ليس خافيا على أحد سكن موريتانيا ، أو زارها ، مدى تماسك الشعب وتوحده، وتمسكه بقيمه الإسلامية، رغم تباين أعراقه ميزة منحها الله له، زينت شوارعه وأطربت آذان السامعين إعلامه، لتشكل بذالك موريتانيا لوحة فريدة على ظهر المعمورة، تغذيها الأخلاق،
ويزينها احمرار البقر وبياضه الناصع، وسواد الضأن واحمراره الجميل، مقسمين الألوان بينهم بشكل عجيب ،وما إن قامت الدولة تحت سلطة واحدة في القرن الفارط حتى تراجعت تلك القيم والأخلاق ،ونكصت الوحدة على أعقابها، وأصبح الحكام في صرة يصكون وجه ثقافته وقيمه حتى مسخوهما؛ وبذلك سلخوا شعبهم من مورثه الأخلاقي كالذي صار يتخبطه الشيطان من المس ،والأحرى بهم حراستها لكن هيهات ،بل ضلوا عنهم وذلك إفكهم وما كانوا يفترون.
صحيح أن متطلبات بشرية "الألفية الثالثة" تفرض عليهم حيوانية وحشية لا تبقي ولا تذر ،إلا أن الشعب الموريتاني ظل يقابل "الألفية" الثالثة بتعلم "ألفية " ابن مالك والتغني بمعانيها؛ مصححين بها ألسنتهم لتعلم القرآن والحديث ومكارم أخلاق العرب التي بعث الرسول صل الله عليه وسلم متمما لها ولغيرها.
وهاهم الموريتانيون اليوم في هذا الزمن يتغنون باحمرار"الألفية الثالثة"ضاربين الذكر صفحا عن موروثهم وأخلاقهم، الشيئ الذي تُجليه مسابقة "موريستار" حيث لاقيم ولاأخلاق ،ولا قيمة فنية تذكر.. محاكاة للغرب ساخرة مشينة ..تلاعب بالأرض وقيم ساكنتها.. تجسيد لوحدة تلعب بها أيدي الساسة والمرتزقة أني وحيث شاءت، تكتفي منها الإذاعة والتلفزة وحتى الدولة باستضافة صاحب سمرة بيضاء بأخرى سوداء، ظنا منهم أن ذالك يقوي عرى اللحمة الاجتماعية، ولو أدي إلي دفن الأخلاق ومحو جذور الثقافة الاجتماعية المتهالكة ،إن الظن لا يغني من الحق شيئا. وهو ما جسدته بصورة أو ضح مسابقة "موريستار" التي يغذي بعض متسابقيها بعضا بما فاته من حركات الغرب ورقصاته، حالهم حال الجمهور الذي يحضرها "وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لايقصرون".
إن موريستار فضيحة وعار، وضربة في خاصرة المجتمع وانحراف من الدولة عن المسار ،من عمل سيئة فلا يجزي إلا مثلها لأنها من ناحية المتسابقين مسرحية غير هادفة، ومن ناحية الفن غثاء ،وهي بذلك لا تعدوا كونها تجسيدا لموسيقى "الجاز"الحزينة التي ابتكرها سود أمريكا حقبة من تاريخها ،أما حكامها فالله العليم بحالهم يركضون وراء مبلغ هزيل من المال، لا علم عندهم ولا أخلاق ،لاتركضوا وارجعوا إلا ما أترفتم فيه ....
لتبقي "موريستار" مسابقة غريبة في اسمها وفي رسالتها وفي قيمتها الفنية ،في نوع من التغني باحمرار ومهازل "الألفية الثالثة وانشغال عن الأخلاق والقيم ،وتنازع بين الماضي والحاضر علي حد تعبير ابن مالك في ألفيته في باب "التنازع":
كيحسنان ويسئ ابناكا ـ ـ ـ ـ ـ ـ وقد بغا واعتديا عبداكا
وتلك هي مسابقة "موريستار" السافلة المخجلة للشعب وللسلطة معا ،إنها مسابقة للوقاحة وتجسيد للفرقة ،لا تحافظ علي موروث ديني ولا أخلاقي ،شبيهة في سلوكياتها بمسابقة "ملكة الجمال" التي أنكرها المجتمع قبل سنين .كانت فيها مسابقة "جائزة شنقيط" التي هي نتاج فكري للمجتمع الموريتاني ،التي غيبها رئيس الفقراء ،تاركا الحبل للغارب بفوضى يراها الأنسب لحكمه ولإعلامه ، وما يستوي الأعمى والبصير ،فإلي متى تغيب مسابقات القرآن الكريم والحديث والسيرة النبوية ؟ ،وإلي متى يهزل بمسابقات الشعر ؟، وأين هي الألعاب الوطنية غيبت تحت الخيام ،وألحقت بها كرة القدم ؟لقد أصبحت يا"شنقيط" مهزلة حقيقة: ركضا ورقصا وتصفيقا، وبئس الورد المورود ، ولله الأمر من قبل ومن بعد.