في دولة من دول العالم الثالث كدولتا، ذات الهرم العريض القاعدة الدقيق القمة، الذي يعبر عن انتشار الفئة الشبابية بإعتبار معيار السن، و قلة الطبقة الغنية و كثرة الفقراء و الطبقة الوسطى بإعتبار المعيار الإقتصادي.
في مثل تلك البلدان، يكاد لا يجد الإنصاف من يصغي إليه أحرى أن يتبناه، و يجعله شعارا لحزب هو الحاكم.
أثار إنتباهي تغيير تسمية الحزب الحاكم إلى مجرد كلمة واحدة لا قبل لها و لا بعد.
تساءلت ما المقصود بالإنصاف كعنوان لحزب هو المهيمن على الساحة السياسية؟!
هل المقصود أن السياسة في البلد يراد لها ان تأخذ مسارا منصفا يلامس تطلعات الشباب و يأخذ بعين الإعتبار كل الإتجاهات و التوجهات و يضع كل لبنة في مكانها المناسب.
أم أن المقصود هو أن ذلك الهرم التراتبي الذي تعتلي رأسه طبقة جعلت نفسها هي الوطن و غيرها مجرد أتباع، سيتم تغيير شكله لتكون قمته عريضة نوعا ما، و يُدفع بمن هم في القاعدة إلى أعلى إنصافا لهم كمواطنين.
أم أن لإنصاف يعني العدالة بمفهومها الأشمل، فيكون شعارا تستوي عليه البلاد قائمة، و تأخذ القضايا الشائكة مسارا منتظما، يتسم بالعدل و المساوات؛ فالعدل هو أساس الحكم.
أم يقصد بالإنصاف، تعاضد القاعدة و القادة حول بناء الوطن، فينصف المحكوم الحاكم بأخذ العذر فيما تعذر، و ينصف الحاكم الشعب حين يضيق بهم الحال ذرعا و لا يملكون الى التظاهر تعبيرا عن ما لحقهم من ضيق فيوفيهم حقهم.
أم أن الإنصاف، هو دعوة عامة لإشراك الجميع في العملية الإصلاحية، و أن ينصف كل أخ أخاه من خلال بذل المستطاع في سبيل تغيير حاله للأحسن، قبل أن يبدأ انتقاد الآخر، فيسد كل فرد ثغرته، و بذلك تتحقق التنمية و الإصلاح.
أم ان الإنصاف هو كل ذلك و أكثر.
إن ظهور كلمة الإنصاف فجأة، لتكون شعار و إسم الحزب الحاكم، هو بداية لمرحلة جديدة، و رسالة قوية تتجاوز معنى الكلمة و دلالاتها.
لن نتأثر لمجرد تغيير إسم حزب، فقد مللنا الأسماء و الألوان المتغيرة. و بتنا لا نهتم بالشعارات.
لكننا سنتأثر و نتألم كثيرا، حينما يغيب الإنصاف، و يغيب العدل، و تغيب التنمية، و يظل ساستنا يركضون وراء الأسماء و يصفقون لصدى حروفها دون أن يأخذوها مأخذ الجد و ينتبهوا لمقاصدها، و يغيروا من أنفسهم إلى الأفضل.
سننصف من يرفع شعار الإنصاف ليرفع به المستوى المعيشي للمواطن، و يقيم به العدالة و الإنصاف و يدعم به التنمية و البناء.
لكن سنبقى نفتقد الإنصاف حين نراه مكتوبا على الورق و لا نجد له أثرا على الواقع.
فليستشعر الذين يرفعون شعار الإنصاف أن أمامهم تحديا كبيرا، قد لا ينصفهم الغير في تحمله، لكنه سيجد فوائد و ثمار تطبيقه إن هم فعلا حققوه على أرض الواقع.
و ليتهم يراجعوا تلك الكلمة جيدا، و يقفوا عند كل حرف من حروفها حتى يمكنهم قراءتها بإنصاف و تطبيقها بإنصاف.
بقلم: القصطلاني إبراهيم