بطيبة انزل ويمم سيـد الأمم ..
وانشر له المدح وانثر أطيب الكلم ..
إن الحديث عن ذكر شمائل النبي صلى الله عليه وسلم وأخلاقه وخصوصياته؛ امتثال لأمر الله تعالى في كتابه العزيز:﴿وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ﴾؛ وقد ذكر الإمام السيوطي في الدر المنثور: {وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ويُعَزِّرُوهُ يَعْنِي الإجْلالَ، ويُوَقِّرُوهُ يَعْنِي التَّعْظِيمَ يَعْنِي مُحَمَّدًا ﷺ }.
إنه التَّوْقِيرُ: الذي تجلى في نماذج من حب الصحابة رضوان الله عليهم للنبي المعصوم صلوات الله وسلامه عليه.
لقد كان الصحب الكرام رضوان الله عليهم أشد الناس حبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وحق لهم ذلك فقد حازوا شرف رؤية الرحمة المهداة للعالمين، ونالوا مرتبة الصحبة التي لا يبلغها أحد بعدهم ولو أنفق مثل جبل ذهبا .. يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما..إنها مقامات الملازمة والتوقير والاتباع المستمدة من السنة العملية والتقريرية؛ فعن عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم من حديث خروج النَّبيّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم زمَنَ الحُديبيَةِ.. : { .. فرجَع عروةُ بنُ مسعودٍ إلى أصحابِه فقال: أيْ قومِ واللهِ لقد وفَدْتُ إلى الملوكِ ووفَدْتُ إلى كسرى وقيصرَ والنَّجاشيِّ واللهِ ما رأَيْتُ ملِكًا قطُّ يُعظِّمُه أصحابُه ما يُعظِّمُ أصحابُ محمَّدٍ محمَّدًا وواللهِ إنْ يتنخَّمُ نُخامةً إلَّا وقَعت في كفِّ رجُلٍ منهم فدلَك بها وجهَه وجِلْدَه وإذا أمَرهم ابتدَروا أمرَه وإذا توضَّأ اقتتلوا على وَضوئِه وإذا تكلَّم خفَضوا أصواتَهم عندَه وما يُحِدُّون إليه النَّظرَ تعظيمًا له وإنَّه قد عرَض عليكم خُطَّةَ رُشدٍ فاقبَلوها..}. صحيح ابن حبان.
جعلني الله وإياكم من الذين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفتهم: {مِنْ أشَدِّ أُمَّتي لي حُبًّا، ناسٌ يَكونُونَ بَعْدِي، يَوَدُّ أحَدُهُمْ لو رَآنِي بأَهْلِهِ ومالِهِ}. صحيح مسلم.
وأما العناية بتناول سيرته الزكية وتكريم من يخدمها فهو من التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم فقد ذكر الإمام ابن كثير في البداية والنهاية:{ أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ أعطاهُ - يعني كعبُ بنُ زُهَيرٍ- بُردَتهُ حين أنشدَهُ القصيدةَ [بانَتْ سُعادُ]}.
[هذا من الأمور المشهورة جدا وإن كان في إسناده مقال].
ثم إن المتصفح لكراس الفضاءات الرقمية في هذا الموسم الأزهر؛ يلاحظ دون كبير عناء، تدثره بستور التوقير التي ألقت أطرافها على أكنافه فتنسمت أريج المحبة الممزوجة بحروف مضيئة؛
تعطرت بسيرة المصطفى صلوات الله وسلامه عليه في شهر ربيع الأول، تقع عيناه على حين رؤية.. على نسائم المديح النبوي الشريف.. وهو أسلوب تراثي جميل؛
يجمع بين السرد التاريخي للوقائع من جانب، وتثوير الوجدان للتعلق بالنبي العدنان عليه أفضل الصلاة والسلام.. من زاوية أخرى.. وضاءة..
إنه كنز ينبغي أن تتم العناية به..
ماديا ومعنويا..
التمويل..
التنقيح..
التصحيح..
التدوين ..
الإدماج؛
ليثمر فنا راقيا ..
ترك بصمات واضحة في الذاكرة الجمعية..
كانت أصوات "المداحه" الندية تشدو بنثر ورود زكية الرائحة..
معطرة برائحة محبة المصطفى صلوات الله وسلامه عليه. تزرع في القلوب التعلق بتلك الشمائل السامية المقام..
إنه أسلوب فطري للتعليم ..
يتلقاه الكل على تفاوت في مستويات الأخذ والتلقي..
ثم إن أهل المدح وهبت لهم قدرة فائقة على المشاركة في صناعة التراث الإسلامي في أبدع صوره الوجدانية..
التي تربت عليها الأجيال في هذا المنكب من أرض الله الواسعة..
وله دور كبير في إبراز مكانته في التربية وتوجيه السلوك..
إنه نشر لسيرة الصادق الأمين عليه الصلاة والسلام.
وتعداد لصفاته الخُلُقية والخَلقية..
وإظهار الشوق لرؤيته..
والتعلق بزيارة وحب الأماكن المباركة التي تشرفت به..
مع ذكر معجزاته الماديّة والمعنويّة والإشادة بغزواته وصفاته والصلاة عليه توقيرا وتقديراً وتعظيماً.
وذكر مواقف الآل والصحب رضوان الله عليهم..
من أجل ذلك..
على الجميع العناية بالمديح وأهله ..
والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على المبعوث رحمة للعالمين سيد ولد آدم محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.