قضيت يوم السبت ساعات بطعم الذل ورائحة البول والنتانة، قد قامت الشرطة الموريتانية بتوقيفي لحظة خروجي من القهوة التونسية،حيث كنت أحضر اللقاء الأسبوعي الذي ينظمه ملتقى 21 أغسطس الثقافي،وكان ضيفنا فيه الشاعر الموريتاني المخضرم ناجي محمد إمام،وقد حدثنا
عن حالة الضياع التي يعيشها الوطن...المهم قلت للفرقة التي أوقفتني هذا ليس قانونيا وانتهاك لحرية التنقل، فحالة الطوارئ لها أسس يجب مراعتها وعليها الخضوع للمسطرة القانونية .فالرئيس لم يعلنها ولم تذع في المنابر الرسمية ولم يحدد لها وقت ونطاق زمني كمايجب،أنتم تعاملوننا كخراف تحددون لنا وقت نومنا ولن نقبل وتفترضون مسبقا أننا مجموعة من المجرمين...
لم يجبني، وقال لي إصعد ونظر الى بوجه ممتقع منفعل ميت،أوقفوا كذالك معي مواطن سويسريا وإنطلقنا الى مفوضية الشرطة (تفرغ زينة 4)، وعند وصولنا أدخلوني الى مبناها، وطبعا أطلقوا سراح السويسري قبل أن تلج قدماه المفوضية فهو سويسري وأنا مواطن موريتاني حقير.
كانت المفوضية مكتظة بالمواطنين والاجانب(الافارقة والعرب) الموقوفين رغم أنهم يحملون اوراقهم...يستنشقون معا رائحة البول المنبعثة من حمامات المفوضية المقرفة، بدات أقول لهم توقيفكم لي ليس قانونيا وهو إنتهاك لحقوقكم...تفاعل معي بعضهم وبدأوا يطالبون بالخروج فرد بعض عناصر الشرطة بضرب بعضهم ضربا مبرحا والتلفظ بعبارات عنصرية في استمرار لانتهاك حقوق الانسان...مما أدى بأحد الموقوفين الى أن يقول لاحد عناصر الامن:
"لو لم تكن ترتدي زي الشرطة وفي المفوضية لاوسعتك ضربا،فانا أستطيع ذالك وانت تعرف،لكن يمنعني أحترامي لزيك".
مرت الساعات وإزداد الاحتقان فالباعوض لعب باجساد الموقوفين والجوع سكن في بطونهم وحاول البعض النوم فلم يجد مكانا لان الارضية متسخة كأفكار عناصر الشرطة، لكن لم يمنع كل هذا من أن تتعالى النغمات والالحان التي تعبر عن كل صوت ...فالفلسطيني أطلق العنان للدبكة والتراث الفلسطيني...والافواري أضفى للمكان لمسة إفريقية رائعة...كذالك كان لديمي وسدوم وولاد لبلاد مكان في المفوضية...أيضا حضر بقوة نقاش جدلية بارشلونة وريال،وفي الصباح وبعد تزايد الاحتجاج قرر الامن أن يطلق سراحنا، وخرجنا وتركنا الاجانب لمصيرهم.
بعد خروجنا قال بعض الموقوفين للامن إنتظرونا الليلة سنزوركم لاننا نعمل في الليل ولانستطيع تركه وانتم لن تعوضونا ما نجني ونعيش منه .
ماحدث أمر طبيعي لاننا نعيش في ظل دولة اللاقانون،واحتقار الانسان، وتقييد الحريات، ففي نفس اليوم قام النظام برفض مسيرة كانت النساء الموريتانيا تنوي تنظيمها في ذكرى عيد المرأة (8مارس)،لكن نحن من يسمح لهم باحتقارنا فلو خرجنا لهم ورفضنا حالة الطوارئ هذه وتقييد الحريات والظلم والعنصرية لن يستطيعوا التمتع بإذلالنا.