الفساد أيضا في الجيش! / الحسين محمد عمر

الحسين محمد عمردليل آخر ينضاف إلى الأدلة المتراكمة التي تثبت أن موريتانيا - الدولة الوطنية - غير موجودة وأنها مجرد قطع شطرنج يتلاعب بها جنرالات السلطة ومن يعيش في ظلهم الزائل، تلكم هي الخلاصة الوحيدة التي يمكن استخلاصها من آخر قصص الفضائح التي تعصف بالدولة الموريتانية المرتهنة في أيادي مفسدة.

 منذ البداية كان هدفنا الوحيد والذي سنظل نسعى له هو دولة مدنية تحترم لكل فرد من المجتمع حقه الذي يكفله له الدستور والقانون الموريتاني وهذا ما دفعنا للمطالبة برحيل العسكر عن السلطة والتفرغ لمهمتهم الرسمية ألا وهي حماية البلاد من شتى أنواع التهديدات الممكنة.

 ليس ببعيد الحادثة المؤلمة التي راح ضحيتها عسكريين حينما سقطت طائرة هليوكوبتر كان تقوم برحلة داخلية في مطار نواكشوط الدولي وأعلن حينها عن تحقيق معمق لمعرفة الأسباب، لكن كانت النتيجة في النهاية هي الإهمال ، هذا ليس سوى دليل على الفساد وعدم تحمل المسؤولية في قطاع يفترض فيه الجدية والصرامة، هذا فضلا عن الفوضى التي تعم كل هذا الوسط، فغني عن القول أن الكثير من الجنود المغلوبين على أمرهم يعملون في منازل أصحاب النياشين المزيفة ويعملون في مهام خارج إطار عملهم الذي تم اكتتابهم من أجله.

ليس هدفنا التشكيك ولا القدح في وطنية أولائك الجنود الذين يرابطون على الحدود حماية للوطن أبدا، لأنهم يبذلون الغالي والنفيس ويروحون ضحايا فيما نحن نائمون في بيوتنا ،فلهم التحية والتقدير، إنما القصد هم المتسلقون الجالسون في غرف مكيفة و في راحة تامة ولا يشعرون، للأسف، بمدى الإنهاك والتعب الذي يعانيه أصحاب الرتب المتدنية القابعين على الحدود، ليس هذا الكلام من فراغ إنما الدليل عليه آخر فضيحة تشهدها الساحة الوطنية حينما أقدم شاب مدني يدعى أعبيدي ولد الخوماني على الفرار بأموال جنودنا المساكين حيث كان يقوم بعملية تربح غير مشروعة بهذه الأموال التي سلمها له محاسب الجيش الوطني الشيء الذي ما كان  يمكن أن يحدث لولا أن هناك أيادي أخرى ضالعة في العملية ، وقد تناولت وسائل الإعلام أنه تم اعتقال المحاسب المسؤول ولكن هذا لا يعدو كونه ذر للرماد في العيون ونوع من الأخبار يسرب لوسائل الإعلام ليثبتوا أن هناك محاسبة في حين لم يكن من المفترض أن يحدث هذا أصلا، إذا كباقي الفضائح التي يتم الكشف عنها لا يستبعد أن تعمد الجهاد النافذة في الجيش خاصة من يمكن أن تكون متورطة  أن تقوم بالتغطية على هذه الفضيحة بتسوية ما وهو ما يثبت أن الضالعين في الفساد لن يلقوا العقاب اللازم وهو ما يعد بالمزيد من الفضائح ما دام النتيجة هذه.

إذا هذه الفضيحة تثبت أن ما نطالب به منذ فترة ليست قصير لا يخلوا من منطق خصوصا أن ما خفي سيكون أعظم لا محالة، وهو ما يضفي الشرعية على مطالب الموريتانيين بتخلي الجيش عن السلطة و ضرورة إخضاعه لسلطة التفتيش حتى يكون الكل على علم بما يدور خلف الكواليس بدل التعتيم المستمر الذي يخفى الكثير من الحقائق والفوضى.

علينا إذن المواصلة والإصرار على مطالبنا المدنية المطالبة بدولة مدنية بعيد عن الجيش وأدران أصحاب النياشين الفاسدين ، فمنذ خمسا وثلاثين سنة أي من بداية أول انقلاب عسكري ونحن نرزح تحت أحكام لم تولد لنا سوى المآسي والفوضى والفشل على مختلف المستويات ، إذا علينا أن نسعى جاهدين لنخلص هذا الوطن من قيادة عسكرية لا تسعى إلا للكسب المادي عبر سماسرة لا يملكون مثقال ذرة من وطنية همهم الوحيد هو لعق أحذية منتنة لا تخلف سوى الدمار.

عندما قام رأس النظام الحالي بالانقلاب على رئيس نظام منتخب - انتقاما لإقالته إياه- سوق لنفسه بعبارة رنانة يعشقها المستضعفين والفقراء بل كنى نفسه برئيس الفقراء لإغوائهم وتم التطبيل لذلك عن طريق زمرة من السياسيين المتلونين الذين دأبوا على التصفيق واللحلحة استبشر العامة خيرا وصفقوا وطبلوا على غبائهم غير مدركين أن المثل الحساني يقول (لميهَ ألا من اظْوية) لأن من عاش في نظام مفسد لا يمكن أن يكون بريئا منه وهنا تأتي اللحظة الحاسمة فالفساد في قطاع يرأسه رأس النظام نفسه وعليه أن يتخذ خطوات عاجلة حتى لا تثبت عليه التهمة التي تطلقها المعارضة وهي أن تهمة الفساد عبارة عن عصى مسلطة على المعارضين فقط.  

 

10. مارس 2013 - 19:46

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا