لست بالعارف بوزير التعليم العالي حامدا الله على ذلك، ولست من رواد مجالسه التى يتطاول فيها على رموز الشناقطة وعلمائهم وصلحائهم، ولست كذلك أعرف كثيرا وزير الشؤون الإسلامية المعرفة الأسرية أو "العرفاتية" التى بها
ومن خلالها وصل لسدة الوزارة_ التى طالما تردد عليها متبسما متضاحكا_، وأوصل طلابه ومعارفه إلى مفاصلها الحساسة، مع كثرة ما كنت أسمعه يقول كان أبي وقال جدي وهو لعمرى الحافظ مقولة القائل:
إن الفتى من يقول ها أنا ذا *** ليسَ الفَتَى مَنْ يقولُ كان أبي
بيد أني أعرف الوزير المنتدب للتعليم الأساسي معرفة تقيمه من خلال عمله؛ حيث كان طالبا معى في المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية، ولم يك فشله في الوزارة مستغربا، فلا هو مالكٌ تصرفاته، حيث أنه تابع لغيره، كما أنه قادم من أمانة حزب الإتحاد من أجل الجمهورية أيام كر وفر "بيرام" وجولات وصولات "إبراهيم صار" وللشكل والمضمون والمغزى حينها كلمة الفصل "إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، وإن ولد عبد العزيز لناهج نهج سادته الأقدمين من حك عيدان النار، وتفرقة الوحدة، وفصم العروة غير الوثقى أصلا، وإن كان ذلك بأساليب أوهن من بيت العنكبوت، هكذا أصبحت الدولة ومؤسساتها في يد عفريت تذروها الرياح. رغم أن عرش العفريت تحرسها الدبابات، والمدفعية الثقيلة.
أما المستغرب والمحير جدا أن يكون وزير التعليم المتلون منذ قدومه لوزارة التعليم العالى والجامعة اليتيمة فى البلد "ساحة قتال ـ مرابع غزل ـ وكر إجرام منبت العصبية ـ مُزدَهرالقبلية" من الغريب ألا يهتم الوزير ورئيسه إلا برئيس الجامعة الذي لم يأت إلا بعد تزوير نتن، واختلاف خبيث، وما اختيار الأساتذة المكتتبين في عهد الوزير عن ذلك ببعيد، إنما هو تبعا لتعليمات الرئيس "البطرون" وتماشيا مع ضحكات وزير التعليم العالي "لا فض فوه".
أما المعاهد والدور والمؤسسات التابعة له، فما تبعيتهم له إلا لتطبيق أصناف من الجور والفوضى واللعب الذي لم نر ما يشاكله قديما ولا حديثا.
صحيح أن الوزير الكثير السفر المتضاحك المشعل للفتنة قد أتى برئيسه للجامعة في خدعة تحمد له فيشكر عليها إذ هو قدومه الأول لها.
وصحيح كذالك أن تطاوله على أعلام أسرة "آل الشيخ سيديا" ليس بالمستغرب منه، فهو لم يقرأ لهم تأليفا، ولا عرف لهم طالبا، ولا يقر لهم بمعروف كعادته، إذ الخير والمعروف والكرم كله في رئيسه الطموح كما يصفه.
وصحيح كذلك أن طلبة موريتانيا في أنحاء المعمورة استخف بهم واستهزأ بتحصيلهم العلمي على نهج ما يفعل بالدولة وهيبتها، ولا أدل على ذلك من تفاقم أزمة الطلبة فى المغرب، وعدم تسجيلهم فى سابقة مفتعلة أو فاعلة على وزن "باهية" لم يتكلم فيها أحد لا الوزير ولا رئيسه "وإذا أراد الله بقوم سوء فلا مرد له...".
وإن وزير التعليم العالى والأسفل لجعلوا منه لعبة أبطالها هم سلمهم الله، ولعبتها البلد بكامله، ونتاجها الحالى عري ومخدرات وسرقة وبغي في المدارس الأساسية والثانوية، وتجارة وربح وإطلاق عنانٍ لأساتذة الدولة يجنون أرباحهم فى المدارس الحرة، وما ملاكها عن سيد القوم ببعيد، والأطرف من ذلك أن تعرض أطلال صبية البلد ومكامن تعلمهم للبيع إعلانا بانتهاء التعليم فى البلد، وإيذانا بعصر السيبة الثانى، وإنها لبلاد السيبة كما أطلق عليها من ذي قبل، والحال نفسه مع التعليم العالى الهاوي الذى يهوي مع أستاذه الأول "قارون" قال تعالى "فخسفنا به وبداره الأرض".
أما الشؤون الإسلامية فوزيرها الفقيه بطش فيها بطشته الكبرى وجعلها دولة بين المنغضين رؤوسهم تقديسا له، وهو من جعل من مؤسساتها أزمة للبلاد والعباد، غير متذكر ما أوصله إلى الإذاعة والتلفزة من قبل أن يمس الوزارة التى تناديه "إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان" ومتناسيا المؤسسة التى علمته قول "خليل" الذى لطالما كرره مستشهدا به فى محله وغيره على مسامع ساكنة "موريتانيا" التي يهين الوزير شعبها بتحطيم أقدم مؤسساته وأشرفها.
والمصادفة المضحكة أن وزير التوجيه الإسلامي والتعليم الأصلى الذي قدم للوزارة بحكم الجهوية والقبلية أصبح أحرص الناس على التوجيه، ولكنه توجيه من في المؤسسة لحزب الرئيس، وإعمار القصور في عرفات بحجة العلم والتعليم "وفوق كل ذي علم عليم".
وإن تصرفات الوزير وبطانته داخل البلد وخارجه لا سيما في البلاد المقدسة برئية من العدل والتدين والعلم.
وختاما أليس غريبا أن يؤول التعليم إلى الحضيض، ويتحول الدين إلى لعب واستهزاء وأداة لأغراض سيئة؟ أليس غريبا أن يصير العلماء مطبليين مصفقين محابيين؟ أليس من الغريب أن تصبح الوزارات في جنة النعيم مقارنة بوزارة التعليم؟.