بمناسبة المصادقة الأخيرة على القانون التوجيه للنظام التربوي الجديد، أود أن أوضح أن إرادة الحكومة الموريتانية للتعريب بتعريب المواد العلمية ما هو إلا تحقيق (لحفرة الأعمي) التي يحفر لها ويتفل بعيدا عنها ويحثو الترب أبعد من ذلك، لأن المطلوب بالتعريب تعريب الإدارة الموريتانية، وما دامت السلطة التنفيذية من الرئيس إلى الحكام الإداريين مكاتبهم وسجلاتهم ومحفوظاتهم مكتوبة على الشمال مع أن اللغة المكتوب بها لا يوجد ذكرها في الدستور، وهذه إن لم تكن خيانة عظمى للشعب فهي خيانة عظمى للمسلم في بلد مسلم.
فتعليم اللغة العربية له مزايا للمسلم غير العمل به في المكتب. فإذا عاد العامل من مكتبه يستطيع أن يعبد ربه باللغة التي نزل بها كتاب العبادة من رب العزة فإذا كان جاهلا بها فلا بد أن تعزف نفسه عن قراءة ما لا يعرف قراءته أو يقرؤه بلسان شبه أعجمي يرفع المنصوب أو العكس ليقع في لحن للقرآن أو الحديث مؤاخذ عليه،
فتغيير هذه الجريمة المستمرة تتحملها وزارة الوظيفة العمومية وليست وزارة التعليم. فالتعليم معرفة المعلومات ولو بأي لغة ولكن العمل بهذه المعلومات يجب أن يكون طبقا للدستور.
حتى ولو كانت العربية غير رسمية في الدستور فهي رسمية في قلوب الشعب الموريتاني أيا كان لونه.
فالجهل الدائم للسلطات العليا للعربية، وعدم الوقوف للعمل بها في جميع الادارات والشرائك والاستثمارات إلى آخره قبل تعريب التعليم هو الذي يسبب الاضطرابات
فيظن أصحابها أن تعليمها يؤدي للعمل بها والواقع غير ذلك.
فلو أصدرت الحكومة مرسوما بمنع صدور أي وثيقة داخل موريتانيا للعمل بها مكتوبة بغير العربية لانقلبت المظاهرات ضد القانون الجديد إلى مظاهرات تأييد له شعارها طلب إخراج اللغة الفرنسية من جميع الشعب وفى كل المراحل لنهاية الغاية منها وجلب الرزق في التوظيف بها. فلو أدرك المتظاهرون هذا الواقع لرددوا: عاشت أمية الوزراء عن لغة وطنهم يحي الجاهلون والمتجاهلون للعمل باللغة العربية في موريتانيا. ولاسيما السلطة التنفيذية، وتركو الوقوف ضد تعريب التعليم دون العمل به.
فهذه الشعارات مع البقاء العمل بالفرنسية كفيل بإسكات كل مواطن يفضل أن يكون لا لغة رسمية معمولا بها في وطنه بل استغنى بلغة المستعمر لتحصيل رزقه في وطنه.. ومقابل ذلك الفكر الوطني في الرزق بهذا الانحطاط: نرى آلاف المواطنين يحملون شهادات عليا صادرة من وطنهم لا تسقيهم ماء، ومع ذلك يتزاحمون لدخول الجامعات الإسلامية العربية وهم يعرفون أنها لا تغنيهم من جوع ولكنها تغذي فكرهم وترضى ضمائرهم ويحبها ربهم، وستكون مؤنسة لهم في آخر أعمارهم وفي قبورهم.
ولذا أحيي الشعب الموريتاني كله على تمسكه بلغة دينه فعندما استحبت الحكومة الدنيا على الآخرة واشتروا الضلالة بالهدى سواء كان ضعفا أو جهلا أو لا مبالاة بالعمل بالعربية المؤدي إلى معرفتها إجباريا، فإن الشعب الموريتاني عند ما عضت الحكومة على العمل بالفرنسية بنواجذها عض الشعب الموريتاني كله على تعليم اللغة العربية بأضراسه.
فمن ذهب إلى جميع أدغال الريف الموريتاني من جميع الحدود فسوف يردون عليك بالفصحي إن كلمتهم بأي لغة محلية لا يعرفونها، فهي الموحدة للشعب والمفرقة له هي الحكومة المتفرنسة، وكأنها لا تهتدي سبيلا.
ومن هنا نعود إلى نفس العنوان لأقول إن الحكومة الموريتانية العسكرية عاملت التعليم الموريتاني ككرة لا ملاعب لها بل أهدافها يسجلون في الهواء والضحية في هذا الفراغ هو الشباب الموريتاني.
فكل عسكري يضرب كرة التعليم إلى شباك هوائه هو، فالجميع لا يريد العمل بالنتائج حتى فقد الشباب ولا سيما غير الممنوح معرفة أي معلومات كماهي لا عربية ولا فرنسية.
ففي أول التسعينات عربوا المواد العلمية حتى وصل الشباب فيها إلى ثانوية علمية موريتانية لا غبار عليها وأساتذة وطنيين مقتدرين على إيصال العلم النظيف باللغة النظيفة، ذات الأبعاد لمعرفة حقيقة الكون كما هو اجتماعيا واقتصاديا إلى آخره ولو استمر ذلك لكنا الآن مع وصفنا مليون شاعر مليون اجتماعي واقتصادي لا يعرف مكان جيبه ولكن مكان ربه وضميره.
حتى جاءت النعل الخشن وضربت كرة التعليم وشباك هدفها البقاء في المنصب، وهكذا ابتلانا الله.
وقبل ختم الكلمة أتساءل ماذا تريد إدارة موريتانيا بفرنسة تسجيل الرسائل والأوامر بأداء مهمة أو إعطاء إنذار أو تقرير في موضوع وطني داخل الوطن إلى آخره.
والجواب تقدم؛ إنما هو الابتلاء من الله بنوع السقف المرفوع فوق موريتانيا منذ عقود. والاستدراك الوحيد أن السلوك الشخصي الطيب لقادتنا قل مثله في العالم من ناحية البطانة الشخصية الطيبة لمثلهم في مكان آخر من أولهم إلى آخرهم، ولكن الطيبوبة وحدها لا تعطي الحكمة التي أعطاها الله للقمان الحكيم، وهي كما فسرت معرفة الحق وتطبيقه، ونقول للشعب إذن ما طلبه ربهم منهم {ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور}.