نساء عظيمات / عثمان بن جدو

لقد قررالإسلام بشكل قاطع وحدة وأصل النوع البشري,قال تعالى :{ياأيها الناس أتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساءا}.{ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عندالله أتقاكم }.

كمابين وحدتهم المصيرية إذ سيردون إلى خالقهم ,وكل سيلقى جزاء عمله في الدنيا .{وكلهم آتيه يوم القيامة فردا}.{وأن ليس للإنسان إلا ماسعي }.{من عمل صالحا من ذكر أوأنثي وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ماكانوا يعملون}.

ثم إن الخطاب الشرعي موجه إلى المرأة والرجل على حد السواء,فالمرأة مطالبة بالإيمان ومخاطبة بكل التكاليف الشرعية دون وساطة الرجل أو وصايته, وهي تتحمل المسؤولية في ذلك {إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمومنات .................}الآية

ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح.............}الآية

{وضرب الله مثلا للذين ءامنوا امرأة فرعون ..............}الآية

{ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها............}الآية

ويقول صلَ الله عليه وسلم لفاطمة (يافاطمة لاأغني عنك من الله شيئا )

وللمرأة حصانتها القانونية ولها حق التقاضي ورفع الظلم إن وقع عليها ,وكثيرات هنَ النساء اللائي جئن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتكين من الظلم الواقع عليهن من بعض أقاربهن ,فأنصفهن رسول الله صلَ الله عليه وسلم ورفع عنهن الظلم ,فمنهن تلك التي منعها أخوها عن الزواج ممن ترضي فجاءت تشكوه إلى رسول الله صلَ الله عليه وسلم ,فنزل قوله تعالى :{فلاتعضلونهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف },وتلك التي زوجها أبوها وهي كارهة فرد الرسول صلَ الله عليه وسلَم نكاحها ,وتلك التي زوجها أبوها ممن تكره فجاءت إليه صلَ الله عليه وسلم ,فخيرها فقالت: (قد أجزت مافعل أبي ولكن أردت أن يعلم النساء أن ليس للآباء من الأمر شيئ ),

ولقد أعلن الإسلام المساوات والتكافؤ بين الحقوق والواجبات الأسرية للمرأة ,قال تعالى :{ولهنَ مثل الذي عليهن بالمعروف }.

وأعلن حقها في الشوري حول أمور الأسرة وغيرها {وأتمروا بينكم بمعروف}.

وكفل الإسلام للمرأة حق التفكير مثل ما كفل ذلك للرجل وأعتبرذلك أمرا واجبا على الإنسان وتعددت الآيات التي تحث على التفكر وإمعان النظر في الكون ,وكفل حق الإعتقاد ومنع الإكراه على تغيير المعتقد والنصوص في ذلك كثيرة جدا .

وعندما وفَر الإسلام هذا الجو الراقي للمرأة والإنسان بصفة عامة ,أسلمت المرأة وهاجرت رغم كفر الزوج والأب وكافة الأقارب ,

فهذه أم حبيبة بنت أبي سفيان تسلم وتهاجر مع أن أباها كان إذ ذاك من رؤوس الكفر ثم أرتد زوجها فثبتت ولم يثنيها ذلك  ولم تتراجع عن إسلامها ,وهذه فاطمة بنت الخطاب تسلم قبل إسلام أخيها عمر الفاروق, بل تكون سبب إسلامه بفعل تحديها له لمَا علم بإسلامها وأراد أن يفتنها ,وهذه أم كلثوم بنت عقبة ابن أبي معيط تسلم وتهاجر رغم أن كل أفراد أسرتها على الشرك ,وكثيرات هن اللواتي كنَ السبب في إسلام أزواجهنَ ,ومنهن أم سليم زوجة أبي طلحة الأنصاري وأم حكيم بنت حزام زوجة عكرمة بن أبي جهل .

وتاريخ الأمة الإسلامية حافل بالنساء العظيمات وعلى رأسهم  أمنا خد يجة بنت خويلد رضي الله عنها التي كانت أول من صدَق بالرسالة المحمدية ووقفت بجانب المصطفى صلَ الله عليه وسلَم , ومنهن سمية أم آل ياسر التي وقعت أول شهيدة في الإسلام ووقفت شامخة أمام صنوف العذاب والقهر,الذي كان ينتهجه مشركوا قريش لكسر شوكة الإسلام ,فكانت بذلك مثالا في الشجاعة والصمود ورسمت صورة بطولية ملحمية ورثتها للنساء والرجال من بعدها ,ثم إنه لايخفي على أحد  الدور الذي حظيت به أمهات المؤمنين عموما في نشرالدعوة وتعليم الناس أمور دينهم وكنَ معينا ينهل منه الكل ومنبعا علميا وأخلاقيا يشرب منه الجميع ,وكانت عائشة رضي الله عنها من أكثر من روي عنهم الحديث وأخذ عنهم العلم ,وكان من بين نساء الأمة من يشاركنَ في الغزوات ومنهنَ من إمتهنَ الطب وعالجن المرضى ومن أمثلة ذلك لا حصرا نسيبة بنت كعب رضي الله عنها.

ثم لم يخلو عصر من عصور الإسلام من الأمثلة النسائية العظيمة التي تزينت بهاصفحات التاريخ البشري في شتي المجالات ,فظهرت الشاعرات البارعات (الخنساء)والعالمات الجليلات( نفسية العلم ) والصالحات الزاهدات (رابعة العدوية)والأمثلة والشواهد يضيق المقام عن حصرها سواءا في العصر الذهبي كما سلف أوفي العصورالأخري ,ولقد شهد العالم الإسلامي بعد ذلك  شخصيات نسائية فريدة لعبت الدور البالغ والمؤثرفي مختلف المجالات إذ كانت المرأة تشاطر زوجها هموم الدولة وتنصح له ,ومنهن من ظهر دورها للعلن كجهة منفذة تولت الحكم وقادت الدولة لإسلامية لفترة (شجرة الدر).

وكانت المرأة الشنقيطية مثالا رائدا يحتذى به على مر التاريخ بفعل تألقها في مجال نشر العلوم الدينية واللغوية وتدريسها لطلاب العلم وتحفيظهم القرآن الكريم ,ولعل من أبرز أمثلة ذلك دراسة العلامة المرحوم محمدسالم ولدعدود على يد والدته الفاضلة ,وكذلك الحال بالنسبة للعلامة المحفوظ بإذن الله محمد الحسن ولد الددو الذي تلقى القرآت العشر على يد والدته.

 

والشواهد على نجاح المرأة المسلمة وريادتها قائمة وممتدة حتى في أيامنا هذه  في مجالات القضاء والطب والتسيير الإداري وإدارة المرافق العمومية ........إلى غير ذلك.

ونجاح الوزارات التي تسيرها النساء ولونسبيا يعد دليل على ذلك سواءا في الوقت الحالي أو في زمن ماضي ,ولقد شهد الماضي القريب المثال الأبرز والشاهد الأكبر على نجاح بعض النساء في تسيير المرافق العمومية ,تجسد ذلك في تولي وزيرة سابقة لحقيبة وزارية معقدة تعاني من مختلف التراكمات ,فأظهرت المستوي العالي للتسيير وأعادت للمدرس هيبته المسلوبة ودخلت في مواجهات عديدة آنذاك مع بعض الإدارات الإقليمية ,إنتصارا للمدرس فكان النصرلها وله بفضل تمسكها بالحق ونصرة المظلوم في قطاعها ,وكادت نتهض بالقطاع إلى أعلى مستوي لولا السياسة والخساسة والتسييس.

فتولت المهمة بعدها جماعة من الرجال تعددت وأختلفت وأنقسمت وأتحدت أحيانا, لكنها عجزت مجتمعة على الأقل عن تحقيق الأمل الذي لاح في الأفق أيام توليها تلك المسؤولية.

وأخيرا على كل بنات الأمة أن يفخرن  ويتأثرن بإنتمائهن إلى مجتمع ضم هؤلاء النسوة العظيمات, فلقد زيَنَ التاريخ بصفحات مشرقة ولألأن عقد الأمة وانتظمن في سمط الثرياء.

عثمان بن جدو _كاتب وناشط حقوقي_

[email protected]

21. مارس 2013 - 19:03

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا