رسالة إلى رئيس الجمهورية : هكذا يصممون الحلول / محمد افو ‏

هناك أنماط تقليدية للتفكير وأخرى مبتكرة .

يبدو هذا الكلام مكررا حتى الآن تماما كأخبار القتل والتدمير في العالم الإسلام .
لكن دعونا نلج خلف ستار الواجهة ذلك لنكتشف تقاليد التفكير وأعرافه ، كي نتعرف على جودة ما نقترحه من حلول .

الوضع القائم = مشكلة 
والتغيير = الحل 
يحتاج التغيير لعاملين دافعين :
الأول : رغبةٌ وطموحٌ جماهيريين عارمين ( دور الأمة. )
الثاني : رؤية ناظمة تخطط حركة هذا الطموح في شكل إرادة واعية ( دور النخبة ).

يحدث أن تتوفر إرادة نخبة لا تغري الجماهير بالتحرك .
ويحدث أن يكتمل مخاض الجماهير دون أن تحظى بناظم نخبوي .

لنتحدث عن كيفية. بناء تلك الصدفة وخلق ذاك التزامن بين طاقة الجماهير ونضج النخبة .

وأفضل مدخل لذلك هو كشف الخدع العقلية للنخبة وطبيعة مشاعر الأمم والجماهير .

الخدع العقلية للنخبة :
كثيرا مانسمع عن " الأيام التفكيرية " التي ينظمها هذا القطاع أو ذاك .
ولنأخذ عينةً، قطاع التعليم ( كما يسمى تفاؤلا ).
يتحدث الجميع عن بناء المدارس والجامعات وتأهيل الطواقم ورفع رواتب المدرسين .الخ .

لوهلة يبدو لنا أن تلك مقترحات حلول حقيقية ومنطقية ، وبالتالي  هي الحل .

الأمر ليس كذلك أبدا 
ما حدث هو أننا تعرضنا لخدع عقلية بسيطة وسنكتشف أنها تكرس الوضع القائم وتمتص أمل التغيير في ذات الوقت .

لاحظوا معي أن عقول قطاع التعليم قامت بعملية بسيطة وهي عرض مقترح حل هو عبارة عن نسخة عكسية  ( نيجاتيف ) من الواقع .
بمعنى إظهار ذات الصورة في الواقع معكوسة الالوان  وفق المعادلة التالية :
 ( المدارس قليلة = تكثير المدرس ) ( الرواتب ضعيفة = رفع الرواتب ) ( الطواقم غير مدربة = تدريب الطواقم ) ّ.. الخ .

لا شك أنكم الان تلاحظون تبعية العقل المفكر في الحل لبنية الواقع .
وتلاحظون كذلك اعتماده على صورة الواقع في انتاج صورة الحل  .

أي انه لم يفكر أصلا في الحل وإنما صاغ مقترحا يشبه المقترح التالي :
( نسبة الفقر عالية = ينبغي خفض نسبة الفقر ).

دعونا نشخص في عجالة عيوب التفكير العاكس  ( النيجاتيف ) .
ونورطه في أسئلة تفصيلية وجذرية .

- ماذا لو بنينا مدارس وانشغل غالبية الاطفال في العمل نتيجة فقر عائلاتهم ( استقرار الطبقة المستهلكة للتعليم  ).

- ماذا لو بيننا المدارس واتسعت دائرة بطالة حملة الشهادات ( كارثية تفاقم العرض في وجه انخفاض الطلب  ) .

- ماذا لو رفعنا مخصصات المعلم والكفالة المدرسية والمقاصف والنقل وبدلات السكن والغربة دون أن ندرس تنمية إيرادات الدولة ( علاقة التخطيط بالتنفيذ ) .

والأسئلة كثير وليست تلك أهمها بالطبع .

طبعا لن أذكركم  بنتائج أي " أيام تفكيرية " لكننا الآن ندرك لماذا لا يتغير شيء .

تفكير النخبة هو مجرد خداع عقلي نقع نحن وإياهم ضحاياه  .

هذا النمط من التفكير يمتص الطاقة الجماهيرية بإيهامها أن حلمها قيد التعقل والتخطيط كما لو كان طلبا مجابا .
بينما يشبه ذلك الوعد شوارع سوار الذهب التي يعد بها الجماهير في الساحات العامة بينما يغالب هو وأعوانه الضحك في سمرهم حين يسألهم " هو أنا ساحر عشان نعمليهم كل ده ؟".

أما طبيعة مشاعر الجماهير فهي طاقة تتراكم لتكتمل قوتها المحركة في تسارع عكسي بينها وبين ماتكره ( أي الجماهير).

لكن هذه الطاقة تحتاج لحاضنة أول مرتكزاتها عدم الإنصياع للتصديق ومخالعة الوهم .
وكلما تزامن التصديق مع المُشاهد ( نصدق ما نرى ) كلما أزفت لحظة التزامن بين طاقة الطموح الجماهيري ( مشروع الأمة ) و كفاءة النخبة في تصور حلول مبتكرة تعتمد التخيل والمعايرة بين الواقع المتخيل وإمكانيات الواقع المشهود .

وسأختم بمقارنة بين معادلة يفرضها الخداع العقلي  باعتماده عكس صورة الواقع المشهود كصورة للواقع المنشود .
 وأخرى تعتمد استيراد النموذج المتخيل من خارج الواقع المشهود كصورة للواقع المشهود 

نموذج التعليم في تونس أو في السينغال كهدف منشود .
هذا النموذج أو ذاك أخذ مسبقا بعين الاعتبار كل التحديات المقترنة بتحدي التعليم .
واستيراد النموذج لا يصلح عادة بتفاصيله وإنما يمنح فرصة للتعرف على أدوات وبنى التخطيط الواعي .
وبذلك تتحقق تبعية العقل للابتكار بصفته نقطة الانطلاق ، عكس ما هو حاصل في واقعنا .( تبعية العقل لصورة الواقع )

26. سبتمبر 2022 - 19:52

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا