النفاق والعودة المذمومة / افاه ولد الشيخ ولد مخلوك

 افاه ولد الشيخ ولد مخلوكيعتبر النفاق أحد المصطلحات التي أحدثها الإسلام بمفهومها في اللغة العربية لتصدق على فئة من الكفار المظهرين إسلامهم، أو المسلمين المخفين كفرهم، فماهم إلى هؤلاء، ولا إلى هؤلاء، ورغم ارتباط ظهور هذه الصفة أول مرة بعوامل سياسة واجتماعية وعسكرية، فإنها ـ للأسف ـ لما تزل قائمة،وإن كانت على تضخمها وسبوغها أخفى من سابقتها، وإنها بذلك لأدهى وأمر .

وخصلة النفاق هي الخصلة التي اندثرت أو كادت قبل تخلي المسلمين عن الإسلام الحقيقي .. عن نقد الذات ومحاسبة النفس في تشخيص ما يعتريهم وما يعانونه من أمراض لحقت بهم واستشرت داخلهم، حينما اكتفوا من القرآن الكريم والسنة النبوية بالتبرك والتقديس من غير أن يضيفوا لذالك التدبر والتبصر المطالبين به من لدن حكيم خبير ,هنا نجد إهمالهم لما في القرآن الكريم ونصوص السنة المطهرة من وصف دقيق للنفاق والمنافقين ،ونعتام بذالك كله العداء الشديد الذي حارب الدين في طوره الأول ووقف أصحابه في وجه الحق وأهله ،إنه النفاق والمنافقون أو ما يسميه بعضهم بالعداء الداخلي أو النار الخفية أو الجمرة الخبيثة.

هذا وقد حفظت الذاكرة الإسلامية أسماء منافقين من اليهود والمشركين تبدو تصرفاتهم بالمقارنة مع تصرفات منافقي عصرنا وكأنها الدعوة الحقة،وكأن أربابها أرباب نحل وملل يتمسكون بالحق وبه يعدلون.

ومن ذلك مثلا رفاعة بن زيد بن التابوت الذي كان إذا كلم الحبيب صل الله عليه وسلم لوى لسانه وقال أرعنا سمعك يا "محمد" حتى نفهمك ،وطعن في الصحابة وعاب الإسلام ووبخه، فقال فيه جل من قائل ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا) . وحال هذا الطاغية المخادع الماكر أليس هو حال كثير من أبناء المسلمين اليوم حقيقتة أو استشراقا؟ أليس الطعن في الدين وأسسه وأحكامه وحدوده هي الخصلة المنتشرة وهي الثقافة عند منافقي زماننا؛ تارة بحجة حقوق الناس التي يراد بها عقوقهم وتبعيتهم للباطل وأهله ،وتارة بحجة الانفتاح وثقافة العصر ،وفقه الواقع ومتطلبات الزمان؟ صحيح كل ذالك يحتاجه المسلمون لكن من وعن من يِأخذونه ،وهذا المنافق السابق الذكر هو وزميله في سياسة النفاق سويد ابن الحارث لما أعلنا إسلامهما كذبا وخديعة أحبهما بعض المسلمين إغترارا بهم وإعجابا فانزل الله التحذير منهم بقوله جل شأنه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) .

أما و القرآن الكريم الذي كان ينزل ببيان صفات المنافقين ويحذر من أشخاصهم قد توفق والرسول الذي ينزل عليه قد انتقل إلي الرفيق الأعلى، فأصبح لزاما علي الأمة أن تعرف النفاق والمنافقين حذرا منهم علي دينهم ودنياهم .

ومن منافقي اليهود الخبيث المعروف صاحب المكر والخداع للرسول والمسلمين زيد ابن اللصيت المشتهر بتكذيب الرسول عليه السلام في خبر ناقته قائلا يزعم أنه نبي يأتيه خبر السماء وهو لا يدري أين ناقته يعني نفسه، ولما بلغ القول الرسول عليه الصلاة والسلام قال (والله لا أعلم إلا ما علمني الله وقد دلني الله عليها فهي في هذا الشعب قد حبستها شجرة بزمامها )فبان نفاق ذالك المجرم ووقعت عليه الحجة، وبان الحق لذي عينين.

وإن نحن قارناه مع أمثاله في عصرنا الحاضر نجدهم أشد منه خطرا، وأعظم نفاقا، فهاهم اليوم يرجعون وهنَ الإسلام إلي عدم صدقه، ويحبون الغرب حبا جما ويتدينون بأخلاقهم وسلوكهم وعباداتهم، تمشيا مع نظرية الغالب والمغلوب، ليلحقوا بالإسلام كل إرهاب وتأخر وبدوية وما إلي ذالك مما يقصر عن كـَتّه القلم .

وحال هؤلاء هو حال عظيم النفاق، رافع ابن حريملة وأصحابه في ديمقراطية النفاق سلسة بن يرهام وكنانة بن صوريا وسعد ابن حنيف وغيرهم من خبثاء منافقي اليهود، ودعوة السابقين طالت المشركين بحجة النصح فكان نفاق المشركين الذي من بين من حمل ألويته صاحب بني عمر بن عوف زوي بن الحارث وجلاس بن سويد من بني حبيب الذي قال عن الرسول حينما تخلف عنه في تبوك لئن كان هذا الرجل يعني المصطفي عليه السلام صادقا لنحن أشر من الحمر، فسمع مقالته عمير بن سعد فاخبر بها النبي في كلام قاله له، فحلف جليس ماقال ولن يقول فانزل الله قوله تعالي ( يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ) وهذه الفقرة من النفاق تذكر بما عليه منافقي زماننا من سب للعلماء والدعاة ولدول الإسلام وأمته أئمة وأعلاما، إلا أن الوسائل اختلفت والنفاق هوهو، يكتبون في الإنترنت بأسماء وهمية، وفي الصحف بأسماء حركية، ويظهرون في القنوات والمهرجانات يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا وهم من قال ليكسب مالا أو جاها، أو يحصل علي مأوى بين المشركين بحجة التضييق والكبت.. إنهم أشد من سابقيهم، وأكثر وسائل مكر وخداع .

مع أن جلاسا روي عنه الإسلام والصلاح فآن لمنافقينا أن يتوبوا ويتركوا ما هم عليه ، وهذا بشير بن أبيرق أبو طعمة سارق الدرعين الذي فضحه الله تعالي بقوله (وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا) ويا لأمنياتنا أن يكون الوحي ينزل في زماننا هذا ويفضح سراق المال العام والخاص الذين تسرد الصحافة أسماءهم في التعيينات مثل ابن اللبون لا ظهر يركب ولا بطن يحلب، ومع ذالك ينهبون المال العام ويزينون المقال للسلطان بصلاح أحوال البلاد والعباد ليهلكوا بذالك الحرث والنسل ،والذين يزورون المشاريع والثقافة وغيرهم من منابت النفاق وطرقه. وليس ببعيد عن هؤلاء نبتل بن الحارث القائل أن النبي أذن مثل دعاوى أتباعه في زمننا الحاضر وأوس ابن قيظي أخوا مربع الخائن للوطن وللمصالح يوم الخندق القائل الكلام الذي حكاه عنه رب العزة جل جلاله (إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارً) وكذالك الحارث ابن سويد القاتل للصحابة يوم أحد بحجة الثأر في الجاهلية والتحق بقريش بمكة وراسل أخوه جلاسا يريد التوبة ونزل فيه قول الله تعالي (كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) ورأسهم الخبيث المعروف عبد الله بن أبي ابن سلول رأس المنافقين ومقر اجتماعاتهم ومواقفه في الغدر والنفاق أكثر من أن تحصي تلكم أمثلة من منافقي الرعيل الأول مقرونة بمنافقي الرعيل الأخير، إلا أن المتأخرين صعب تمييزهم لأنهم إن رأوا المسلمين في حزب سياسي دسوا أنفسهم فيه وتفانوا في العمل، وإن رأوا المسلمين بالصفات أطالوا اللحى وقصروا الثياب، وكفروا في المختلف في كراهيته في الشريعة بين الأئمة دسا منهم وخداعا ومكرا ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله ناهيك عن المتشدقين المظهرين للصلاح الباكين بلا موعظة وهم أقرب الناس من المسلمين ويصعب تمييزهم ،صحيح أننا مطالبون بالظواهر والله هو الذي يتولي السرائر لكن هي ظواهر لا يخفى ما بها من غش ونفاق ،طلبا لهدف مادي أو معنوي وفي الغالب مادي أما المنافقون الحق في زماننا فكشفتهم القنوات والصحف والمهرجانات والانتقادات والمعارضات التي بها دخلوا حجور أمهاتهم من مشركي الغرب ومنافقيه وهم لو كانوا فينا ما زادونا إلا خبالا كما هو الحال ، وإذا ألم بالمسلمين خطب يودون لو أنهم متحضرون في واشنطن أو باريز أولندن أو الدنمرك يسألون عن أنبائكم . يهزلون ويكذبون ويخادعون ،لكن هي أيام ويحق الله الحق ويزهق الباطل وسيعلم الجمع أي منقلب ينقلبون .

13. أبريل 2011 - 0:00

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا