التنمية الزراعية المستدامة أمر لاغنى عنه في عالمنا اليوم وتدخل هذه التنمية في صميم إهتمامات وتطلعات الشعب الموريتاني وفي المقام الأول رئيس الجمهورية الذي هو المسؤول الأول عن ضمان الأمن الغذائي للمواطنين من جهة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة في هذا المجال الحيوي الهام من جهة أخرى.
فالحكومة تراهن من خلال توجهها المعلن أن تكون الزراعة رافعة ومساهمة ليس فقط في الإكتفاء الذاتي في مجال الأمن الغذائي للمواطن الموريتاني في كل شبر من هذا الوطن ولكن أيضا في مجال إستقرار أسعار المواد الغذائية على المستوى الوطني ( أسعار تكون في متناول المواطن) وفي المساهمة كذالك في التنمية الإقتصادية الشاملة للبلد.
في هذا الصدد، لابد للدولة ممثلة في وزارة الزراعة تحضير وإعتماد استراتيجية واضحة تحقق كافة الأهداف المنتظرة و المرجوة المتمثلة أساسا في ضمان الأمن الغذائي ورفاه المزارع والمجتمع حتى تتخطى بذالك التبعية الغير مبررة لدول أخرى قد تستخدم إنتاجها وصادراتها الزراعية كوسيلة للتدخل في شؤوننا الداخلية، وصدق من قال"إن الأمة اللتي لا تأكل مما تزرع وتلبس مما تصنع محكوم عليها بالفناء".
إن أول ما يتعين في نظرنا على الوزير الجديد، الذي نتمنى له كل التوفيق في أداء مهمامه الصعبة، هو العمل على المحاور التالية :
1- تقييم الوضع الراهن لواقع الزراعة الموريتانية والوقوف على ما تم القيام به من قبل سلفه والقيام بما يلزم في سبيل إصلاح هذا القطاع إعتمادا على الموجود من خطط واستراتيجيات.
أخص بالذكر
- استراتيجية تنمية القطاع الريفي أفق 2025
-القانون التوجيهي الرعوي
2-بلورة الأهداف الوطنية الكبرى وتطوير الإطار الاستراتيجي ومعرفة مجالات التركيز للقطاع الزراعي الموريتاني،
لابد في هذا الإطار الاستعانة بالخبرات والكفاءت الوطنية وتشجيعها والقيام بما يلزم من إكتتابات وعند الإقتضاء جلب كفاءات دولية من أجل تحقيق أهداف الحكومة وذالك من خلال خطة شاملة لتطوير كافة برامجنا في المجال الزراعي،
3- بلورة خطة واضحة لتنفيذ الاستراتيجية الزراعية في ماتبقى من مؤمورية رئيس الجمهورية
هذه الأفكار التي نقترح الهدف منها هو التنبيه على أنه لم يعد من المسموح به إهمال أحد أهم القطاعات "القطاع الزراعي" الذي ٱن الأوان أن يكون داعما لقطاعات إقتصادية واسعة في بلادنا
وهنا يجب على النخبة من خبرائنا الزراعيين وكافة المهتمين بالقطاع من مزارعين ومن تجار ومن رجال أعمال ومن مستثمرين ومن الوزارة المعنية نفسها لعب الدور المنوط بهم سبيلا لتحقيق الأهداف التي سيتم رسمها في الاستراتيجية الوطنية المنشودة في المجال الزراعي وفي هذا الإطار نقترح على الوزير المعني عدم السماح بمغالطة الرأي العام والتأكد من حقيقة ومصداقية العمل المقام به على أرض الواقع وكذالك يتعين على وزير الزراعة تذليل كافة الصعاب امام المزارعين الذين يرغبون في الإستثمار في الزراعة من خلال تبسيط إجراءات الاستفادة من مساعدات الدولة قبل وأثناء وبعد عملية الإنتاج.
