لقد جاء تقلد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني لمهامه على إثر أزمة سياسية متصاعدة طبعت المأمورية الثانية للرئيس السابق، وزاد من حدتها تصميم الرئيس على تعديل الدستور وانهماك الطبقة السياسية الموالية آن ذاك في إقناعه بالسعي لمأمورية ثالثة رغم رفضه الظاهر لذلك.
كل ذلك في ظل أزمات اقتصادية متفاقمة ومشاكل دبلوماسية كان البلد في غنى عنها كقطع العلاقات مع قطر على خلفية الأزمة الخليجية والموقف الموريتاني الغريب إن لم أقل المريب آن ذاك.
ومنذ الوهلة الأولى لاستلامه زمام الأمور بدا الرجل مختلفا في أسلوبه القائم على احترام الجميع وقدرته العجيبة على تأليف القلوب بدأ من المعارض الممارس وانتهاء بالحقوقي المشاكس فاستعادت الساحة السياسية عافيتها وأخلاقها حتى ليخيل للمراقب أن الرجل بلا معارضين.
وكما لملم الرجل جراح الداخل لم يفته تطييب نفوس الخارج فاستعاد البلد توازنه الدبلوماسي القائم على الأخوة والاحترام في علاقاتنا بالبلدان الأخرى لا سيما العربية والإسلامية منها.
ولأن "الحلو ما يكملش" كما يقول إخواننا المصريون لم يكد البلد يتنفس الصعداء ويشرع قطار التنمية في المسير بعد أن تهيأت له الظروف والبيئة المناسبة حتى داهمت العالم جائحة كورونا التي مرغت أنف الاقتصاد العالمي في التراب وشلت حركة النقل في الموانئ والمطارات مفضية إلى ندرة في الانتاج وغلاء في الأسعار وضائقة اجتماعية وإنسانية غير مسبوقة.
وفي هذا الظرف الحرج كان هم الرجل هو حماية الأسر الهشة من التداعيات الخطيرة لهذه الأزمة فأنشات المندوبية العامة للتضامن الاجتماعي ومحاربة الإقصاء (تآزر) التي شرعت مباشرة في توزيع المبالغ النقدية على الأسر المحتاجة بصفة منتظمة ناهيك عن أدوارها الأخرى في توفير المساكن والمدارس وغيرها.
وفي نفس الإطار تم توفير التأمين الصحي لمئات الأسر والاعتناء بأصحاب الأمراض المزمنة وتعبئة كل الموارد اللازمة للتصدي للتداعيات الصحية لجائحة فيروس كورونا حتى عبرنا موجاتها الثلاث بأقل الخسائر الممكنة مقارنة بما حصل مع أكثر البلدان قوة وثراءا.
ورغم أننا ودعنا جائحة كورونا التي استمرت لسنتين وعاد قطار التنمية للسير من جديد إلا أن العالم دخل في حرب جديدة هي الحرب الروسية الأوكرانية التي أدت إلى موجة غلاء غير مسبوقة حتى بات العالم على حافة المجاعة ومع ذلك مازال البلد يحافظ على سياسته الاجتماعية المنحازة إلى الطبقات الهشة والأكثر فقرا ومازال قطار التنمية يسير رغم بعض المطبات هنا وهناك.
أخيرا لا يهدف هذا المقال إلى تعداد إنجازات الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني فهي كثيرة يضيق المقام عن ذكرها، وإنما يحاول التنبيه إلى أننا كنا جد محظوظين بالرجل في هذه الفترة بالذات التي تميزت بتكالب الأزمات الاجتماعية،وقد أبان الرجل عن قدرة وحنكة ملفتة في مواجهتها حتى جاز لنا أن ننعته بالرئيس المناسب في الوقت المناسب.