إلي مؤتمر العلماء المجتمعين في قصر المؤتمرات
أيها السادة الأفاضل: لقد شهد لكم القرآن شهادة علم بوصف – فاحذروا أن تخرجوا من الاجتماع إلي وصف آخر ذكره القرآن للعلماء أعاذنا الله وإياكم منه.
فالوصف الأول في القرآن هو قوله تعالي: {{ ويري الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلي صراط العزيز الحميد}}، أما الوصف الثاني فهو قوله تعالي:{{واتل عليهم نبأ الذي ءاتيناه ءاياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين}}.
فأي مسلم أسلم وجهه لله وهو محسن عندما يسمع مؤتمر علماء المسلمين ينصرف ذهنه إلي نتيجة الحكم في الآخرة، كما ينصرف ذهنه إلي قول الله المبين في الدنيا للمسلمين بواسطة توجيهه لرسوله صلي الله عليه وسلم وهو قوله تعالي:{{فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك علي صراط مستقيم}} إلي قوله :{{وسف تسألون}}.
وأود هنا أن أقتصر علي ما أريد تنبيه علماء المسلمين عليه في ظروف المسلمين حاليا.
فلا شك أنكم جئتم تمثلون شعوبكم الإسلامية لمناقشة ما ينجيهم جميعا من عذاب الله المحقق لكلمات الله حيث يحين تأويله.
وقد تركتم شعبا مسلما تنقسم حياته إلي قسمين:
1 – قسم حاكم واجهة حكمه أنه يحكم علي عباد الله بشريعة لا يسمع فيها المسلم أوامر الله في الحكم الشرعي علي عباد الله، ومع ذلك هؤلاء الحكام يؤمنون بقوله تالي:{{قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلي ربكم ترجعون}}، وفي لحظة هذا الرجوع تعلم كل نفس ما قدمت وأخرت يقول تعالي:{{أفمن هو قائم علي كل نفس بما كسبت}}.
2 – قسم آخر من أبناء الشعب المسلم اختطف الشيطان عمق إيمانه بالنصوص حتى جعل – أعوذ بالله- نصوص القرآن حجة علي تصرفه المؤدي إلي محرقته يوم القيامة.
فقد حول أعلي طاعة لله في الله إلي إباحة أسوأ معصية تغضب الله عند الرجوع إليه {{ويحسبون أنهم يحسنون صنعا}}، فقد حول الجهاد سنام الإيمان عن أصله الأصلي المسطر في القرآن إلي قتل المسلمين والمسالمين الأبرياء من غيرهم تقربا إلي الله بمعني أن الحكام حكموا بسلطانهم غير شرع الله علي عباد الله، والحركات حكموا اجتهادهم الموحي من الشيطان إلي ما يستوجب غضب الله.
وهنا يأتي دور القسم الثالث وهو العلماء الذين أمرهم الله بنصح السلاطين وجعله هو وحده هو الدين بتعريف النبي صلي الله عليه وسلم في الحديث للمسند والمسند إليه (الدين النصيحة) إلي آخر الحديث، وفي نفس الوقت أمر العلماء بتبيين الحكم لأي مسلم اختلف مع أخيه المسلم.
يقول تعالي: {{ فإن تنازعتم في شيء فردوه إلي الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله}}، ويقول تعالي:{{وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلي الله}} فتكون عندئذ النتيجة الصادرة في الدنيا تنفع في الآخرة وهي كما يلي:
1 – علماء يبينون حكم الله لحكام المسلمين ويبينون كذلك حكم الله للشعوب الإسلامية: {{يا أيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعم ,,,}} إلي آخر الآية أعلاه.
فإن لم يمتثل الجميع: علماء لم يبينوا الحكم، وحكام طغاة في الدنيا علي الله لا يمتثلون حكم الله في شعب الله، وبغاة خرجوا من أوامر الله إلي ما يغضب الله ، فإن الأمر جلل ولاسيما في الآخرة.
فالأولون لعنهم الله :{{إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدي من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون}}.
أما القسم الثاني فقد سجلهم الله في المنافقين يقول تعالي:{{ وإذا قيل لهم تعالوا إلي ما أنزل الله وإلي الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا}} إلي قوله تعالي عن موقفهم :{{إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا}} إلي آخر الآيات.
أما القسم الثالث فقد صب الله عليهم غضبه في الدنيا بنوع عقوبتهم بعد الخزي في الدنيا والعذاب في الآخرة.
وهنا نصل إلي ما يراه المسلم من عمل كل هؤلاء في الدنيا لينظر بقلبه جزاءهم في الآخرة.
فالعلماء يجتمعون ليعلنوا أن موضوع الاجتماع النظر في أمور المسلمين، فجميع ما يركزون عليه هو الاتفاق علي ما يرضي الحكام وأعداء الله من التنديد بفعل ما يسمونهم بالارهابيين التي سماهم بها بوش الإبن عليه لعنه الله بدلا من اسم الإسلام لهم البغاة أو قطاع الطرق إلي آخر وصفهم في الآية، ويتفقون علي ترك أعداء الله يضربون هؤلاء الحركات ليقتلوا معهم بطائراتهم العمياء أبناء المسلمين حتى النساء والرضع الآمنين، وأماكن هذا كلها معروفة لدي العلماء.
أما تدخل العلماء فينحصر في سلمية الإسلام وأنه دين سلام ورحمة ومحبة إلي آخر ما يشرق فيه العلماء ويغربون لنشره لإسماعه لأعداء الله وكأنهم يغرونهم علي مزيد من قتل أبرياء المسلمين بحجة مكافحة الإرهاب.
وهؤلاء العلماء المبينون لمحاسن الإسلام في نظر الأعداء يتجاهلون الآيات التي ذكر الله فيها حقيقة غير المسلم وأنه أولا في الدنيا خلق الله كثيرا منه ليكون حطبا لجهنم هنا، أما في الآخرة فمن استمع إلي آيات عذاب الله لأعداء الله في الآخرة بسحبهم علي وجوههم في النار، ويشترك الجميع في وصف أهل هذا العذاب تارة بالفسق وتارة بالظلم وتارة بالإعراض عن حكم الله إلي آخر ما في القرآن الذي يلخصه قوله تعالي عن الإنسان: {{ثم رددناه أسفل سافلين}}، فلم نجد عالما يذكر عزيمة الإسلام وذكره المتكرر للإنسان بالمهانة والحيوانية إلي آخره عند إعراضه عن الإيمان بالله، ولم نجد عالما يذكر ما ينتظر حكام المسلمين الانتحاريين في الآخرة بعدم تحكيم حكم الله أو تأولوا حكمهم بجواز تغييره باجتهاد إسلامي يؤصله العلماء بل بالإعراض فقط عن تحكيم شرع الله.
والآن نصل إلي ما هو مطلوب ومفهوم من ظاهر توجيه القرآن للمسلمين في قوله تعالي:{{إن الذين قالوا ربنا اله ثم استقاموا}} إلي آخر الآية، واستقامة الجميع تكون كالتالي:
فإن وفقهم الله هنا علي سلوك الطريق المستقيم فليأمروا حكام كل دولة إسلامية بالاجتماع بالبغاة من شعبها بأي وسيلة يتقابل الحكام والحركات وكل يلتزم بما أمر الله به، وفي نفس الوقت يحذرون أعداء الله من الاعتداء علي أبناء أي شعب مسلم في كل المسميات القاعدة، أو داعش، أو الجهاديين إلي آخر ما أوحي به الشيطان لإباحة دم أبرياء المسلمين فعندئذ يظهر حكم الإسلام.
1 – علماء يبينون حكم الله كما أنزله الله ولا يلوون أو يعرضون عنه إلي أوامر سلطان.
2 – حكام ينفذون أوامر الله طبقا لخلافتهم عن الله في الحكم بين عباده وعلي عباده.
3 – شعب يمتثل أوامر الحكام التي أمر الله بامتثالها في المنشط والمكره وإلا تقديم النصح للحكام وأوامر الله بعد هذا النصح وأنواعه بعقاب المخالف فمن قتلوه عندئذ من جنود المسلمين يكون شهيدا.
فإن صدر عن اجتماع العلماء توصيات تدندن حول ما يأمر الله به الفئات الثلاثة فيقال لهم : "قوموا مغفورا لكم قد بدل الله سيئاتكم حسنات" ، وإن أخلدوا إلي الأرض واتبعوا أهواء الحكام واستحسنوا طريق غير المسلمين، يخاطبهم الله بقوله: {{أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله علي علم}} ، وقوله تعالي: {{ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدي ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولي ونصله جهنم وساءت مصيرا}}.
مقدم هذا : مسلم منفرد يتفهم كلام الله وسنة نبيه ويتيقن تنفيذه في الآخرة علي كل من توجه إليه وفق مراد الله قبل أن يأتي اليقين للجميع ويقع تنفيذ ما بعد ذلك.