لابد القائمين على الزراعة في بلدنا كذالك، العمل ببرامج وخطط واستراتيجيات واضحة ومن الضروري في هذا الإطار تشجيع التعاون واكتساب الخبرات الضرورية في تطوير هذا المجال الحيوي الهام والاستفادة من تجارب الدول الأخرى. إن المسؤولية الكبيرة التي ألقيت على عاتق الوزير الجديد ومعاونيه تحتم عليهم الدخول في التعديلات الازمة من أجل لعب هذه الوزارة دورها في التنمية الزراعية الشاملة كماتعهد بذالك الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني للشعب الموريتاني من خلال برنامجه تعهداتي.
وكذالك يجب على الوزارة تبسيط الإجراءات بالنسبة للمزارعين والمستثمرين والمعنيين بقطاع الزراعة ومدهم بكل ماهو ضروري من أجل تحقيق التنمية الزراعية المستدامة عن طريق تحديد التوجيهات الرسمية الرئيسية الزراعية في مجالات:
كالحبوب، الخضروات، التمور، الأعلاف الخضراء، الفواكه، اللحوم الحمراء، لحوم الدواجن، الحليب والبيض..الخ. ويجب مكافحة كل أنواع الفساد ووضع حد للمتاجرين بمصالح المزارعين والمستثمرين في هذا القطاع.
إذا تعاملت لوزارة بشفافية أكثر مع كافة التحديات المطروحة لتطوير الزراعة، سيكون بلا شك لهذا القطاعع انعكاساته الإيجابية على الوطن وعلى المواطن وسيساهم في تطوير إقتصادنا وتحقيق الاكتفاء الذاتي لبلدنا العزيز.
تحقيق هذه الأهداف وتنفيذ الخطط والاستراتيجيات الزراعية لبلدنا سهل المنال لما تتمتع به موريتانيا من اعتبارات ذات أهمية كبيرة خصوصا مناخ بلدنا الجيد ( درجات الحرارة المناسبة) ومن نظافة مياهنا ومن تربتنا الخصبة الصالحة للإستثمار. الزراعي.
هذه الاستراتيجية الزراعية التي ننشدها ونتطلع إليها يجب أن تأخذ في الحسبان إطارا شاملا يتكون من الأهداف، المنتجات الزراعية الوطنية، ثنائية العرض والطلب بخصوص منتجاتنا الزراعية حسب الاستراتيجيات المعتمدة.
و العمل بكل ماهو ممكن ومتاح من أجل تطوير التنمنية الزراعية المستدامة في بلادنا.
لابد في الأخير إعطاء عناية خاصة للمؤسسات والشركات العمومية التابعة للوزارة.
فالبنسبة للمركز الوطني للبحوث والتنمية الزراعية يجب على الوزارة الوصية العمل على تطويره ودعمه والاستفادة من البحوث التي يقدمها وتشجيع الباحثين وتفعيل محطات البحث المختلفة له في الولايات المختلفة وخصوصا العمل على إدخال وتكييف الأصناف الزراعية، تطوير إنتاج كافة انواع الخضروات و العمل على توفير تقنيات متطورة للري.
تطوير كذالك عمل المدرسة الوطنية للتكوين والإرشاد الزراعي والعمل على إعادة هيكلة هذه المدرسة الهامة وتذليل كافة الصعوبات المطروحة لها،
لابد كذالك من تحسين أداء الشركة الوطنية للتنمية الريفية حتى تساهم في تطوير القطاع، ومن الأهمية بمكان تحسين ودعم العمل الذي تقوم به كل من الشركة الوطنية للإستصلاح الزراعي والأشغال والشركة الموريتانية للسكر ومشتقاته.
وفي الإخير ننوه على أن رئيس الجمهورية وعيا منه بأهمية الزراعة إفتتح بنفسه الحملة الزراعية 2022-2023، من تامشكط بولاية الحوض الغربي, هذه الحملة يعول عليها في تطوير القطاع الزراعي وخلق ديناميكية متواصلة بأهمية الزراعة والسعي لتحقيق الإكتفاء الذاتي.
فهل سينجح القائمون على قطاع الزراعة في تحقيق تطلعات الشعب الموريتاني وتنفيذ رؤية رئيس الجمهورية المتعلقة بتطوير هذا القطاع الحيوي الهام ؟