هوامش على قضية بوعماتو! / أحمد ولد أحمدو

altتريثت قليلا وترويت قبل كتابة هذه الكلمات علّ القوم يؤوبوا إلى  رشدهم ويفكروا مليا حتى لا يتجاوز السيل الربى؛ ويراكموا على البلد من الأزمات ماهو في غنى عنه؛ لكن نبيه بري على رأي ولد بريد الليل يأبى إلا أن يظل ثقيل السمع.

لا دافع قرابة ولا سياسة ولا طمع يشدني اليوم إذ أكتب هذه الأحرف؛ لكن الإحساس بالمسؤولية وحسّاسية اللحظة؛ ووشك انفلات زمام الأمر كلها أمور تدفعني وتشدني؛ وأعتقد أنها جديرة وحقيقة بذلك.

إن بلدا يمر بما نمر به اليوم من محيط  إقليمي ملتهب حتى النخاع؛ وخارطة سياسية ممزقة حتى الثمالة؛ وتركبة سوسيو جغرافية هشة حتى الودجين؛ إن بلدا يعيش ـ باختصارـ على فوهة بركان لحري بالقائمين عليه وجدير بهم البحث عن حلول وعلاجات لكل ذلك الواقع  بدل تعميق الأزمات القائمة؛ وأكثر من ذلك صناعة أزمات جديدة وفق فلسفة "حطّاب الدشرة".

كما قلت آنفا لاصلة لي بالمطلق ولا معرفة البتة برجل الأعمال محمد ولد بوعماتو؛ وماكنت أعرف عنه في الماضي ضئيلا إذ لا يتجاوز المعلوم عنه بالضرورة؛ أي أنه رجل أعمال موريتاني ككل رجال الأعمال الموريتانيين؛ والأمر طبيعي جدا إذ قليلة هي القواسم المشتركة بيننا؛ إلا أن هذه الأزمة الأخيرة لمجموعته مع الدولة؛ وماثار حولها من جدل جعلتني ـ وهي حديث الساعة ـ  أسمع عنه وأرى أكثر؛ وكنت قد  رأيت قبل ذلك وأثناءه وسمعت عن الرئيس محمد ولد عبد العزيز؛ ولأنني ممن لايحبون التعجل ولا التسرع في الحكم؛ ولا بناء المواقف وفق عاطفة عارضة أو مصلحة آنية؛ جمعت كل المتاح عن القضية محاولا البحث فيه بصورة مجردة لأخرج بمجموعة استنتاجات أشفعها برسائل أتمنى أن تتسم استنتاجاتي بالمنطقية وأن ترى رسائلي آذانا صاغية.

الاستنتاجات:

ـ أن السيد  الرئيس محمد ولد عبد العزيز عبر تاريخه الرئاسي القصير مع هذا البلد زج بنفسه وبالدولة في صراع غير مسبوق مع الأشخاص؛ حيث سجن وأهان شخصيات كان يمكن التعامل مع ملفاتها ـ ومهما يكن الأمر ـ بصورة محترمة ومترفعة وعادلة ونزيهة؛ لأن ذلك أضمن لمصداقية عدالتنا المهزوزة؛ ولهيبة دولتنا المفقودة؛ فقد مثّل كل المعنيين ـ غالبا بسجونه ـ وإهاناته قامات سامقة وعالية؛ سواء على المستوى السياسي رؤساء وزراء وزراء مدراء قادة سياسيون؛ أو على المستوى الاقتصادي رجال أعمال كبار يمثلون ركيزة مهمة للاقتصاد الوطني لمايوفرونه له من دعامات ضريبية  وفرص عمل...

ـ أن الرجل وظف وسائل الدولة بصورة مبتذلة ومخجلة؛ ولم يسلم من الأمر من دوائر الدولة إلا من رحم ربك وقليل ماهم.

ـ أن نظامنا وللأسف الشديد في هذه المرحلة لايملك رجال دولة؛ ومن هنا تعاطى كل رجال الإدارات التي زج بها محمد ولد عبد العزيز في القضية تعاطوا معها وكأنهم وكلاء موظفون لدى ولد عبد العزيز؛ ولاحسّ وطني ولا مسؤولية أخلاقية لديهم؛ مما أدى أنهم لم يفكروا في ما قد يجره الأمر من أزمات اجتماعية واقتصادية وسياسية.

ـ أن ولد عبد العزيز في صراعاته ـ التي حولها بصورة مكشوفة شخصية وورط الدولة فيها ـ لايبالي بأولئك الذين اعتبروه في لحظة مخادعة رئيسهم؛ واعتبرهم أثناء نشوته شعبيته؛ إذ لن يضير محمد ولد بوعماتو غلق مؤسسة بقدرما سيضير وسيضر أولئك المساكين الذين يعمل بعضهم في تلك المؤسسات؛ وينال البعض الآخر منها هبات.

ـ أن رجل الأعمال محمد ولد بوعماتو؛ من رجال الأعمال الموريتانيين النادرين إن لم يكن الوحيد الذي يولي اهتماما بالغا بالعمل الخيري؛ وتشهد هيأته ومستشفاها بذلك؛ ومن هنا كان ينبغي اعتبار مردودية ذلك العمل الخيري ذي النفع العام لايقل أهمية؛ بل يساوي ما سيصرف على رواتب الموظفين وصحتهم؛ وهذا نهج متبع في الكثير من دول العالم المتحضر والعادل.

ـ أنه كان مسؤولا جدا؛ خصوصا في تعاطيه مع زبنائه وموظفيه؛ وتحمله المسؤولية كاملة تجاه حقوقهم؛ ومن هنا كان رجل دولة بامتياز؛ نلاحظ ذلك أيضا من خلال مضامين بيانه الذي جاء رزينا متحضرا بعيدا عن التجريح والسب والقذف.

ـ أن الرأي العام من خلال تفاعلات القضية تشكلت لديه قناعة أن رجل الأعمال مظلوم؛ إذ تقف دولة بكامل أجهزتها ضده؛ ولاجرم مطلقا ارتكبه في حق هذا البلد إلا إذا كان تشغيل بعض مواطنيه أو علاجهم مجانا؛ أو مليارات دفعها ويدفعها كضرائب ومنح تساهم بدورها في اقتصادنا وامتصاص مشاكله؛ وهو طبعا لم يمنّ في بيانه على وطنه بهذا؛ ويستحق عليه وعلى غيره ذلك وأكثر؛ لكن إذا كان الوطن بدوره يؤدي ماعليه؛ لكن الوطن يبدو رهينة لنزوات ضابط  مسكون بجنون العظمة قرر أن يهين موريتانيا وكل المو ريتانيين.

ـ أن الله تقبل من محمد ولد بوعماتو عمله الخيري؛ إذ يشكل هذا الأمر تكفيرا عن دعمه لذلك الضابط عندما اختطفنا في ظلام تلك الليلة الدامس.

الرسائل:

ـ إلي الرئيس محمد ولد عبد العزيز باسم الفقراء الذين طالما تبجحت بكونك رئيسهم؛ إن عيوننا يكاد يطبق عليها العمى؛ فلتطلق لنا بصيص النور الذي تشبثنا به ؛ ومنذو أمد بعيد؛ وأنت لا تزال تتأبط بندقيتك أمام بيت سيدك المهاجر؛ فلترحم أناتنا وتأوهاتنا وصرخاتنا؛ ولتدع لنا أمل بسمة بريئة لايبحث أصحابهاعن أكثر من هدوء ليلة بعد يوم مشمس وحار؛ قبلنا وسكتنا عن العبث بمشاعرنا وخيراتنا وكرامتنا؛ لكن البصر شيء آخر؛ وإن كنت قد انتزعت الأمانة منا فإنك أيضا قد خنتها؛ ألاتكفيك إحدى الخصلتين حتى تجمعهما( السرقة والخيانة).

ـ إلى كل موظفي ولد عبد العزيز من وزراءومدراء ورجال أعمال...لا اقول لكم إن الساكت عن الحق شيطان أخرس؛ فقد قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ والسمع له أولى؛ لكني أقول لكم أن استقوا العبر وراجعوا التاريخ؛ التاريخ القريب فقط؛ ولا تدعوا مصائركم ومصير البلد معكم رهينة مزاج متحول شغوف بالتنكيل والإهانة؛ وإلا فإنكم لستم بمنأى؛ ففكروا كم من وزير أسر؛ وكم من مدير سجن وكم من رجل أعمال ابتز؛ استيقظوا قبل أن يعمنا الطوفان ولات منجى حينها.

ـ إلى محمد ولد بوعماتو؛  إذا كان الظلم خسيسة وسفالة فإن قبوله والخنوع له ليس بالمطلق محمدة ولا مفضلة؛ والعدل لا يتجزأ والدولة لكل مواطنيها؛ وهذا الشعب الطيب في منبعه مع المظلوم دوما؛ وخصوصا إذا كان المظلوم بالنسبة لهم أولى بالمعروف؛ والظالم قد اكتووا كلهم بظلمه؛ لكنه في المأثور اشتدي ياكربة لتنفرجي؛ وشعار المرحلة ينبغي أن يكون"تكون الدولة أو لانكون"

 

أحمد ولد أحمدو

رئيس رابطة معا للدفاع عن ولد بوعماتو

[email protected]

20516841/48452284

5. مارس 2013 - 18:17

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا