قد أتفهم أن يتظاهر مغترب في غربته، ضد رئيس بلاده أو وفودها إذا كان هذا الرئيس أو معاونوه متهمون في ملفات ذات طابع إنساني، أو قضايا فساد، أو حتى تضييق على الرأي..
لكن، مالن أتفهمه أبدا؛ هو أن يتم تشويش ثلة مأبونين على زيارة يقوم بها رئيس بلادهم وسط احتفاء ملاحظ من رئيس بلد إقامتهم..
وهو الإحتفاء الذي حظي به أكثر من أي رئيس آخر من ضمن 50 رئيس ورئيس حكومة.
افرض مثلا أن حقائق هذا الرئيس غائبة عنا كشعب، لكن أكثر العالَمين سذاجة؛ يعلم علم اليقين أن الولايات المتحدة ليست بتلك السهولة، وأنها تعرف جيدا معادن الرؤساء، ولديها بنوك وقواعد معلومات، تعرف من خلالها من يجب تقديره ومن لا يجب له ذلك..
فياترى ماهي حقيقة رئيس موريتانيا التي غابت عن الرئيس الأمريكي ووكالة CIA وتكشفت أمام سائق شاحنة سفردي، وماهي القوانين الإنسانية التي انتهكها الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني برضى الغرب، واعتراض من اكماش..؟!
الحقيقة أن شطحات اكماش وزمرته، لن تضر إلا المتحايلين على السلطات الأمريكية، تارة بفرض شعائر إسلامية عليهم في مجتمع يولد فيه المولود على الفطرة، وتارة بادعاء الانحراف والمثلية الجنسية، وأخرى بمضايقات عرقية ترفضها سحنة المجند الفار من الخدمة والمنتحل لاسم أخيه..
كل هذا بديهي ومعلوم لدى أبسط مرتاد للفضاء الأزرق؛
لكن ما لا يعلمه كثيرون أنه بمثل هذه التصرفات الرعناء يمكن أن يغلق بابا ظل مشرعا طوال العقود الماضية أمام كل من سولت له نفسه الهجرة إلى بلد لا تحكمه فيها ضوابط أخلاقية ولا شعائر دينية حتى ولو اشتغل من أجل لقمة العيش أو مضجع يأوي إليه بعد 12 ساعة عمل في بقالة يمنية أو سائق أجرة أو حمال أمتعة أو راع للكلاب حتى..
ولست بحاجة إلى من يذكرني بأنه من بين أفراد جاليتنا في أمريكا عشرات الوطنيين الذين تغربوا للبحث عن تجربة أو فرصة لم تتح لهم في بلدهم لكن الوطن ظل حاضرا في أذهانهم وسبيلا إلى رفعته ورفرفة علمه قدموا التضحيات وبذلوا الجهود والأموال..
غير أنه بتصرفات الإمعة ومن حوله يمكن أن يُكشف الكثير من التحايل والادعاءات الكاذبة، والتي ظلت السلطات المحلية تتغاضى عنها، فأبسط تحقيق من طرف أي من السلطات الفيدرالية الأمريكية سيُكشف زيف الملفات ثلاثية الأضلاع (الدين، الجنس، العرق) لطالبي اللجوء الموريتانيين، وإذا انضاف إليها عدم تغاضي الأجهزة الموريتانية عن تبيان حقيقة الملفات لنظيرتها الأمريكية ساعتها سيكون المهاجر الموريتاني أكبر متضرر.
أما إذا أخذنا في الاعتبار ما تم الحديث عنه منذ فترة من أن الرويبضة تم استئجاره من طرف جهة معارضة محلية للتشويش على مشاركة وفد بلدنا المشارك في القمة الأمريكية الإفريقية، وكورقة للضغط على النظام للتدخل في ملف معروض أمام العدالة تُهمته فيه خيانة الأمانة ونهب خيرات البلد وتبييض الأموال فحينها سيكون المرتزقة في ورطة قد تودي بهم إلى مخافر الشرطة الأمريكية ولن يمنعها من ذلك إلا أبسط خيط للوصول إلى دليل ملموس وبتتبع الحوالات المالية والمراسلات الإلكترونية ستتكشف الحقائق ويتضح زيف النضال والغيرة لحقوق الفقراء، وحينها سيكون اكماش قد جنى على نفسه وزمرته كما فعلت براقش.