تعجبني تلك الرتابة وذلك الهدوء والسكينة بل تعجبني سياسة الانسجام والواقعية التي تبنتها أحزابنا السياسة بأعجوبة ! ولعل
توأدة فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني وهدوءه كانا وراء ذلك فأغلب نخبنا السياسية كانت منسجمة أو متعاطفة مع
النظام إلى عهد قريب !!! يا ترى ما السر في ذلك ؟وهل سيستمر؟ وإلى متى؟ وما هي طبيعة الحراك الذي بدأ يطفو على
السطح ؟و هل حان وقت النزال ؟؟؟ أخي القارئ أرجو أن لاتكلفني عناء الأجوبة على التساؤلات الآنفة فأنا مواطن بسيط أراقب
من الخارج ولا أستطيع الغوص في الأعماق بل أحلل انطلاقا من تجليات الأحداث ومآلاتها أما التفاصيل فهي من أختصاص
المراقب الداخلي فهو الوحيد الذي يعرف كلمة السر وفك الشفرة الأمنية ، غاية الأمر عندي أن يستمر ذلك الهدوء والسكينة على
نحو يحمي وحدتنا الوطنية وتماسك نسيجنا الاجتماعي المتآكل من الداخل والمستهدف من طرف أعداء الوطن في ظل أزمة
اقتصادية عالمية تلوح ملامحها في الأفق وتلقي بظلالها على طبيعة العلاقة بيننا والكبار ،فنحن مرغمون على أخذ القرار إذ
لاتوجد منطقة وسطى مابين الجنة والنار.
وحتى لا نكون خارج السياق يجب أن نرمم كياننا من الداخل على جناح السرعة وفقا للنظم والقوانين المعمول بها وبكل
صرامة ولا نترك منفذا لمن يترصدنا فهم يستفيدون من تشرذمنا بل يسعون إليه لأن ذلك يزيد من مؤشر نجاحاتهم لذا يجب أن
نكون حذرين ومتماسكين كي لايتم اختراقنا .
وليس تجاوب معظم أطيافنا السياسية مع طرح وزارة الداخلية الأخير في تنظيم الإنتخابات إلا نضجا منهم وفهما لحساسية
المرحلة وتناغما مع مايمليه الواقع وتتطلبه سياسة الهدوء التي تبناها النظام.
ومن باب الإنصاف يجب إعطاء الوقت الكافي للقائمين على الشأن العام لتنقية الدولة من المفسدين ولن يتم ذلك إلا بإجراء
عمليات قيصرية دقيقة ومعقدة لاجتثاثهم بفنية وتقنية عالية تحافظ على السير المضطرد للمرافق العمومية وعلى السلم الأهلي
وتغليب المصلحة العامة على العواطف و المصالح الضيقة الرخيصة.
إن تداعيات الأزمة الأوكرانية وصراع الكبار ومخلفات كورونا أمور من ضمن أخرى لامحالة ستكتوي بنيرانها كل دول العالم
وحتى نخفف من الأضرار الناجمة عن تلك التداعيات لابد من احتساء جرعة زائدة من الواقعية و استحضار أننا مستوردون
بالدرجة الأولى وإنتاجنا لايزال محدودا لذا لابد أن يشكل ذلك بالنسبة لنا دافعا باتجاه ترشيد النفقات والاعتماد على الزراعة وكل
مامن شأنه أن يساهم في خلق اكتفاء ذاتي والتكيف مع المتاح والاستفادة منه و الاعتماد على الموارد المحلية المتجددة
وتطويرها كما يجب بث روح التآخي والتعاضد والسهر على تطبيق القانون وتكريس دولته ؛ دولة المؤسسات التي تصان فيها
الحقوق و يسود فيها الأمن والمساواة، بعيدا عن الجهوية والقبلية والشرائحية، ووفق تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف الذي تذوب
فيه الفوارق ، إذ لافرق إلا بارتفاع منسوب التقى والورع.