد ساعد (..) على تجاوز عقبة التزكية وإحاطته بالرعاية المطلوبة ومنحه الموارد المالية لحملته".
نقلت يومية La Croix الفرنسية في الحادي والثلاثين دجمبر 2014 عن قياديين في المعارضة الموريتانية ومصادر دبلوماسية أوروبية، أن رئيس IRA، " يتم استغلاله من قبل النظام"، وأضافت، أنه " يحتاج إلى شخصية معارضة ذات مصداقية (..) فقد سمح له بالترشح للرئاسة في يونيو الماضي، عندما أجمعت المعارضة على مقاطعة الانتخابات(..) من خلال إيداعه السجن، ومنحه مصداقية الخصم المقنع ".
قال موقع " الأخبار"، في السابع عشر يونيو 2019، إن رئيس IRA، " تحدث يناير الماضي عن لقاءين سريين جمعاه مع الرئيس السابق"، وأنه كلفه " بالقيام بأدوار سياسية في العام 2008 رفضها بقوة مسعود ولد بلخير، وبيجل ولد هميد"، وأضاف موقع الأخبار في نفس المنشور، "وفي 2014 تقدم للسباق الرئاسي، ونال تزكية العشرات من منتخبي حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، كما نال دعما ماليا معتبرا".
وفاء لرغبة دوائر الدعم خارج الحدود، تضمن البرنامج الانتخابي لرئيس IRA في رئاسيات 2019، تبني الحق في "حرية المعتقد والدين"، كحقوق طبيعة للموريتانيين، إضافة إلى "حرية اعتناق و ممارسة الدين الذي نختاره أو عدم التمسك بأي عقيدة أو دين". أخرج نفس البرنامج الانتخاي المنشور بلغة فرنسية شاب سبكها اعتباط الأخطاء الإملائية، أخرج موريتانيا من العالم الإسلامي وجعل من انتمائها العربي ثانويا، حيث اعتبرها "عضوا في الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية"، فقط. أفرد كذلك بندا لما أطلق عليه " اغتيالات الزنوج (1989-1991)"، واعتبره " الغاية الوحيدة"، التي ينوي لبلوغها تطبيق " العدالة الانتقالية" حسب معايير الدول التي عرفت تمييزا عنصريا مؤسسيا.
على مستوى الوحدة الوطنية وعد رئيس IRA بإطلاق "مشروع للعيش المشترك يلغي المبررات التاريخية والاعتدال والتدين"، حسب تسجيل صوتي بثته RFI في السادس والعشرين مارس 2019.
وفي تصريح لوكالة IRIN الإنسانية، الثاني عشر يونيو 2014 قال رئيس IRA: "ترشحي لمواجهة عنصرية الدولة التي بلغت ذروتها، حيث لا يملك السود الحقوق ذاتها التي يتمتع بها العرب".
رصدت "العربي الجديد" اللندنية، في السابع والعشرين يونيو 2014، تصويت نشطاء FLAM لرئيس IRA، "حصل في مقاطعة السبخة، وهي معقل تقليدي لشريحة الزنوج، على المرتبة الثانية، كما نافس المرشح إبراهيما مختار صار في معقله".
وذكرت كذلك برقية لوكالة أنباء الشرق الأوسط صادرة في الخامس عشر مارس 2014 أنه " اختار الجنوب لإعلان ترشحه بشكل رسمي للانتخابات الرئاسية، لأنها مسقط رأسه"، مؤكدة في الوقت ذاته "ضعف مستوى حضور المهرجان"، بسبب حدوث انشقاقات في صفوف الحركة بعد اعتباره " متهورا ".
أطلقت FLAM في الثاني من مايو 2014 مبادرة سياسية " الاتحاد المقدس"، لدعم ترشح رئيس IRA عبر نداء وقعته أكثر من مائة شخص من قياداتها ومنتسبيها الذين أوكلت إليهم المناصب المحورية والحساسة للحملة في الداخل والخارج، خصوصا الخطاب السياسي والصورة الإعلامية وتحصيل الموارد من خلال استلام " ضريبة ثورية" من كافة منتسبي FLAM عبر العالم.
حرض النداء على الانتفاض في مواجهة دولة " التمييز ضد الزنوج"، في حل من تاريخ التعايش وأواصر الوحدة بين الشعب الموريتاني، الذي يحملون "التاريخ الإجرامي" للعرب عدم تجانسه، بغطرسة "غارات الماضي التي أصبح من خلالها إخواننا حراطين"، عبر مسخ لهويتهم الأصلية من بين "الفولان، السوننكي ، البامبارا ، أو الولوف ، وتحويلهم إلى سلالات هجينة". بلغ العنف موطئ السخرية من الهوية الجامعة التي يعتبرونها مجرد إلاكة " أهازيج عروبية لا يمكن تبريرها خارج حبال الاسترقاق المشدودة لتمزيقهم بعد انتزاعهم من الحضن الثقافي لمواطنهم الأصلية في والو وكيدي ماغه و افوتا"، مطالبين بالتحرك والرد على " انتهاكات الماضي التي لم يطلها بعد العقاب".
ناشدت FLAM عبر نداء " الاتحاد المقدس" قادة الأحزاب والمنظمات العرقية دعم مرشح IRA لضمان " زعزعة الأسس العنصرية" للجمهورية الإسلامية الموريتانية. مع التنويه بدور FLAM التاريخي والمنظمات المحسوبة عليها في " تدويل نضال الزنوج بثبات ملحوظ وتحقيق أمجاد حاسمة في مشروع التحريرالنبيل"، والاصطفاف خلف رئيس IRA الذي " يوحد كل إحباطاتنا مفسحا لأمل جديد".
اتهمت IRA الدولة الموريتانية بخرق القانون الدولي للأقليات الجنسية، و طالبت باحترام حقوق المثليين وضمان كرامتهم كأقلية مضطهدة في موريتانيا، كما نددت بمناهضة زواج أشخاص من نفس الجنس، خصوصا "السخط الجماعي والتعبير عن الاشمئزاز والدعوات إلى كراهية المثليين". وشجبت IRA بشدة أشكال " الإذلال "، الذي تعرض الشرطة له المثليين والمخنثين في موريتانيا، واعتبارعم "جانحين" وتعريضهم لأقسى العقوبات، مع التشهير بمفوض شرطة وذكره بالاسم. واعتذرت IRA في بيان صدر في السادس فبراير 2020، عن عرض صور إهانة المثليين، وأضافت " لدواعي احترام كرامة الفرد والتشبث بالقيم الأخلاقية ، نمتنع عن نشر مثل هذه الوثائق".
استهجنت IRA في نفس البيان حكم الغرفة الجنائية بمحكمة نواكشوط الغربية في قضية أخلاقية وسخرت من تجريم "مخالفة تعاليم الدين الإسلامي"، واعتبرت ترحيل مواطنين سنغاليين بعد اكتمال فترة العقوبة تمييزا عنصريا و " عقوبة مضاعفة للسود والمثليين".
وأعلنت IRA نبذها "الطبيعة التمييزية للحكم" رافضة تجريم المثلية و "معاقبة مثل هذه المظالم بطبيعتها غير العنيفة"، وحملت الدولة والمشرع والنظام القضائي في موريتانيا مسؤولية "خرق القانون الدولي للأقليات". وحذرت السلطات الموريتانية من استهداف المثليين، مشددة على أن تعرض "أي مواطن أو أجنبي لإجراء قمعي سيتم دفع ثمنه ، عاجلا أم آجلا".
ورأت IRA في تجريم الشذوذ والممارسات المثلية، " تأكيدا لسادية الانتقام و تملق غريزة القطيع وتعصب الحشد ، كمتنفس لإفلاس مجتمع يوفر الحصانة من القانون ، و يمنح اللامساواة في القدر ويرسي دونية السود في موريتانيا".
يردد رئيس IRA، وينقل عنه الإعلام الدولي منذ بضع سنين تربع موريتانيا على "صدارة الدول الاستعبادية بخضوع 4٪ من الموريتانيين للعبودية"، ويواصل بحماس التشهير، بتهديد اللحمة وتلطيخ سمعة البلد، في مغالطة انتقائية تقتصر على الأغلبية العربية، تربك مسيرة المساواة وترتهن كرامة وأمن الشعب الموريتاني، عبر تحريف وتوجيه تقارير Walk Free الأسترالية.
خلافا لما روجت له IRA دون معترض ولا حتى معقب، قالت المنظمة الأسترالية إن تصنيفها "يعكس انتشار العبودية المعاصرة في موريتانيا"، و اعترفت بالتقدم الحاصل في مجال محاربة الاسترقاق، خصوصا "التحسينات التي أدخلت على القانون بالسماح لطرف ثالث برفع دعوى نيابة عن ضحايا العبودية وإنشاء محاكم خاصة للتحقيق في الجرائم المتعلقة بالرق".
استخدمت Walk Free ثلاثة مؤشرات لتقدير ورسم خرائط للاتجار بالبشر حول العالم، من خلال تقدير جزافي لانتشار الاتجار بالبشر عبر الهجرة السرية وزواج الأطفال القصر. حيث صنف "مؤشر العبودية المعاصرة الشامل" الذي استحدثته، موريتانيا في المرتبة الثامنة عربيا على قائمة الدول التي تمارس نوعا من أنواع العبودية المعاصرة المرتبطة بممارسات الزواج القسري و ارتهان الديون.
اعترفت كذلك منظمة Walk Free الأسترالية أن جميع بلدان العالم بما فيها أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية تعتبر "موطنا للعبودية المعاصرة والتسخير والعمل القسري"، مؤكدة أن تقييمها اعتمد بصفة حصرية "أرقاما مأخوذة من مسح منظمة العمل الدولية والمنظمة الدولية للهجرة".
تعتمد Walk Free منهجية تقوم على جرد ضحايا إخفاقات التنمية بدل الضحايا التاريخيين للاسترقاق، " مقاييس الهشاشة، تحليل ردود الحكومات، خريطة الفقر لدول G20، تحليل عوامل الخطر في قطاع الصيد".
مر استغلال التصنيف المفرط من طرف IRA دون أبسط تدخل حكومي على مستوى قطاع حقوق الإنسان في موريتانيا، خلافا لبعض الدول الأوربية والعربية التي نشرت توضيحات موثقة اعتمدتها المنظمة الأسترالية لكبح الشطط الإعلامي الذي تعرضت له البلدان.
وفي تلميح لافتقار التصنيف للموضوعية وخلفيته السياسية الموجهة، ضمنت أسبوعية Le Point الفرنسية في التاسع عشر أغسطس 2015، خلفية تغطيتها للحدث، " في موريتانيا ، لا يمكن لأي أحد ادعاء قدرته على تحديد عدد الضحايا"، ملفتة على "وجود ممارسات الاسترقاق في جميع طبقات المجتمع الموريتاني مع تسلسل هرمي معقد ومتغير ، يتمحور حول المجموعات العرقية والقبائل".
كما نقلت AFP في التاسع عشر أغسطس 2015 عن الوزير السابق الشيخ أحمد ولد الزحاف، تفنيده للتصنيف الجائر وسخريته من عدم تماسك المنطق المعتمد من طرف IRA و شركائها في التشهير بموريتانيا، "الرقم لا معنى له، لأنه لا يوجد في موريتانيا عبيد يمكن نسبتهم وتعدادهم انطلاقا من استيلاء الإنسان على الإنسان"، مؤكدا أن الأمر يتعلق بمجرد، " مخلفات وبقايا من الماضي ، تم تحديدها وتجري مكافحتها ".
حتى بعض الأوساط الحقوقية الراديكالية لم تتكتم على تحفظها التام حول مصداقية التصنيف، حيث نسبت نفس برقية فرانس برس لرئيسة الجمعية الموريتانية لحقوق الإنسان المحامية امباي فاتمتا أنه "لا وجود لإحصائيات"، مرتبطة بالعبودية في موريتانيا.
عندما تستل "البرامج" من زبد التجريد عتمة الطرح، و من النثريات مطابقة الانتحال ومن حياة الناس وعثاء التغيير؛ تصبح مجرد عرض عابر لطحين سموم حياة الأمم مقابل الشهرة خارج تاريخ وجغرافيا المجتمع نفسه وتخمة ثريد مفتت على جغرافية طوى الجلمود. يضيع الناس في تفاصيل تدابير لاتعني أحدا خارج اهتمامات هاوي المصارعة الذي يخلد اضمحلالا دون أثر على عالم الأفكار وزخرف القيم، ليكتشف المتحمسون للإغفاء الجماعي أن "النهيق" ينال من كبرياء سكينتهم وعطاء مودتهم وشرف وطنهم.