الإنسان كما عرفه الفلاسفة حيوان ناطق تغلب على البيئة فصار متحكما في الوجود . صحيح هو إنسان ناطق عاقل متميز عن باقي الكائنات الحية زوده الله عز وجل بالعقل والحواس الظاهرة والباطنة وكرمه وعرض عليه الأمانة وحملها .
قال تعالى " ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات " وقال تعالى: " إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ". وقال جل من قائل : " وفضلناكم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ". خلقه وانحرف عن الطريق القويم منذ أول يوم فتاب عليه ثم فسد وانحرف بعد ذلك فأرسل إليه الأنبياء والرسل ليرجعوه إلى الطريق القويم وإلى إنسانيته ، فآمن بهم البعض فأفلح ونجح وكذب بهم البعض الغالب فخسروا في الدنيا والآخرة بقوا في الدنيا بهائم وفي الآخرة في جهنم كلهم يسقى منها من ماء صديد يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ . بعضهم ادعى الإلوهية بعضهم قال أنا ربكم الأعلى، حرقوا أنبيائهم نقصوا الميزان والمكيال ،أتوا الرجال شهوة من دون النساء، قتلوا الأولاد الذكور خشية الإملاق ،قتلوا البنات خشية الفضيحة ،عبدوا التمر و الحجارة و البقر ، خالفوا الفطرة كما تخالفها البشرية اليوم ، لكن البشرية اليوم في سباق حميم مع حيوانية البشرية القديمة عبادة وسلوكا وذوقا وتعطيلا للحواس لم يبالوا بقول الله تعالى " ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون " فالعري مثلا لا ذوق فيه أبدا لعاقل كان من كان إذ هو مخالف لفطرة البشر ومضر بهم في الدنيا والآخرة ففي الدنيا برد وحر وفي الآخرة عذاب عظيم.وكذا النفاق فهو من خاصية البهائم .طمعا في العلف وغيره . أما سلوك البشرية اليوم فسبحان الله الخبير بها قتل وخداع وقصف وربا ومكيدة وتجسس وحبس وسرقة وزنا ولواط وكذب ونفاق ورقص واهتزاز وانتحار فهم هبطوا من جنس الإنسي إلى الأنعام بل الأنعام أفضل منهم في الدنيا والآخرة وأكثر منهم طمأنينة وأمتع حياة . ونضرب مثلا للناس لعلهم يتذكرون الغناء وأهله في كل بيت في كل تلفاز في كل سيارة في كل موقع في كل قطر . لكن بالذوق البشري السليم وحتى الذوق الحيواني البهيم ليس غناء بل هو غثاء وعري لا يكفي فيه الصوت عن الصورة. إذ لا تعبير للفظ ولا دلالة للمعنى يغنى عن هز المناكب وإظهار البطون وهز الرؤؤس والخصور والأيدي والأقدام !!!. لنفرض أننا لا نتكلم عن حرمته ولا حليته فالذوق لا يقبل هذا الأداء أبدا، فالصوت ووقعه وإيقاعه وفكرته ضرب بهما عرض الحائط، وأصبح الغناء واللحن كتابة على الصورة ذميمة لا غير وفساد للذوق واندفاعية نحو الجنون وذلكم الله ربكم له الملك وإليه تحشرون حرم ذلك ونهى عنه وتوعد أهله فأنى تؤفكون وتنتهون.
