كلما غرقت سفينة عسكري في بحر التاريخ طفت سفينة آخر علي سطحه ... وسلك خطا مغايرا لسلفه الغريق, لكن مرغم أخاك لا بطل . في بلادي حيث أصحاب البلزات الرقطاء وأصحاب المادة الرمادية العفنة ظلت سياسات التعليم عرضة للانتقام، كل عسكري ينتقم من سلفه بإحداث ثورة خرق لغزل نسجه سلفه. فتروح الأجيال المتعاقبة ضحية ذلك .
عندما نتأمل في كل الإصلاحات التربوية التي مرت علي هذه البلاد منذ الاستعمار الي اليوم نجدها كما يلي:
إصلاحات مدنية :
في عهد الرئيس المرحوم المختار ولد داداه ، أو في مرحلة ما قبل الاستقلال كانت هنالك إصلاحات منها:
إصلاح 1957: الذي جاء بعد استفتاء( نعم ولا) الشهير .في صيغة منشور يحمل رقم 138 بتاريخ 15/10/1957 موقع من طرف الرئيس الراحل المختار ولد داداه والمفتش الأكاديمي الفرنسي يتضمن هذا المنشور :
1. تنظيم تعليم العربية على أسس عقلانية ليعطي نتائج أحسن , مما ساهم في التكوين العقلي والثقافي.
2. مراقبة المديرين لمواظبة التلاميذ على الدروس العربية .
3. الاهتمام بالتكوين الأولي والمستمر لمعلمي العربية .
وأشفع هذا المجهود بإنشاء أول وزارة للتعليم في أول حكومة موريتانية وكان هدف هذه الوزارة هو تنظيم التعليم العمومي حتى يتلاءم ومتطلبات المرحلة المقبلة – مرحلة الاستقلال- وتجسد هذا المسعى في إقرار إصلاح 1959م .
إصلاح 1959: تضمن هذا الإصلاح تحديد فترة الابتدائية بخمس سنين بالإضافة إلي إضافة ساعتين للعربية مخصصة للتربية الإسلامية أو الدينية وفي الثانوية كذلك تمت إضافة ساعتين في الثانوية من العربية أو الانجليزية بصفة اختيارية
إصلاح 1967:الذي جاء بعد مؤتمر لعيون الشهير حيث تم تعيين لجنة وطنية لمراجعة البرنامج القديمة الموروثة من حقبة الاستعمار ووضع إصلاح يتلاءم مع الواقع الحضاري للبلد وطبق بموجب القانون رقم 189-68 الصادر بتاريخ 1/6/1968م وقد ورد في التقديم لأهدافه ما نصه: إن اللغة العربية لغة وطنية ويجب الإبقاء عليها وهي لغة أدب ودين , إلى جانب الفرنسية التي هي لغة الإدارة.
وقد أتخذ هذا الإصلاح إجراءات عملية أهمها:
1) تمديد المرحلة الابتدائية من 6-7 سنوات
2) تعريب السنة الأولى تماما (السنة المضافة)
3) أعطي ثلثي الوقت للغة العربية في السنتين 2-3
4) قسّم الوقت نصفين بين اللغتين في السنتين 4و5
5) أعطي ⅓من الوقت للعربية في السنتين 6-7
إصـــــــلاح 1973م:أقره مؤتمر حزب الشعب سنة 1973م تحت إلحاح الحركة الوطنية لتوفير أدنى حد من الاستقلال الثقافي وطبق بموجب القرار رقم 533-75 الصادر بتاريخ 30/1/75 تلخصت أهدافه في:
1) ملائمة النظام المدرسي للحقائق الثقافية الوطنية وإعادة الاعتبار للغة العربية والثقافة الإسلامية .
2) التجاوب مع تطلعات المواطنين إلى المعارف وتحضيرهم للمساهمة في التنمية الجماعية .
3) مضاعفة الإمكانات الفنية للبلاد من أجل مرتنة جميع الوظائف وحتى تتمكن من السيطرة على الطبيعة.
ويعتبره الميدانيون إصلاحا تربويا من حيث احتواؤه على الخصوصيات النظرية للإصلاح التربوي: إذ اتسم بالشمولية - نسبيا - , وتضمن إشارة لضرورة ربط التعليم بمتطلبات التنمية.
وكانت أهم مقرراته كذلك كالتالي:
1) تقليص المرحلة الأساسية إلى ست سنوات
2) تم توزيع وقت اللغتين كالتالي:
اللغة س1 س2 س3 س4 س5 س6
العربية 30 30 20 20 15 10
الفرنسية - - 10 10 15 20
3) فتح فصول عربية تجريبية في بعض الإعداديات ابتداءً من 1974م
4) أقر تدريس المواد الأدبية في الأقسام المزدوجة بالعربية كالجغرافيا والتاريخ والفلسفة والتربية المدنية .
5) جعل مادة التربية الإسلامية والأخلاقية مادة إجبارية في كل شعب التعليم وأضاف إليها التربية المدنية.
6) أدخل 5 ساعات أسبوعيا من العربية في المرحلة الثانوية، وقد أقر بذلك "الازدواجية النسبية" حيث دخلت بموجبه مادة اللغة العربية إلى مسابقة دخول الإعدادية سنة 1974م لأول مرة في تاريخ البلد.
7) نص على فتح شعبة للآداب الأصلية من بين شعب الباكولوريا.
8) نص على فتح المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية وتم فتحه بالفعل ليستقبل حملة الباكلوريا "شعبة أصلية".
9) نص على إنشاء المعهد التربوي الوطني وتم إنشاءه بالفعل لتوفير الإنتاج التربوي والتكوين المستمر للمدرسين.
10) نص على أن قاعدة الإصلاح تتمثل في بعث التعليم الإسلامي في نطاق سياسة منسجمة ترمي إلى جعله حيويا ومفيدا وبهذا يمكنه أن يندمج تدريجيا في التعليم العمومي (نقلته بالحرف).
إصلاحات عسكرية
إصــــلاح 1979م
أقر بموجب المداولة رقم 0040/79 للجنة العسكرية للخلاص الوطني (CMSN) بتاريخ 18/10/1979م في محاولة من النظام لإسكات الأصوات التي تعالت في اتجاهات مختلفة وطنية وافراكفونية حيث استجاب لجميع تلك المطالب على تناقضها.
حيث شهد هذا الإصلاح نوع من الارتباك في الطرح من لدن العسكر الحاكم الذي استولي بالأمس علي السلطة عن طريق انقلاب عسكري . ومن إجراءاته:
1) تكون السنة الأولى معربة بكاملها كرباط مشترك لسائر القوميات.
2) يوجه الأطفال الناطقون بلهجة تنحدر من العربية في دراستهم إلى العربية وجوبا .
3) أما الأطفال الناطقون بغير العربية فمخيرون بين الدراسة بالعربية أو الفرنسية
4) فتح فصول تجريبية لتعليم اللغات الوطنية (السونوكية – الولفية – البولارية)
بهذا الإجراء تفرع التعليم الابتدائي إلى ثلاثة اتجاهات , يوضح الجدول التالي توزيع الوقت بالنسبة لكل اتجاه أو شعبة:
الشعب توقيت العربية في جميع الشعب توقيت الفرنسية في جميع الشعب توقيت اللغات الوطنية في جميع الشعب الجميع
العربية 25 ساعة 05 ساعة 05 ساعة 30
الفرنسية 05 ساعة 25 ساعة 05 ساعة 30
اللغات الوطنية 05 ساعة 00 ساعة 20 ساعة 30
إصلاح 1999
أقرّه القانون رقم 012/99 بتاريخ 26/04/1999م.
ورث إصلاح 99 هذه اللوحة المعتمة عن سلفه(إصلاح 79)، وحاول - نظريا - معالجة نواقصها فسطر في أهدافه:
1) توحيد النظام التربوي للقضاء على نظام الشعبتين .
2) الانفتاح على عالم اليوم الذي تطبعه العولمة عبر التحكم في اللغات ودعم التعليم العلمي والفني.
3) تكييف التكوين مع متطلبات التنمية .
4) تحسين النوعية وتخفيض التكاليف .
ومن هذين الاصطلاحين الأخيرين نلحظ أنهما مجرد ردات أفعال علي مسار التعليم الذي كان ينتهجه النظام المدني سابقا
ولا نعلم ما القادم .....