عاصر كل الأنظمة.. ولبس لكل قيصر جديد عمامة.. ميكافلي إلى أبعد الحدود.. شغل عدة مناصب في عديد الأزمنة.. كان أحد عرابي التطبيع "المخضرمين".. يقتل الميت ويمشي في جنازته، وينوح عليه مع النوائح..
تعرفه "ماري اتريز" في حزب الشعب، وهياكل تهذيب الجماهير، واجتماعات "الكادحين" التي ينقلها بالصوت و"الصورة" حين يلج في عتمة الليل البهيم مكاتب الأمن العمومي، في غفلة من "الرفاق".
التحق بداية التسعينات بركب الحزب الجمهوري، وظل حبيس الهوامش فترة ليست بالقصيرة، رغم إتقانه فن المراوغة، والزحلقة، والشقلبة، والصعود على أكتاف الجماهير، وجني ما لم تزرع يداه..
قذفت به الأقدار في آخر أيام فرعون العصر إلى وزارة الخارجية، دخلها مأمورا، وخرج منها مدحورا.. الإنجاز الوحيد الذي حققه في مأموريته الدبلوماسية هي تمثيله ببراعة دور أبي رغال، حين أرشد "شالوم" إلى مرابط الفاتحين، واستقبله على بعد خطوات من وقع خيول ابن تاشفين..
هنا وقف أحد الفاتحين ذات يوم وصاح في جنده قائلا: "والله لو كنت أعلم أن وراء هذا البحر يابسا لخضته جهادا في سبيل الله".. وبعده بألف سنة مما تعدون، وقف صاحبنا مزهوا باستقبال أحفاد القردة والخنازير، يدنس معاقل وآثار جيل من الرجال مضى ولن يعود.. وصدق من قال: "كلكم ميسر لما خلق له"..
التحق "الفاتح" الجديد بانقلابي 2006 رغم أنهم انقلبوا على نظامه، ومن ثم شايع وبايع الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله، قبل أن ينبري للدفاع عن "تصحيح 2008" سفيرا لموريتانيا في إحدى عواصم الجوار الإفريقي..
ومن هذا الموقع طار إلى بلاد النفط والغاز سفيرا لموريتانيا الجديدة، وعوضا عن العمل من موقعه للبحث عن تمويل مشروع تزويد مدينته بالماء الشروب، اتخذ طرائق قددا في البحث عن تحقيق مكاسب ذاتية، خاصة وأنه بات على مشارف التقاعد.
وحين أزفت ساعة فراق الكرسي الوثير، استيقظت في نفس السفير روح الثورة من جديد، فطفق يلعن الحاضر، ويتزيى بزي لم يعهده من قبل.. ويحاول اللحاق بركب الظاعنين الذي لفظه من أول وهلة، كما لفظته ساكنة مقاطعته في نيابيات 2006..
فهل ترانا عرفناه أم لا؟