وإن نحن كذلك نظرنا للكرة نجدها لعبة شطرنج متحركة معدومة الحياء معدومة الأخلاق قليلة الذوق السليم أصحابها أقرب ما يكونون إلى المجانين في حركاتهم وتصرفاتهم. فاللاعبون أنفسهم عراة؛ ملابسهم قصيرة أوقاتهم مشحونة بالركض والجري ولاؤهم لأنديتهم أنى كانت ومهما كانت تماما مثل قطيع البقر أو الغنم أو الإبل، أو قنبلة الخيل التي تسابق ويختار منها ما هو أسبقها، وإن تميزوا على الحيوانات والبهائم فإنهم كالعبيد في المصطلح القديم بيع وشراء مساومة وإبرام عقد ... هلم جرا . والحال نفسه حال الحكام الذين معهم والأطباء وحتى الجمهور الذي فسد لديه الذوق والعقل يتفرج يوما كاملا ليلة بكاملها ببردها وحرها ولاء لحب مزيف لا يوجد أصلا وتارة أخرى ولاء لسمعة أو شهرة هي من مكاسب الجري والركض وتارة عصبية لدولة أو قارة ،فسبحان الخالق الذي خلقكم فأحسن صوركم . ومن الغريب المضحك أن صور هذه الدمى المتحركة ملأت الملابس والطرقات والقنوات والجوالات وأسماءهم التي ليست من الفصاحة ولا العقل في شيء هجاها العالم والجاهل والصبي والكبير، والغني والفقير والعربي والأعجمى لماذا؟ لأنه لا عب بالمصطلح المتعارف عليه اليوم عند العامة في بعض الدول وهو هازل وفوضوي . وهو المصطلح الذي عبر به الله تعالى في كتابه الكريم حيث قال " إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم في الأموال ... " . وقال كذلك : " مثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان " . فالكرة بذلك ليست ذوقا ولا تجارة ولا لهوا وإنما هي مهزلة من مهازل العالم اليوم، أتت على الأخضر واليابس في الوقت وفي المال وحيف علي حياة الإنسانية . صحيح أن فوائدها الطبية كثيرة جدا وأنها بحد ذاتها تسلية صحية وعمل جماعي يبعث على التكاتف والتعاون . ووسيلة لتبيلغ الرسالة الدينية الدنيوية الهادفة وبها يكون مسوغها الإسلامي الأمثل أما إذا خلت من الرسالة والهدف الديني فأبعد بها وبئست الجرية والركض . لكن لا يتأتى ذلك إلا إذا اقتصد في وقتها وفي طريقتها وكانت عملا ثانويا للشخص السليم مثل المطالعة والمناقشة والمداعبة .... الخ . ولا يعني أنني حين أكتب هذه الأسطر أعني :وليام مورغان المكتشف لها عند البعض ولا الصين ولا إنجلترا ولا دولة أخرى بعينها ولا ناديا ولالا عبا ولا مدربا ولا حكما ولا ولا . إنما هي الحقيقة والواقع والفطرة والذوق. والمبدع الحق والمحترف هو الذي يعي قول الله تعالى : " والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر " . وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم " يا بن آدم كن في الدنيا كأنك غريب .. " . يا أيها البشر يا أيها اللاعبون يا أيها الصحفيون الفطرة البشرية تناديكم أن ارجعوا والذوق الآدمي يصرخ أن تذوقوا ودين الله الذي ارتضى لكم جاء به الرسول ودعيتم له ونحن نقول لكم اتبعوه تفلحوا وترشدوا.. ، قال تعالى : " ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها وسنجزي الشاكرين " . ولعبة كرة القدم والطائرة والسلة ما جعلها موحدة للشعوب إلا همجية الشعوب نفسها وصدق الله العظيم " أكثرهم مجرمون " " أكثرهم لا يعقلون " أكثرهم مفسدون " وقديما قال الشاعر : (تـعـــيــــرنـا أنـــا قــــلــــيـــــل عــــديــــدنـــــا فـــقـــلـــت لــــهـــــا : إن الــــكـــــرام قـــلـــيــــل)
والكثرة المشار إليها لا تعني انحطاط القلة بل علي العكس من ذالك هي قلة الفطرة والتبصر والإنسانية لكنها قلة حياة باقية، قلة من النعيم والخير وفي ذلك آيات للمتوسمين. وليس ما ذكرناه إلا تمثيلا وإلا فإن حياة الناس اليوم لا ذوق فيها وأقرب ما تكون إلى الجنون . وليتأمل القارئ والعاقل والمنصف فيرى بعينيه وبصيرته ما نبهته عليه. ´إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .