بما أن الوضع لم يختلف كثيرا عن العام الماضي - حيث انتقل عدد المترشحين من 46587 طالبا العام الماضي، إلى 47251 طالبا هذا العام؛ ونسبة النجاح من 8،44% العام الماضي إلى 12،60% هذا العام، أعيد لكم نشر مقال كتبته العام الماضي عقب إعلان نتائج الباكالوريا للسنة الدراسية 2020-2021، وبالتحديد يوم 21 أغسطس 2021.
فيما يلي نص مقال "المسكوت عنه في نتائج الباكالوريا":
"ضجت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية التي أعقبت إعلان وزارة التهذيب الوطني وإصلاح النظام التعليمي نتائج الباكالوريا للسنة الدراسية 2020-2021 بالمباركة والاحتفاء بالناجحين، دون أي حديث أو تساؤل عن مصير غير الناجحين، وواقع أسرهم التي لا تتفطر أكبادها خوفا على مصير أبنائها فحسب؛ بقدر ما تنوء كواهلها بأعباء دراستهم.
بالمناسبة نبارك لكل الناجحين، ونتمنى التوفيق لهم في مسارهم التعليمي، وللمتأهلين للدورة التكميلية، وحظ أوفر في الدورات القادمة لمن لم يحالفهم الآن.
ترشح لامتحان الباكالوريا هذا العام 46587 طالبا، نجح منهم في الدورة العادية 3742 طالبا؛ أي نسبة 8% فقط؛ وتأهلت 3051 طالبا للدورة التكميلية، أي نسبة 7%، فيما رسبت 36790 طالبا، أي نسبة 83%، وأقصيت 767 بسبب الإختلاس، أي نسبة 2%، وغابت 2237 مترشحا عن الامتحان، أي نسبة 5%.
وهذا يعني أن 36790 طالبا لو افترضنا جدلا أن كل المتأهلين للدورة التكميلية ناجحين؛ أمام خيارين؛ أحدهما ترفا بالنسبة لكثير منهم، لعدم استجابته لمعايير الإعادة:
1. الانفصال عن الدراسة والنزول للشارع...
2. الترشح للبكالوريا السنة المقبلة مع عدم ضمان التجاوز...
الخيار الأول ليس خيارا وجميعكم تعرفون عواقبه؛ أما الثاني فيعني:
ا- ضياع سنة أخرى من حياته.
ب- تحمل أعباء اقتصادية كبيرة، لايستطيع أغلب أسر الراسبين تحملها.
فلو افترضنا على سبيل المثال لا الحصر؛ أن طالبا في مدرسة نظامية يحتاج إلى 200 أوقية قديمة على الأقل يوميا للنقل ذهابا وإيابا طوال السنة الدراسية (9 أشهر) فهذا يعني: 200x30x9=54.000 أوقية قديمة للنقل فقط.
وإذا كان في مدرسة خصوصية فتنضاف إلى ذلك رسوم المقعد؛ وتتراوح الأخيرة في أحسن الأحوال ما بين 15000 و30000 أوقية قديمة شهريا وقد تزيد على ذلك؛ وهذا يعني:
- في الحالة الأولى: 15000x9+54000=189.000 أوقية قديمة للنقل وإيجار المقعد.
- في الحالة الثانية: 30000x9+54.000=324.000 أوقية قديمة للنقل وإيجار المقعد.
أما الفطور والملابس والأدوات المدرسية ورسوم ساعات التقوية - إن وجدت - فلكم تقديرها.
يستخلص مما سبق أن هذه 36790 شابا وشابة الذين لم يحالفهم الحظ الآن، وترشهم جميعا للسنة المقبلة، مع أنها ترف لبعضهم؛ سيكلفون أسرهم - اقتصاديا - دون احتساب الفطور والملابس والأدوات المدرسية ورسوم ساعات التقوية - إن وجدت - مايلي:
1. المدارس النظامية: 54.000x36790=1.986.660.000 أوقية قديمة.
2. المدارس الخصوصية - الفئة: ب: 189.000x36790=6.953.310.000 أوقية قديمة.
3. المدارس الخصوصية - الفئة:أ: 324.000x36790=11.919.960.000 أوقية قديمة.
وهذا طبعا كما أسلفت دون الفطور والملابس والأدوات المدرسية ورسوم ساعات التقوية - إن وجدت - وقس ما لم يقل.
هذه الأرقام ليست رمز تعبئة رصيد؛ ولا رقم إتصال دولي؛ ولاحتى ميزانية وزارة التهذيب الوطني؛ بل رسوم دراسة 36790 طالبا من أبناء الأسر الهشة لعام واحد فقط؛ قد يؤول إلى ما آل إليه سابقه؛ وقد تكون الوضعية الاقتصادية والاجتماعية لهذه الأسر الكريمة هي ما أدت بأبنائها لعدم النجاح في الباكالوريا؛ بعد مسار دام 13 عاما من الترحال بين مراحل التعليم - على أقل تقدير - على الأرجح لم تكن أقل تكلفة من العام المعاد.
فبربكم ألا تستحق هذه الخلاصة التساؤل عن الأسباب الكامنة وراء عدم نجاح هؤلاء..! أهي هشاشة الوضعية الاقتصادية لأسرهم؟ أم تردي الظروف المعيشة للمدرسين؟ أم هي هشاشة البنية التربوية؟ أم ضبابية البرامج التدريسية؟ أم ضعف مستويات المدرسين؟ أم تقاعس الأسرة عن دورها المحوري في العملية التربوية ؟ أم سوء التصحيح؟ أم كل ماسبق؟
ومن المسؤول؟ وما الحل؟ وإلى متى ستظل تترشح كل عام للبكالوريا زهاء 50 ألفًا ويكون مصير المحظوظين من 90% منها الإعادة؟"