يستحق أصدقاء " مامير" اللذين مهدوا له الأرضية لتصحيح اتهامه للرئيس الموريتاني برعاية تجارة المخدرات احتراما خاصا لاحترافهم، وبكل تأكيد يستحقون " شيئا آخر" على صديقهم الجنرال عزيز الذى انقذوه من تهمة ثقيلة كان كثيرون يهمسون بها من سنوات فجاءت تصريحات مامير لتكون فرصة للبوح بالمسكوت عنه في شخصية الجنرال المثيرة حقا للجدل والاهتمام والإشفاق أحيانا.
من يقرأ " البيان التوضيحي" للنائب الفرنسي عن حزب الخضر لابد أن يدرك حجم الاحترافية لدي " الأصدقاء الموريتانيين الذين قال إنه حصل منهم على " توضيحات" فالأرضية التي بنى عليها الرجل تصحيحه مهدها " خبراء" بنفسية النائب اليساري الراديكالي فقد تسبب تلك التصريحات تهديدا لاستقرار بلد مهم حيويا بالنسبة للأمن الأوربي والفرنسي، واستغلت في صراع اقتصادي قبلي اجتماعي، كما أنها قد تمثل " تهديدا مباشرا للدور الموريتاني العظيم في تحرير الرهائن الفرنسيين المختطفين في الشمال المالي
هي ثلاث مرتكزات إذا بنى عليها " أصدقاء مامير" أرضية الخروج أو الهروب من قضية المخدرات وهي مرتكزات تكفي كل واحدة منها ليجد مامير فرصة للتبرم من تصريحاته السابقة؛ فالأمر - بحسب توصيف الأصدقاء – صراع قبلي اقتصادي اجتماعي – وهي أنماط من الصراع يفترض أن مامير ليس مهتما بها كثيرا، وهي تهدد استقرار بلد يقدم اليوم في عدد من الدوائر الغربية على أن نظامه الحالي " صمام أمان " في وجه الإرهاب القادم من الساحل والصحراء، وهي ثالثا قد تسبب تهديدا مباشرا لحياة الرهائن الفرنسيين المختطفين في الشمال وتلك هي ثالثة الأثافي حقا فالرأي العام الفرنسي حساس جدا تجاه قضية مواطنيه الرهائن لدي جماعات متطرفة شمال مالي خاصة في هذه الأيام التي تجري فيها العمليات العسكرية في المناطق الجبلية التي يعتقد على نطاق واسع أن القاعدة وإخواتها يحتجزون فيها الرهائن الفرنسيين.
احتراف " اصدقاء مامير" لايعني أن الحقيقة كانت إلى جانبهم في أي مما قالوا ابتداء بالزعم أن مهدد الاستقرار في موريتانيا حاليا هو صراع قبلي اقتصادي، وصولا إلى الإيهام أن لموريتانيا دورا حيويا ومهما في الحفاظ على حياة الرهائن الفرنسيين؛ فالأزمة في موريتانيا في أصلها وجوهرها أزمة حكم بين شعب يتطلع للحرية والديمقراطية، وعسكر منتفعين من الحكم وعاضين عليه بالنواجذ، مستفيدين من دعم غربي وفرنسي واضح لايرى في موريتانيا تطلعات أهلها للحياة الحرة كما يحياها المواطنون الفرنسيون بل يرى فيها " عضلات جنرالات يعرضونها للقيام بدور شرطي الحدود " فالنظام الجيد" في المقاييس الغربية والفرنسية هو ذلك الذى ينفذ الاجندات التي تطلب منه دون تردد وله بعد ذلك أن يقمع ويقتل وينهب ويرعى أي تجارة يشاء مخدرة كانت أم غير مخدرة ليؤكد حقيقة أن الحضارة الغربية لاتصدر فضائلها للآخرين كما أشار بحق المفكر المسلم العظيم مالك بن نبي.
أما قصة علاقة النظام الموريتاني بفرص " تحرير الرهائن الفرنسيين في شمال مالي فهي إحدى الأدلة الملموسة على سهولة تضليل بعض الساسة الغربيين حول حقيقة الأوضاع في بلاد العالم الثالث فالنظام الموريتاني هو النظام الوحيد من بين أنظمة المنطقة غير المرغوب فيه على امتداد مالي؛ فسكان الجنوب يعتبرونه المسؤول الرئيس عن معاناتهم المزدوجة من خلال دعم الانقلاب وحركات التمرد، وسكان الشمال " يشهدون" على تخبط سياساته الاقليمية وحتى الأمنية في المنطقة التي جعلته يعتمد أكثر من مرة على مجموعات من المهربين وينخرط في مغامرات فاشلة سقط ضحاياها مواطنون موريتانيون وماليون في وقائع مشهودة.. فكيف لهذا النظام إذا أن يكون " بوابة لتحرير الرهائن الفرنسيين في شمال مالي يا أصدقاء مامير.
إن مشكلة موريتانيا الحقيقية أيها "النائب المناضل" ليست ما ذكر لك أصدقاؤك الذين استقيت منهم معطيات " حركتك التصحيحية"، إنها بشكل محدد وبالمختصر المفيد الذى لايحتاج لأي حركة تصحيحية لاحقة أصدقائك أنفسهم، وبلدك فرنسا فهم المسؤولون المباشرون عن تهديد استقرارنا والحكم علينا أن نظل تحت حكم عسكري متخلف.. أصدقاؤك يا مامير ؛ القدماء الذين ربما حدثوك عن تجارة المخدرات ورعاتها؛ والمحدثون الذين " فتحوا أعينك على حكاية " الصراع القبلي الاقتصادي، والرهائن الفرنسيون جميعهم شركاء مع " فرنسا العميقة – فرنسا الأمن والمال " في جريمة جارية منذ العام 2008 بحق شعب موريتانيا الذى تمكن بفعل نضالات عظيمة من الإطاحة بنظام العقيد ولد الطائع لكن تحالف " أصدقاء مامير" الشريرين جعله يرتكس إلى حكم العسكر مرة أخرى..
وسواء صدق أصدقاؤك القدماء أم كذبوا ففي موريتانيا نظام يرعى ويمارس الاستبداد والإفساد والعنصرية ويرهن قرار موريتانيا وأمنها ومستقبلها لفرنسا التي رضيت أن تدوس على قيم ثورتها العريقة لصالح حلف مكشوف مع جنرال مستبد لن يكون مصيره مختلفا كثيرا عن مصير الجنرال بن علي الذى حظي بذات الحظوة الفرنسية زمنا طويلا.. ولكنه هرب في النهاية تحت وقع إصرار شعب تونس على استعادة حريته وكرامته.. تلك هي الحقيقة يا مامير مشكلة موريتانيا ليست بسبب تصريحاتك فلاتقلق كثيرا ولاداعي " للتصحيح" مشكلة موريتانيا في تحالف " أصدقائك الشرير" الذى يرعي الكثير الكثير من المحرمات .