بسم الله الرحمن الرحيم
يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي.
فقدت الأمة الإسلامية أحد عظمائها، وأكثرها عطاء في مجال الدعوة والتعليم، والوعظ والإرشاد.
الشيخ الإمام الدكتور يوسف القرضاوي. طيب الله ثراه.
فقد كان طودا شامخا، وعلما من أعلام الأمة الأفذاذ. جمع بين تحقيق العلماء، وفصاحة الأدباء، وتأثير الخطباء.
كرس حياته للدعوة، واستنهاض همم الأمة للرقي بها إلى المكانة اللائقة بها دينيا وحضاريا.
لم يزل منذ نعومة أظافره داعيا إلى الله، صادعا بالحق، مزاوجا بين التمسك بالثوابت ومراعاة مقتضيات الوقت، وما يفرضه تغير الواقع المعاش. فلم يكن منبتا عن الواقع، بل كان يعيش عصره، غير مفرط في ثوابت دينه، مبينا صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان. وأنها هي الحل لما تتخبط فيه البشرية من أزمات.
لم يشغله تحقيق المسائل العلمية والدأب في بحثها عن الدعوة، وتبصير الأمة بما يصلحها دينيا ودنيوبا، وما فيه عزتها وكرامتها.
رزق القبول، وسرت توجيهاته وإرشاداته في الناس، سريان الماء في العود.
طاف مشارق الأرض ومغاربها، داعيا إلى الله، وحاثا الأمة على استعادة مجدها وكرامتها.
نشر الوعي بضرورة استعادة الأمة الإسلامية لمكانتها بين الأمم. مبينا وسائل ذلك وطرق تحقيقه.
لم يقتصر على البحث الأكاديمي والكتابة الرصينة التي ينتفع بها المثقفون وطلبة العلم. بل ظل يخاطب الجماهير باللغة التي يفهمونها؛ حتى عم الوعي بقضايا الأمة الكبرى جل أقطار العالم الإسلامي.
كان خطيبا مفوها، وشاعرا قديرا، وفقيها مجتهدا مجددا، وداعية من الطراز الأول.
لم يشغله التدريس والتأليف عن الخطابة والتوجيه. وحمل هموم الأمة، والبحث لهاعن حلول، والصدع بالحق، مع الحكمة والموعظة الحسنة.
انتهج نهج الوسطية بين التطرف والتميع.
استغل منبر الخطابة أحسن استغلال، لا يقنط الناس من رحمة الله، ولا يؤمِّنهم مكره.
امتاز بالرصانة والرزانة، وحسن الخلق، وسعة الصدر.
كان مرشداوموجها، ومرشٍّدا للصحوة الاسلامية. يحاذر عليها الغلو والتطرف، أو التفريط في الثوابت. رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته. وألحقه بالذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
نرجو الله أن يضاعف له أجر حسناته، ويجعلها من الأعمال التي لا تنقضي بموت صاحبها.
وأن يجعل ما بثه من علم مسموع أو مقروء، أو مرئي. وما قام به في مجال الدعوة، مضاعفا له عند الله تعالى.
إن الله لا يضيع اجر من أحسن عملا.
وإننا بهذه المناسبة الأليمة، نعزي أنفسنا، ونعزي أسرة الشيخ الإمام. واتحاد علماء المسلمين. ومحبي الشيخ وتلامذته، وجمبع المسلمين.
راجين من الله العلي القدير أن يرزقهم أجر الصابرين. وأن يرفع درجات فقيد الأمة وعالمها، في عليين. وأن يبدل الأمة من يخلفه في عطائه، وعلمه ودعوته. ومواقفه في نصرة الإسلام والمسلمين؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.
عبد الدايم بن الشيخ أحمد أبي المعالي