يأخد علي بعض الإخوة الكتابة، من وقت لآخر، على هذا "الجدار"، باللغة الفرنسية ؛ وأريد أن أبدي هنا ملاحظات قليلة بهذا الخصوص.
١- في بلد متعدد الثقافات، من المهم أن يتأكد المهتمون بالشأن الوطني أن أفكارهم واقتراحاتهم وحلولهم تصل كل المواطنين في القالب المناسب لواقع البلاد اللغوي،
٢- لم آخذ درسا واحدا في اللغة الفرنسية خارج قاعات المنظومة التربوية العمومية الموريتانية،
٣- لدي قناعة راسخة بأن معرفة جيدة ببعض
اللغات الأجنبية، يشكل فرض كفاية بالنظر إلى مصالح البلاد الإقليمية والدولية،
٤- هناك مواضيع علمية وتقنية يصعب اليوم طرق بابها، موضوعيا، إلا بعد الوصول إلى مستوى أدنى في لغة بعينها،
٥- من أجل مساعدة مجتمعنا على التأقلم مع واقع عالمي لا يرحم، من الضروري التطرق إلى بعض الإشكالات "التراثية" تصحيحا وعصرنة، مهما صعبت المهمة... ونظرا إلى الطبيعة المحافظة لمجتمعنا، وتفاديا لإحداث أثر عكسي لما أريدَ التعبيرُ عنه، كأن تُستعمل مفردات "ملغومة" (المحاذير الثقافية)، أجد، في بعض الحالات، في استعمال لغة أجنبية، مخرجا للتوفيق بين احترام الذائقة العامة الموريتانية وضرورة دق ناقوس الخطر بالصراحة والوضوح الكافيين، انتصارا للمصلحة العامة. فمقولة "الكذب احرام والحگ ما ينگال كامل" تتناقض، في نظري، مع قاعدة "العلم ما منو سحوه"، لذا أقترح دمجهما على النحو : "الكذب احرام والعلم ما منو سحوه"...
٦- اشتهرت بلادنا عربيا بالتسمية "أرض المليون شاعر"، وهي شهرة مستحقة تاريخيا وتتأكد اليوم على منابر المسابقات الدولية ؛ ولدي قناعة أن إتقان اللغات الأجنبية يشكل امتدادا طبيعيا ومعاصرا لملكة الشعر، ويوفر فرصة لولوج مهن واعدة كالتأليف والترجمة والترجمة الفورية، ويساعد على التعريف بمقدرات البلاد المختلفة بطريقة مهنية ومقنعة للآخر،
٧- بالنظر إلى عولمة الحياة المعاصرة وإلى العجز الملاحظ في مجالي النشر والترجمة في بلادنا وفي شبه- المنطقة، يصعب على من لا يتقن لغة أجنبية أو أكثر أن يواكب الوتيرة المتسارعة لمواضيع الساعة وتداعياتها المحتملة والخطيرة أحيانا وطنيا وإقليميا وعالميا،
٨- يتصمن التراث العربي الإسلامي، أكثر من تشجيع وتحفيز على تعلم اللغات الأجنبية، مع تفصيل في فوائد هذا التعليم، في حقب تاريخية كانت الأحادية اللغوية هي النمط السائد عالميا، وكان السفر يتم سيرا على الأقدام أو ركوبا على ظهور الدواب أو باعتلاء القوارب الشراعية النادرة والغير آمنة. فعلينا أن نحيِّن هذه المعطيات التراثية طبقا لتحديات العصر الماثلة وإكراهاته المعقدة،
٩- قد لا يوافقني البعض - ولهم الحق في ذلك!- على أن تعلم لغة أجنبية يزيدك اعتزازا بلغتك-الأم ويزيد من فرص تعرف الآخر على هذه اللغة واحترامها،
١٠- يجمع الأخصائيون على أن تعلم لغة جديدة ينشط مناطق معينة من الدماغ ويحسن مقدرات صاحبها التعلُّمية ويرفع من مستوى تفكيره...