ميشل عفلق أحد مؤسسي حزب البعث العربي الإشتراكي 1947م في القطر السوري الشقيق حمل كتابه في سبيل البعث إرهاصات الفكر البعثي الثوري والإشتراكي ،و كان بمثابة دستور نظري لكل البعثيين ، الرفيق المؤسس تعرض لمآمرة من "الشباطيين"
بزعامة آل الأسد وانتقل علي إثرها إلي بغداد ومعه أبرز قيادات البعث ومن هناك ظل حزب البعث يقاوم إختراقات الشباطيين وانحرافاتهم في جميع الأقطار العربية ومنها موريتانيا التي حاول النظام الأسدي أن يشوه ويخترق فيها قوة البعث المتنامية آن ذاك . فلماذا لا يعترف البعثيون اليوم بحقائق النشأة وتحولات المرحلة؟
ليس خافيا علي أحد أن حزب البعث العربي الإشتراكي تعرض لأول نكسة كبيرة عندما قام وزير الدفاع المرتد عن فكر البعث ومشروعه حافظ الأسد بأول انقلاب علي الشرعية ممثلة في القيادة التاريخية (ميشل عفلق ,صلاح الدين البيطار وشبلي العيسمي وغيرهم) ولم يكتفي آل الأسد بذلك بل نافسوا الحزب في كل الساحات الشعبية والفكرية وأساءوا إلي المشروع البعثي حين ربطوه بنموذج تسلطي طائفي قمعي يمارس الحكم باسم البعث وهو في حقيقته مناقض لكل الأطروحات التي جاءت في أدبيات الحزب وكتابات مؤسسه .
نحن في موريتانيا عندما كنا مناضلين في صفوف هذا الحزب واجهنا عدوا داخليا كان أشرس من العدو الخارجي وهو حركة الشباطيين الذين حاولوا أن يندسوا في صفوف التنظيم السري وقد قاومهم الحزب علي امتداد البلاد وكشف حقيقتهم للقاصي والداني وبني جسرا حصينا من القناعة للمنتمين للتنظيم البعثي في موريتانيا .
لقد كان الشباطيون يمتنعون عن المحاورة الفكرية والنزال الشفاف من خلال تقديم مالديهم من أطروحات عن مبادئ الحزب وتاريخه مع أنهم يدعون لذات المبادئ التي يدعوا لها غيرهم من البعثيين، لكنم لا يستطيعون أن يتناولوا موضوع نشأة الحزب وتاريخه لأن عرضا للتاريخ سينيط اللثام عن حقيقتهم ويكشف زيف دعوتهم.
وقد تعرض القائد البعثي الخالد في ذاكرة الأمة كلها الشهيد صدام حسين لكل صنوف الإعتداءات والمؤامرات والضغوط من النظام السوري الأسدي ولعل حرب إيران المفروضة علي العراق خلال 8سنوات كانت أوضح تلك الأفعال من الحليف الأول لسوريا الأسد (إيران) ويدرك المتبعون لتاريخ العراق أن تحالف إيران سوريا كان موجها للبعثيين وحزبهم وقائدهم قبل أن يكون موجها للعدو الصهيوني وماشابه من إدعاء بالمقاومة لا أساس له . فالجولان هو الأرض العربية الوحيدة التي لم تطلق منها رصاصة علي الصهاينة . وتهديدات إيران لإسرائيل مجرد كلام للإستهلاك لاغير.
صدام حسين عندما تآمرت عليه القوي الغربية وتمالأت معها الأنظمة العربية لم يكن الأسد وقتها إلا فأرا (يختفي في جحره ليترصد فتات المائدة بعد أن يتفرق عنها اللئام ). وهانحن أمام وضع مهين لنظام يدعي أنه وريث أفكار الإديولوجية العربية الثورية القائمة علي مبادئ الوحدة والحرية والإشتراكية والتي تحمل شعار مشروع أمة كاملة من المحيط إلي الخليج وتدعوا الشعوب العربية إلي الإحتماء بها بوصفها قلعة الثورة العربية المجيدة ووكرا يلوذ به الأحرار من جحيم الإستبداد والظلم أو هكذا كانت عراق صدام ويريد الشباطيون مجاراتها فلا يحصلون إلا علي الفضائح والهزائم . وهاهي ثورة أحرار سوريا تعري ماتبقي من وجه الشباطية الملطخ بدماء الأبرياء .
إن علي الرفاق البعثيين أن يقرأوا التاريخ بروية وتأني وأن يتأملوا المشهد الأخير في حياة القادة المؤسسين . لقد بدأ ميشل عفلق حياته مسيحيا ولكن قوميته العربية وحبه لأمته وولعه الشديد بالبحث عن الحقيقة قاده إلي الإسلام فمات مسلما وأقيمت له جنازة وفق الشعائر الإسلامية وصلي عليه رفاق البعث (كما علمت وقتها من مصادر الحزب ) والقائد الفذ والشهيد البطل صدام حسين لم يأخذ معه من الدنيا (بعد أن عثر عليه الغزاة الأمريكان متخندقا بمزرعته في بغداد) سوي مصحفا شريفا وسجادة وكان يقرأ القرءان في خلوته ويستعد للقاء ربه بروح المؤمن الحقيقي الذي لايري في الموت سوي مصيرا محتوما وفرصة سانحة للقاء المولي عز وجل وقد غادر الدنيا وهو يردد كلمات الشهادة التي سمعها منه العالم كله وكان حجاج بيت الله الحرام يدعون له بالرحمة وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة في شموخ المؤمنين الأقوياء وعزيمة البعثيين الصادقين.
هكذا نفهم البعث اليوم: رسالة خالدة تحمل معاني الثورة علي الظلم والإستبداد وتتمسك بقيم الدين الحنيف وترنوا للمستقبل بهمة صدام وقوة يقينه وقدرة الأوفياء له علي مواصلة درب الشجاعة والعطاء والتضحية من أجل الحق وليس شيئا آخر