كلمة حق في حق الديموقراطية / محمد الأمين بن الشيخ بن مزيد

 د. محمد الأمين بن الشيخ بن مزيدالحمد لله رب العلمين ( له الحكم وإليه ترجعون )( ولا يشرك في حكمه أحدا )( له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين )( بيده الملك وهو على كل شيء قدير ) والصلاة والسلام على سيد المرسلين وقائد الغر المحجلين الذي أرسله الله

(شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا )الذي قال الله عز وجل فيه ( إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون ) ورضي الله عن الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد فهذه كلمة حق في حق الديموقراطية تصحح التصورات النظرية في هذا المجال ، وترد الأمور إلى نصابها ، وتبيّــــــِن أن هذا المذهب من مذاهب السياسة الوضعية ليس وحيا إلهيا ولا شرعا نبويا ، ولذلك ففيه مجال واسع للأخذ والرد ، والتصويب والنقد، فعلى المؤمنين بهذا المذهب أن تتسع صدورهم قليلا للرأي الآخر . وفي البداية أنبه إلى أمرين : أولهما أن نقد الديموقراطية أو رفضها ليس انحيازا للظلم والطغيانِ والفساد ِوالاستبدادِ ، والاستعلاءِ في الأرض بغير الحق ، والتكبرِ على عباد الله ومظاهرةِ المجرمين والكافرين والظالمين ، فالمسلم لا يمكن أن يكون كذلك وهو يقرأ قول الله عز وجل (رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين )وقولَ الله عز وجل(فلا تكونن ظهيرا للكافرين)وقولَ الله عز وجل ( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ومالكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون ). فالمسلمُ لا يظلم و لا يركن إلى الذين ظلموا ، بل يقف في وجه الظلم ويسعى لتغيير المنكر وإقرارِ المعروف ، فالأمرُ بالمعروف والنهيُ عن المنكر صفة أصيلة من صفات المؤمنين والمؤمنات (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم ) وأفضلُ الجهاد كلمةُ حق عند سلطان جائر ، وقد بايع النبي صلى الله عليه وسلم طائفة من أصحابه على أن يقولوا بالحق أينما كانوا لا يخافون في الله لومة لائم كما في حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه في الصحيحين . والحاكم في الإسلام وكيل عن المسلمين لا يحق له أن يتصرف إلا طبقا للمصلحة ومن القواعد الفقهية المعروفة ( تصرفات الإمام منوطة بالمصلحة ) وقد شرح مضمونَ هذه القاعدة العلامة ُأبو العباس أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن الصنهاجي المشهور بالقرافي المتوفى سنة 684 في كتابه (الفروق) في الفرق (223)بين قاعدة ما ينفذ من تصرفات الولاة والقضاة وبين قاعدة ما لا ينفذ من ذلك وقد قــرَّر أن " كل من ولي ولاية الخلافة فما دونها إلى الوصية لا يحل له أن يتصرف إلا بجلب مصلحة أو درء مفسدة ."وقرر أن الجميع " معزولين عن المفسدة الراجحة والمصلحة المرجوحة والمساوية وما لا مفسدة فيه ولا مصلحة . " لذلك فإن أي صلاحيات تمنح للرئيس أو لأي مسؤول فهي مقيدة بالمصلحة ،وفي تطبيق هذه القاعدة ضمانة مانعة من الفساد والاستبداد ولا أدري هل يوجد ما يماثلها في النظم الديموقراطية ؟ ومهمة المسلم عند ما يتصرف المسؤولون خارج المصلحة هو تغيير المنكر ، و الوقوف في وجه التعدي ، وليس الانحياز للقائم بالمنكر . إن نقد الديموقراطية أو رفضها لا يعني الانحياز للظلم وكأننا أمام خيارين لا ثالث لهما : إما الديموقراطية وإما الديكتاتورية ، وكأننا أمة بلا دين ولا رسالة ولا دعوة وكأن العدل الذي نبحث عنه لا طريق له إلا التخلى عن ديننا واعتناق مذهب آخر .وقد أرسل الله الرسل وأنزل الكتب (ليقوم الناس بالقسط). ثانيهما : أن الفساد الذي نعاني منه والذي تغلغل في كل مناحي الحياة حتى وصل إلى (الجبل) وإن المشكلات التي ينوء بها المجتمع ومنها :الجهل والفقر والمرض وضعف المناعة الأخلاقية لا يوجد له حل في الديموقراطية ، وليس ذلك من رسالتها، فهي لا تغرس الوازع الإيماني ، ولا تؤلف بين القلوب ، ولا تدل الناس على الله ، ولا تقيم العدل الحق ، ولا تطعم الناس من جوع ، ولاتؤمنهم من خوف ، فتلك هي رسالة الإسلام ، (« يا معشر الأنصار ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بى وعالة فأغناكم الله بى ومتفرقين فجمعكم الله بى ) رواه البخاري ومسلم ( إن طالت بك حياة لتريَنَّ الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحدا إلا الله) رواه البخاري ويعجبني وعْي عباس محمود العقاد بهذه الحقيقة فقد قال في كتابه الذي خصصه لنقد الشيوعية وسماه أفيون الشعوب (ص :68) " ليست الديمقراطية دينا ينازع الشيوعية في ميدانه ، وغايةُ ما يُرجَى منها أنها دعوة مانعة لسوء الحكم ، ومانعة للحجر، ومانعة للقيود الجائرة في تقسيم الأعمال والأرزاق ، وأما التطبيق الإيجابي فليس من رسالة الديمقراطية في عصر من العصور ، ولكنه من رسالة الإسلام بغير جدال، في هذا الزمن على الخصوص ، لأنه زمن يتقدم فيه المسلمون ، ويتعلمون فيه كيف يطبقون الإصلاح الاجتماعي، مُوفِّــقا بين مطالب المادة ومطالب الروح ، ومقتضيات العلم الحديث. " فالإسلام هو الحل وليس الديموقراطية ، ولقد خاب من أحَلَّ الدعوةَ إلى الديموقراطية محلَّ الدعوةِ إلى الإسلام . والآن أبدأ بكلمة الحق التي أردت تسجيلها بحق الديموقراطية فأقول وبالله التوفيق : 1. تقوم الديموقراطية على مبدإ أن الشعب هو مصدر السلطات بما في ذلك السلطة التشريعية ويتم ذلك عن طريق اختيار ممثلين عن الشعب ينوبون عنه في مهمة التشريع وسن القوانين ، فالمشرِّع في الديموقراطية هو الإنسان ، ولذلك نجد في المادة الرابعة من الدستور الذي كتبه الرئيس الأسبق : " القانون هو التعبير الأعلى عن إرادة الإنسان . " وهذا مناقض لقول الله عز وجل ( إن الحكم إلا لله أمر أن لا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) وقد قال الله عز وجل ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ) وإنما كانوا كذلك لأنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه . " وفي هذا يقول الأستاذ محمد قطب : " إن الناس في جميع الأنظمة الأرضية يتخذ بعضهم بعضا أربابا من دون الله يقع ذلك في أرقى الديموقراطيات ، كما يقع في أحط الديكتاتوريات . " 2. تقوم الديموقراطية على اعتبار الشعب حكَما وحيدا ترد إليه النزاعات بينما لا يكون الرد فيما تنازع فيه المتنازعون في دين الله إلا إلى الكتاب والسنة قال الله تعالى ( وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ) بينما تقول الديموقراطية : فحكمه إلى الشعب وقال الله تعالى ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ) بينما تقول الديموقراطية : فردوه إلى الشعب . وقد قال تعالى ( ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا ) قال ابن القيم في إعلام الموقعين عن رب العالمين : " والطاغوت كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع ، فطاغوت كل قوم من يتحاكمون إليه غير الله ورسوله أو يعبدونه من دون الله أو يتبعونه على غير بصيرة من الله ، أو يطيعونه فيما لا يعلمون أنه طاعة لله ، فهذه طواغيت العالم إذا تأمَّلتَها وتأمَّلتَ أحوال الناس معها رأيت أكثرهم خرجوا عن عبادة الله إلى عبادة الطاغوت وعن التحاكم إلى الله وإلى الرسول صلى الله عليه وسلم إلى التحاكم إلى الطاغوت وعن طاعته ومتابعة رسوله صلى الله عليه وسلم إلى الطاغوت ومتابعته . "  3. تقوم الديموقراطية على مبدإ حرية التدين والاعتقاد وإباحة الردة عن الإسلام الأمر الذي يناقض الشرع فالمرتد يقام عليه حد الردة الثابت في حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" من بدل دينه فاقتلوه . " رواه البخاري قال الترمذي : " والعمل على هذا عند أهل العلم في المرتد ، واختلفوا في المرأة إذا ارتدت عن الإسلام فقالت طائفة من أهل العلم تقتل ، وهو قول الأوزاعي وأحمد وإسحاق ، وقالت طائفة منهم تحبس ولا تقتل وهو قول سفيان وغيره من أهل الكوفة ." مع أن الديموقراطية الغربية في ممارستها الواقعية لا تسمح بالارتداد عن دين الديموقراطية إلى نظام الإسلام ولا تسمح بالخروج عن القانون الفرنسي إلى القانون الإسلامي ومن الشواهد على ذلك ما ذكره الرئيس السابق محمد خون ولد هيداله في مذكراته عن قرار تطبيق الشريعة الإسلامية قال : (ص:109) " أزعج القرارُ فرنسا بشكل غير معتاد وطلبوا منا العدولَ عنه لدرجة أن سفيرهم كان يزورنا بشكل مستمر لغرض واحد هو"نصيحتنا " بعدم تطبيق الشريعة ويقول : إنهم يخافون أن يجر علينا القرار مشاكلَ وكان حديثهم يكتسي طابع النصح على العموم ، أما نحن فكنا نرد عليهم بأن هذه شريعتنا وخصوصيتنا وأن لا خوف علينا منها لأن الشعب يساندها ." وقال " ظلت المنظمات الدوليةُ الناشطةُ في مجال حقوق الإنسان تراودنا على العدول عن القرار ، ويمنوننا بالتمويلات الكبيرة إن نحن فعلنا ذلك وكان هذا الأسلوبُ متبعا من طرف هذه المنظمات في العديد من المجالات ، فقد عرضوا علي تمويلات مماثلة إن أصدرنا قرارا بتحريم خفاض البنات . " قال " وقد لقي قرار تطبيق الشريعة الإسلامية معارضة قوية من طرف الحركة الوطنية الديموقراطية حيث أطلق أطرُ وأفرادُ هذه الحركة حملةً قوية ًضد القرار حتى إنهم كانوا يواجهونني في الزيارات الداخلية بالقول إن البلاد ستتحول من بلاد المليون شاعر إلى بلد المليون مقطوع ولكن المواطنين هم الذين كانوا يتولون الرد عليهم . " قال " وبعد فترة وجيزة من تطبيق القرار استتبَّ الأمنُ وتفرقت العصاباتُ الإجراميةُ وعاد كثير من أفرادها إلى دولهم . " (ما أحوجنا الآن إلى تطبيق القرار.) قرارُ تطبيق الشريعة الإسلامية يزعج فرنسا الديموقراطية رغم انسجامه مع إيمان المؤمنين ، ورغبة المجتمع ،ومصلحة البلد ،وتبذل جهودها لتغييره ولكن ديموقراطيتها تسمح بسن قانون الزواج للجميع كما حدث قبل أيام ، هذا القانون الذي تهدف الحكومة الفرنسية من ورائه إلى تغيير تعريف الزواج في القانون المدني الفرنسي من رباط بين "رجل وامرأة" إلى رباط بين شخصين. !! 4. تقوم الديموقراطية على مبدإ حرية التعبير مهما كان هذا المعبر عنه ولو كان طعنا في الدين واستهزاء بآيات الله والله عز وجل يقول :(ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم . " وفي الإسلام تعبير جائز وتعبير محرم وتعبير واجب مثل تغيير المنكر باللسان لمن لم يستطع تغييره باليد . وقد عدد الغزالي في إحياء علوم الدين عشرين آفة من آفات اللسان منها الغيبة والنميمة والكذب والخوض في الباطل . مع أن حرية التعبير في الغرب لها خطوط حمراء والمثال الأقرب على ذلك هو قصة عميدة الصحافة في البيت الأبيض هيلين توماس التي عملت مع عشرة من الرؤساء الأمريكيين ثم رحِّلت عن البيت الأبيض لأنها عبَّـــــرت عن رأيها ،وقالت : "على الإسرائيليين الذهاب إلى أوطانهم في بولندا وألمانيا وأمريكا وغيرها من الأمكنة». وقد علقت هلين توماس على ما حصل لها بقولها :" في هذا البلد لا يمكنك انتقاد إسرائيل والنجاة» 5. تقوم الديموقراطية على مبدإ فصل الدين عن الدولة وعن السياسة وعن الحياة .والإسلام دين شامل لشؤون الحياة لا يمكن حصره في زاوية ضيقة ففيه العقيدة والأخلاق والعبادات والمعاملات ، والقوانين الجنائية ،فيه الأحكام السياسية ، والاقتصادية ، والاجتماعية ، فيه أحكام الحرب والسلم والعلاقات الدولية ، والشؤون الدبلوماسية وغيرذلك . واعتبار الدين علاقة بين العبد وربه واعتبار أنه لا شأن له بأمور الحياة إيمان ببعض الكتاب وكفر ببعضه (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما يعملون ) والإمامة كما يعرفها ابن خلدون في المقدمة : " خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا به . "  وعندما يُفْصَل الدين عن معظم نواحي الحياة المختلفة فلا بد ن تعوَّض أحكام الدين بشرائع الجاهلية . 6. تقوم الديموقراطية على مبدإ الحرية الشخصية فللمرء في ظل الديموقراطية أن يفعل ما يشاء ويمارس ما شاء إذا لم يخالف القانون الوضعي الذي وضعه الإنسان ولْيخالف من القوانين الشرعية ما شاء بينما يقيد الإسلام تصرفات الشخص بحدود الشرع ( تلك حدود الله فلا تعتدوها ) ( تلك حدود الله فلا تقربوها ) ( ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه )  7. تقوم الديموقراطية على مبدإ حرية تشكيل التجمعات والأحزاب السياسية مهما كانت عقيدتها وأفكارها وفي الإسلام إنما يشرع التعاون على البر والتقوى ولا يجوز التعاون على الإثم والعدوان ، ولا إقرار ذلك ولا تشريعه ولا تشجيعه . ومن الواجبات الإسلامية تغيير المنكر باليد واللسان والقلب وفي حديث السفينة المشهور يقترح أحد ركاب السفينة خرق السفينة من أسفل حتى لا يتأذى من هو في أعلى السفينة بمرور المارة أو ببلل المياه ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك : " فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا وهلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا . " رواه البخاري . وحرية التجمع التي لايضبطها الشرع تؤدي إلى تشتيت الأمة وتفريقها ، وإلى فتح الباب أمام أعداء الأمة ليدخلوا عبر أوليائهم ، فيتحكَّموا ويغــــرِّبوا ويفسدوا . مع أن هذه الحرية في الديموقراطية الغربية محكومة بالأهواء، فالتجمع لمناصرة الغزو الفرنسي الصليبي للشمال المالي تجمع مشروع عندهم ، والتجمع لمناصرة المسلمين المظلومين عندهم إرهاب !! 8. تقوم الديموقراطية على مبدإ اعتبار موقف الأكثرية لا اعتبار الحجة والدليل . والحق في الإسلام ما وافق الكتاب والسنة ، وإن خالفه أهل الأرض وقد قال السلف : الجماعة ما وافق الحق وإن كنت وحدك قال ابن القيم في إعلام الموقعين عن رب العالمين : " واعلم أن الإجماع والحجة والسواد الأعظم هو العالِم صاحب الحق وإن كان وحده ، وإن خالفه أهل الأرض . " مع أن الحاكمين في كثير من النظم الديموقراطية الغربية لايمثلون الأكثرية لأسباب كثيرة يعرفها المتخصصون قي هذا المجال من أولها عزوف الناس عن المشاركة في الانتخابات لأسباب منها شعورهم بأنهم أمام خيارات أحلاها مر ، وأن العملية برمتها صراع بين (قوارين المال ) وناهبي ثروات الأمم ، وتجار السلاح ، ومافيات المخدرات ، والشعبُ مستــــعْبَد مستحْمَر في صراع لا مصلحة له فيه ، وقد يصل العازفون عن المشاركة إلى النصف (يقال إن نسبة الناخبين في الولايات المتحدة لم تتجاوز66% من عدد الأشخاص الذين يحق لهم الانتخاب .) فإذا حاز البعض أكثرية من هذا العدد خوَّل له ذلك في الديموقراطية أن يحكم ، وقد لا يحظى بهذه الأكثرية ، ولكنه ينجح بواسطة ألا عيب التحالفات والتوافقات والخِدَع ، فتحكم البلادَ أقليةٌ لا يسندها شرع ولا أغلبية . 9. تقوم الديموقراطية على نظرية أن المالك الحقيقي للمال هو الإنسان فهو يكتسب المال كما يشاء وينفقه كما يشاء ، وإن ارتكب الكبائر والموبقات والله عز وجل يقول ( وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه ) والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : " إن لله ما أخذ وله ما أعطى . "رواه البخاري .وقد تفرض القوانين الغربية على الذين ينتجون المواد الضارة بالناس غرامات تساهم في علاج ضحاياهم مثل ما يحصل مع مصانع السجاير !! تلك هي الديموقراطية . هي في مبدئها النظري وأصلها الغربيِّ عقيدةٌ تجعل السيادة للناس لا للخلق ثم نختلف مع الدين في شتى مناحي الحياة ، وهي في جانبها الدنيوي المشهود دكتاتورية أقلية تحكم الأكثرية . قال قائل :إن الديموقراطية مثل الحرباء تتشكل بلون الشجرة التي تكون عليها حتى يكاد يختلط لونها بلونها ، والديمقراطية في بلاد المسلمين ، وبعد الإطاحة بعتاة المتجبرين ستسلم وجهها لله وتقول كما قالت بلقيس( رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين ) وبالتالي فلن تكون هناك منافاة بينها وبين أن نحكم بما أنزل الله ، ونعلن أنه لا حكم إلا لله ،ونقيم الحدود الشرعية على المرتد والسارق والزاني والقاذف وشارب الخمر ، ونرد ما تنازع الناس فيه إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ونحرم الغيبة والنمية والكذب وكل آفات اللسان المحرمة في الشرع ، ونقول إن الحق هو ما دل عليه الكتاب والسنة ،وإن خالفته الأكثرية ،ونشترط الشروط الشرعية في الناخب والمنتخَب ، ونقرِّر أنه لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ونرفع شعار الإسلام هو الحل ويكون ذلك كله عير مناف للديموقراطية بعد أن أسلمت  قلت : إذا أسلمت وتحجبت فلا إشكال . سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

 

 [email protected]

12. مارس 2013 - 19:10

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا