تقلد السلطة عبر العالم قادة عظماء من الشباب، تميزو في صناعة الحكمة والشجاعة وأسسو للنهوض المجتمعي؛ في كل بقاع العالم من البلاد العربية والإسلامية؛ التي عرفت مدّا حضاريا استمدت منه الحضارة الأوروبية ألقها وتأسست على بنيات فكره ومخرجات نتائجه العلمية... فكيف كان دور الشباب في تأسيس الأوطان!
إن أول من سلّ سيفا في الإسلام تعريفا بالجاهزية الشبابية والحماس في انبلاج الحق هو الزبير بن العوام وعمره 15عاما؛ وسار على دربه أسامة بن زيد الذي حمل مشعل الجهاد في سبيل الله وهو في سن 18 مع وجود أفاضل الصحابة وكبارهم؛ فمؤسسة الإسلام جاءت لإنصاف البشر وتكليف كل مكلف بمسؤولياته الأخلاقية والدينية، فالجيل الأول من الصحابة كان جله شباب؛ فخاطب فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم روح الضمير البشري والإنساني و روح العدالة التي كانت حلما يستعصي تجسيده؛ وهو الواقع الذي شرّع لبلال بن رباح أن يعلي كلمة الله من فوق الكعبة وهو شاب..! وقد تواصل مسلسل الإنصاف الشبابي وتعزيز وجود الشباب حتى هارون الرشيد ذلك الشاب الذي بلغت حنكته السياسية والإدارية عنان السماء؛ فامتدت الخلافة العباسية 21 عاما..
أما في السياسات الغربية فقد كان من أشهر القادة الشباب وأعظمهم الإسكندر المقدوني الذي تسلم عرش مقدونيا وهو في سن 20سنة؛ فأسس بعد ذلك أعظم امبراطوريات العالم القديم؛
كما قاد الحملة الغازية في المستعمرات الفرنسية نابليون بونابرت وهو في سن 26 من عمره ثم تُوج إمبراطورا لفرنسا في 35سنة؛ وقد حذت ابريطانيا حذو ذلك فقد تولى ويليام الأصغر رئاسة الوزراء وهو في سن الرابعة والعشرين
إن الحركة الشبابية عبر التاريخ كانت هي الشراع الذي يقود كل نهضة وكل تطور فيستمد منها الاندفاعية والمصداقية ووضوح الرؤية في التحرر من القيود التقليدية..
وهنا في وطننا كان دور الحركة الشبابية الموريتانية هو الجسر الذي عبر عليه الاستقلال الوطني وهو الآلية التي رخصت للبناء الوطني الذي مايزال قيد التنفيذ؛ !
فقد تباشر الشباب الوطني بماشرعته السلطات الحاكمة مؤخرا؛ من لائحة وطنية للشباب؛ وهي حقيقة خطوة مهمة تستدعي لنا كشباب إعادة النظر والتفكير قبل مصارعة الخطى نحو.. اي شيء!
إن الشباب في الوطن يكتسي في عمومه طابع الطموح الذي سلب إرادته التطبيع مع القوى التقليدية من أحزاب راديكالية وأحلاف مشيخية غير مرنة سياسيا؛ بل تتوقُ لأن يصوم الشباب عن الكلام والفعل معها إلا لتثمينها أو تجليلها؛ فتلعب دور الوصي على الفئة التي ماتزال تحتاج رعاية في نظرها.. !
لكن في الحقيقة المتأمل للوطن اليوم والقارئ للوجه السياسي عموما ؛ يدرك أن هناك حلقة مفقودة في الساحة السياسية لا يستطيع أن يحملها غير الشباب الذي ينعش المسار ويبعث روح الأمل ويحقق الرغبة الاجتماعية الجامحة إلى التغيير؟ فالظرف الآن أصبح ظرف تمثيل وتموقع آن أوانه وطلع فجره؛ فينبغي اغتنام المتاح من الفرص وتوحيد الصف على كلمة سواء تفي بالمطلوب السياسي وتقدم المناسب الشبابي؛ فليس مألوفا ولا مستساغا أن يتكاسل الشباب عن ذاته ويترك المتسع للمؤلفة قلوب والغامرين.. !
إن التجديد الشبابي هو تجديد للتفكير الوطني وطرح لمشاكل أرقت كاهل الدولة لايستصيغها غير الشباب؛ ولا يعلم حقيقتها وضرورتها غيره.. فعلى الشباب أن يوصل الشباب إلى التمثيل النيابي والجهوي والبلدي ويقدم أصحاب المصداقية من وذي الكفاءة العلمية والأخلاقية؛ الذين عرفتهم الميادين وصالوا وجالوا دفاعا عن المهمشين والمغبونين في كافة الفئات.. فهي أمانة وطنية على الشباب أن ينتصر لقدراته ويحصد جهوده.. فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم..
ولم أرى في عيوب الناس عيبًا........ كنقص القادرين على التمام
وأخيرا فإن الشباب هو من يستطيع دفع عجلة التنمية في كل الأوطان إذا حرر رأيه واستصاغ جهده لله ورسوله ولأرضه وحقوقه.. !
حم أحميتي فال / اقتصادي وناشط شبابي..