ما يعرف بإصلاح مرشح (رآسيات 6/6 )الذي أطلقة عام 1999م عندما كان وزيرا للتهذيب الوطني دون مشاورة القطاع وفي ظل استياء كبير من العاملين في حقل التعليم والمفكرين والعلماء وبعض السياسيين ,هذا الإصلاح فرض تعليم اللغة الفرنسية بنسب تتراوح بين 20% في السنة الثانية و أكثر من50% في السنة السادسة
من المرحلة الإبتدائية دفعة واحدة ودون تدرج مما خلق ممارسة مرتبكة انعكست بوضوح في امتحانات شهادة ختم الدروس الإبتدائية ، فلماذا تصر الوزارة في هذا العهد علي مواصل إرباك الممارسة التربوية ؟ وما فائدة منتديات التعليم إذا لم توقف النزيف في مستويات التلاميذ ومكتسباتهم الدراسية ؟
كتب وزير التهذيب الوطني آن ذاك في مقدمة برامج إصلاح 99 مانصه: (يعتبر هذا الإصلاح قفزة نوعية تهدف إلى المحافظة على تقدم نسبة الكم، وتحسين الكيف، بالسيطرة على لغة تكنولوجيا العصر والانفتاح على متطلبات العولمة، مع الالتزام بتنفيذ إعلان ( جومسيان ) الرامي إلى توفير التربية للجميع والرفع من مستوى أداء المؤسسات التربوية لتحقيق تعليم ذي جودة عالية.)
إذا أردنا أن نناقش السيد الوزير حول ما كتبه في الفقرة السابقة يجدر بنا أن نعطي فكرة عن الإجراءات المصاحبة والتي تجنب الوزير ذكرها فقد رصدت لها تمويلات "مشاريع دعم التعليم" ضمن الخطة العشرية وخاصة منها الدعم الفرنسي السخي علي هذا الإصلاح ومراحل تنفيذه ولكن تلك التمويلات لم تحقق شيئا يذكر من تلك الإجراءات والتي من أهمها – توسيع وتحسين البنية التربوية (بناء المدارس وتجهيز الفصول ) بالإضافة إلي تكوينات مستمرة للكادر التعليمي وتحفيزه وتزويده بالوسائل الديداكتيكية – نقل تدريجي للكادر البشري من 60% معرب إلي 60%مفرنس وهو مايعني الإستغناء عن 20 % من الطواقم المعربة أو تحويلها إلي مفرنسة وسلسة من الإكتتابات في المدرسين المفرنسين .
جرت محاولات متعددة وعلي مراحل في إطار محاولة النقل هذه لكنها لم تحقق إلا نسبة قليلة جدا لا تصل 2% ولم تزد الإكتتابات السنوية للمدرسين عن سابقاتها ولم تتمكن الوزارة في بعض التخصصات العلمية من العثور علي طالبي العمل باللغة الفرنسية مما ألجأها إلي التعاقد بواسطة المديرين الجهوين دون مراعاة للمعايير المطلوبة في المدرس العقدوي
وبدا واضحا أن هناك إصرار علي الإستمرار في نهج إصلاح 99 مهما كانت الإمكانيات التي تأسس علي اعتبار توفرها لم تنجز حتي اليوم .
أما جوهر الإصلاح فهو ذلك الإنتقال أو "القفزة النوعية " بعبارة الوزير من تعريب التعليم في المراحل الإبتدائية والإعدادية والثانوية إلي فرنسته حتي (نسيطرعلى لغة تكنولوجيا العصر والانفتاح على متطلبات العولمة)
ومن المعلوم أن لغة التكنولوجيا بإجماع العالم هي الإنكليزية وليست الفرنسية هذا إذا كان للتكنولوجيا لغة خاصة بها في الأساس.
والإنفتاح علي العولمة لا يعني الإستلاب وإنما المشاركة الواعية للعالم مع المحافظة الشديدة علي الهوية الوطنية واللغة العربية ستبقي هوية المجتمع والدولة مهما حاولت وزارة التعليم استدرار مشاريع التمويل الأجنبية واسترضاء الحليف الفرنسي
أما الإعلان العالمي لجودة التعليم فلم يشترط أن يكون التعلم بواسطة اللغة الفرنسية
ولعل ما حدث ويحدث في واقع الممارسة التربوية يسير في الإتجاه المعاكس لجودة التعليم وتحسين النوعية ومن الأمثلة علي ذلك مسابقة شهادة الدروس الإبتدائية والتي تواصل طرح أسئلة المسابقة حتي في نسخها التجريبية (الأولي والثانية هذه السنة) بإعتماد إجراءات الإصلاح التي تعطي الأولوية في معدل النجاح للمواد باللغة الفرنسية مع أن واقع التلاميذ بعيد جدا عن المستوي المطلوب في هذه اللغة ويتراجع في اللغة الأصلية نتيجة تناقص ساعات تدريسها بسبب مقررات الإصلاح وتلجأ إدارة الإمتحانات سنة بعد سنة إلي إجازة الناجحين بمعدلات مهينة للتعليم والتعلم ومعبرة عن استهتار بالقيم التربوية فلماذا هذا الإصرار علي تنفيذ إجرءات إصلاح لا تتوفر له الإمكانيات الضرورية لدي الوزارة ولايتقبله الأهالي ولايقدر عليه التلاميذ وفوق ذلك لا يلائم أهداف السيادة والهوية والثقافة الوطنية.
إنما نشهده في مدارسنا هذه الأيام هو للأسف الشديد إجراءات تربوية عمياء وممارسة تعليمية جوفاء فلماذا يتأخر تنفيذ نتائج المنتديات بل ولماذا لم تتناول المنتديات هذا المأزق التربوي أصلا؟