القصة القصيرة جدا في موريتانيا "الفن الأدبي المهجور" / محمدو ولد بوبكر

-تعريف القصة القصيرة جدا
القصة القصيرة جدا، هي نمط من القصة قصيرة المختزلة بدرجة عالية، وهي فن من فنون السرد يعتمد على خصائص أهمها؛  التكثيف، ووحدة الموضوع، واستخدام الرموز والإضمار، وصولا إلى الخاتمة المدهشة المباغتة، مع اختيار عنوان يحفظ للنص جوهره وللخاتمة صدمتها.

-نشأة القصة القصيرة جدا 
هناك شبه إجماع بين النّقّاد والدّارسين، على أنّ منشأ القصة القصيرة جدًا يعود إلى الغرب، من خلال قصّة كتبها الرّوائيّ” أرنست همنغواي سنة1925، وهي مؤلّفة من ستِّ كلمات: 
(للبيع… حذاء طفل لم يلبس قط.)
وهذا دليل على أنّ فن القصّة القصيرة جدًا فنٌّ وافدٌ إلينا.

بينما ذهب البعض إلى أن القصة القصيرة جدا لها جذور في ثقافتنا العربية تعود إلى نجيب محفوظ (أحلام فترة النقاهة)، وما كتبه يوسف إدريس، وزكريّا تامر، وتوفيق يوسف عوّاد... وغيرهم.

ومهما يكن فإن هذا الفن الأدبي أخذ يتشكل ويتطور يوما بعد يوم حتى أفرز كوكبة من الكتّاب المعاصرين في العالم العربيِّ نذكر منهم؛ خلدون الدالي وصلاح الطوعري في اليمن، وعباس عجاج ومحمد الميالي وساجد السلماوي في العراق، ورولا العمري وأكثم جهاد من الأردن، وصقر حبوب من فلسطين، ومرح صالح والدكتور محمد ياسين صبيح من سوريا، ومريم بغيبغ من المغرب، ومهاب حسين من مصر... وغير كُثر، لهم مؤلفات قصصية ودراسات نقدية في هذا المجال.

ورغم أن القصة القصيرة جدا لاقت قبولا وإستحسانا كبيرين على المستوى العربي وامتهن كتابتها الكثير ممن هو ملم بخصائصها وضوابطها ومن هو مساير للركب، ومع تعدد وجهات النظر بين كتابها في المشرق والمغرب وتباين آرائهم، رغم كل ذلك يمكن القول أن هذا الفن أثبت جدارته ووضع قدما له إلى جانب فنون السرد الأخرى كالرواية والقصة القصيرة، والخاطرة النثرية...

كما توجد اليوم روابط أدبية على افيسبوك تنظم مسابقات دورية وتقدم درايدسات نقدية لبعض نصوص الققج منها رابطة السرد في العراق والعالم العربي، والرابطة السورية والرابطة اليمنية ...
كما تنظم وكالة خبر الإعلامية برئاسة الكاتب عباس عجاج مسابقة سنوية للقصة القصيرة جدا، تنطلق الأول من أكتوبر تزامنا مع اليوم العالمي للقصة القصيرة جدا.

أما على المستوى المحلي فيمكن القول أن القصة القصيرة جدا وصلت إلى موريتانيا متأخرة مقارنة بنظيراتها من الدول العربية المحاورة كالمغرب مثلا، ولم تحظا بقبول حسن مما حد من إنتشارها وجعل منها فنا أدبيا مهجورا، ولعل السبب في ذلك يعود إلى أمرين؛

-أولهما؛ أن القصّة القصيرة جدًا واحدة من الأجناس السردية الطّارئة على المشهد الثّقافيّ العربيّ بشكل عام، وما زال الكثير متوجسا منها شأن كل جديد، كما لم يتفق النقاد العرب بعد على بنيتها وتقنياتها وخصائها...هذا من جهة.

-ثانيا؛ أن الذائقة الأدبية للموريتانيين ما زالت حتى اليوم خالصة  للشعر على حساب السرد بأنواعه المختلفة.

ورغم ذلك برزت زمرة من الكتاب عددهم قليل يكتبون القصة القصيرة جدا في موريتانيا نذكر منهم:
-محم ولد الطيب، أستاذ تعليم ثانوي، ومدير الرابطة الموريتاية للأدب والثقافة، وفائز بالكثير من المسابقات الأدبية في مجال الققج، من نصوصه المميزة؛

(نَفَاذ
الضَّوْءُ الذِّي اِنْبَثَقَ مِنْ آخِرِ النَّفَقِ، بَدَّدَ أَوْهَامَهُمْ عَنْ آخِرِهَا؛ هَرَعُوا لِإِنْقَاذِ مَا تَبَقَّى مِنْ تَعَاوِيذِهِمْ؛ اِحْتَرَقَتْ قَبْلَ وُصُولِ كَتَائِبِهِمْ...مَازَالَ أَحْفَادُهُمْ مُصَمِّمِينَ عَلَى حَجْبِ الشَّمْسِ بِغِرْبَالٍ.)

وقد كتبت دراسة نقدية لهذا النص موجودة على جدار رابطة القصة القصيرة والقصيرة جدا في موريتانيا على افيسبوك التي أديرها.

-الكاتبة والقاصة لميمة بنت السيد، تكتب القصة القصيرة جدا بإبداع ومن نصوصها المميزة؛ 
(سنمار..
عصفت به رياح الغدر، غربته الأيام، باعوه بثمن بخس، صنعوا،من جلده قبعات لهم، كلما تقدم أحدهم لإغراء إحداهن صاحت قبعته:أنا من جلده، وقفزت عائدة اليه.)

وتوجد دراسة نقدية أيضا لهذا النص على الرابطة التي ذكرت سابقا.

-محمد الأمين ولد دده، أستاذ تعليم ثانوي؛ فائز بمسابقة المركز الثقافي المغربي في نواكشوط، من نصوصه المميزة؛

( تعود
بالكاد كانت قدرتهم على الحركة مشلولة، امتعضوا طويلا قبل أن يرتاحوا .. ساءهم أن يروا البعض يمسح أثر القيود، فوشوا بهم شفقة.)

-حامد أمرابط التلاميد، طالب جامعي، من نصوصه المميزة؛

(مواصلة "
 تلاقفته عيون السخرية ، حاولت تدمير طموحاته، دست بأناملها على علبته المدرسية، حرره الصمود.)

-الكاتبة الطاهرة سيدنا، أستاذة تعليم ثانوي، من نصوصها المميزة؛

( كفاح
ناضل من أجل البقاء.. ظل ممسكا بمنجله يكسر صخور الخيبات، حتى فاض النهر تحت قدميه.. نمت سنابل الأمل في أرضه.. ثم صودر المحصول!)

-لواء الدين عالي محمد، طالب جامعي، من نصوصه المميزة؛

(قوة
هز كياني إعصار الهجر.. بت على شوق لم أخفيه، ولما كان الصباح؛ كانت المعركة أشد احتداما.)

عموما ما يزال كتاب القصة القصيرة جدا في موريتانيا يحسبون بالأصابع وما يزال قبولها وتداولها في الوسط الأدبي الموريتاني دون المستوى المطلوب، مع ذلك توجد روابط أدبية على افيسبوك تنظم مسابقات دورية في هذا المجال كرابطة القصة القصيرة والقصيرة جدا في موريتانيا والمنتدى الموريتاني للأدب والثقافة، هذه الروابط تكشل فضاء لتشجيع الكتابة الإبداعية في هذا المجال.
 

28. أغسطس 2022 - 17:21

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا