شهد العالم في الفترة الأخيرة نقلة نوعية على جميع الصعد، بفضل ما أتاحته التقانة الرقمية من خدمات كان لها انعكاسها السريع على أنماط الحياة.
ولعل في مقدمة ذلك، ما يسمى بوسائط التواصل (سوشل ميديا).
هذا العالم الواسع الانتشار، الذي أصبح حائط مبكى ومتنفسا للجميع ينفق فيه كل مما عنده، بفضل ما يوفره من خدمات أصبح لها جميعا تأثيره على الرأي العام.
ما بين مكتوب مقروء وصوتي مسموع وما ينشر من مقاطع الفيديو، وصولا لخدمة البث المباشر،
لكن هذا التواصل المفتوح غدا مرتعا لكل من هبّ ودبّ ينشر عليه غسيل المجتمع؛ بل جعل منه البعض - ممن لم يحسن استغلاله - وسيلة للتشرذم وبث الكراهية والبغض والسبّ والشتم، ونفث السموم والترويج والدعاية لمختلف أمراض المجتمع من تدوينات تفرق ولا تجمع، تضرّ ولا تنفع، تؤخر ولا تقدم، تفقر ولا تغني ..
إنه أمر يجب أن تفهمه وتعيّه كل أذن واعية ولا تنجرّ لما يسوّقه أصحاب تلك الصفحات من دعايات وتفاهات.
إن آخر تلك "الثورة الخلاقة" ما رأيناه أخيرا من استغلال سيّئ لخدمة البث المباشر وما توفره من سلاح تسيء تلك الشرذمة استغلاله لأبعد الحدود.
أضف لذلك أن الدولة ينبغي أن تأخذ مسؤولياتها كاملة وتضرب بيد من حديد كلّ من يحاول المساس بثوابتنا الدينية والاجتماعية والتاريخية وأن تفعّل في ذات الوقت، قانون الجريمة(( السيبرانية)).
بيد أن هناك فريقا آخر ، وظّف الجانب الإيجابي لهذه التقانة، جاعلا من صفحاته الزرقاء مدرسة ومحجّا يقصدها الكل رجالا وعلى كل ضامر ليجد مبتغاه ويغرف من معينها الذي لاينضب ما ينفعه في الدنيا والأخرى؛
أدبا وفكرا، ثقافة وتربية، تاريخا وتوجيها وإرشادا وغير ذلك من التطبيقات والبرامج التي لها هي الأخرى دورها الرائد في خدمة المجتمع بما ينفع الناس ويمكث في الأرض.
ولعل أبسط تجليات ذلك؛ ما لاحظناه أخيرا من توفير لخدمة النقل واستقراء للطقس وحركة للسحب وما يترتب على ذلك من منافعَ وإشعاراتٍ في الوقت المناسب لأخذ الحيطة والحذر، وغيره كثير.
وبالمقابل على الدولة تُجاه هؤلاء؛ وضعهم حيث ينبغي أن يكونوا، مستغلين ما منحهم الله من خبرات وتجارب ومهارات لينعكس ذلك الأداء على تنمية البلد وتماسك مجتمعه وتطوره، وبما يكرس مبدأ طالما طالب به الجميع وتغنى به ألا وهو: "تفعيل مبدأ العقوبة والمكافأة".