شهداء يسقطون.. وبقية متسلقون / الحسين محمد عمر

الحسين محمد عمريظلمنا البعض حين يتهمنا بالتطاول على المؤسسة العسكرية ، معتبرا أننا نتدخل في شؤون إحدى أهم القطاعات الحيوية في الجمهورية الإسلامية الموريتانية، ألا وهي الجيش، هذا القطاع الذي يحيط  نفسه بهالة من السرية والتكتم وإن كانت مسألة ضرورية ،

إلا أنه في الآونة الأخيرة رشحت على السطح بعض العيوب التي فرضت علينا كمواطنين، إبداء آرائنا في هذا الشأن خصوصا أنه يستفيد من الضرائب التي أدفعها أنا وأنت ، إلا أن فترة طويلة من حياده عن المهمة المنوطة به - شيئا ما- ظهرت تجلياتها أخيرا ،تستلزم إيضاح عدة نقاط ملحة.

- النقطة الأولى هي اعتبار الكثير من مدعي حب الجيش الوطني أنه خط أحمر ولا يجب الحديث عنه بتاتا، نعم إنه أحد الرموز السيادية لموريتانيا، الدولة الوطنية ،ولكن حين ما لا نستشف بالنظر إلى انقلاباته المتتالية أنه يخصص وقته لهدفه الأساس فإننا سنقول له كفي، سنردد عبارتنا المعروفة (يسقط يسقط حكم العسكر) .

النقطة الثانية هي تفريقنا التام والواضح بين أفراد جيشنا الوطني الذين يخدمون بشرف على الحدود ويقدمون أرواحهم لنتمكن نحن من النوم بكل أمن وأمان وبين من يتسلقون على أكتافهم للوصول للسلطة والهيمنة عليها، عبر التستر بأثواب شفافة لا تخفي النوايا الحقيقية لأصحابها، إذ نقدر عاليا دون أن تفي الكلمات بالغرض بذلك الجهد الكبير المشار إليه ، لذا نرجو ألا يكون هناك خلط بين المسألتين ، فنحن نعتبر أولائك الجنود مجرد ضحايا لعمليات فساد لم تعد هناك القدرة على كتمانها.

لقد فقد الموريتانيون أرواح الكثير من أبنائهم، ليس نتيجة لخوضهم معارك مع العدو الخارجي، إنما نتيجة معارك مع الأعداء من بني جلدتهم ، نعم إنهم كذلك، حينما يؤدي الإهمال واللامسؤولية إلى تحطم مروحيات الجيش في المطار، أي قبل أن تبتعد الطائرة من مكان إقلاعها فالمسؤول هنا يسمى عدو، حينما تسقط طائرة أخري بعدها بفترة قصيرة لتخلف شهداء من الجيش أيضا فالمسؤول هنا يعتبر عدو كذلك، حينما يلقى بكتيبة من الجنود على الحدود دون معدات كافية لحماية أنفسهم فالمسؤول هنا يعتبر عدو.

لكن أن يتقاتل القادة على مناصب سياسية تصل نتيجة ذلك في بعض الأحيان إلى إزهاق أرواح فذلك يسمى تفريط غير مبرر إطلاقا، أن تعطى أموالهم لمدنيين يتربحوا منها دون وجه حق فذلك الفساد المبين، والغريب أن التبرير بعد ذلك لم يقدر أن يقنع أحد باستثناء الغوغاء أصحاب المصالح الذاتية الذين تلونوا بألوان كل الأحكام المتعاقبة وفي النهاية يقدمون أنفسهم كممثلين للشعب، أفٍ لهم من ممثلين.

بعد هذا كله رأينا أنه من الضروري أن نقف وقفة إجلال وتقدير متمثلة في ساعة تأبينية على أرواح أفراد جنودنا الذي استشهدوا بفعل الفساد والإهمال والفوضى والذين كان آخرهم الجندي "امبودج" شهيد طائرة أوجفت وشهداء طائرة المطار وكل الجنود الذين قضوا في حوادث مماثلة ، هذه المآسي التي أثبتت أن الفساد استشري حتى عم وطفا على السطح، إذا بفعل هذا كله حقّ لنا أن نتمسك بمطلبنا الداعي إلى إسقاط العسكر -  و أؤكد أننا حينما نقول يسقط حكم العسكر فنحن لا نعني أبدا عامة الجيش، إنما الذي امتهنوا كرامة هذا الشعب وأهانوه وسرقوه – كما فعلوا مع أقرانهم.

نعم لموريتانيا مدنية وقوية بأبنائها ، نعم لحكم ديمقراطي يتيح لكل المواطنين أن يختاروا من يمثلهم بكل حرية بكل اقتناع.

21. مارس 2013 - 10:35

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا