تشهد الساحة الوطنية في الآونة الأخيرة الكثير من الأحداث الأمنية المتلاحقة التي تنبأ بمستقبل غامض ٍيدفع على الكثير من التساؤلات الملحة، والتي ستحيلك أجوبتها دون شك إلى مزيد من عدم اليقين والإطمئنان حول دور الشرطة المعنية والأسباب الكامنة خلف هذه الجرائم،
في هذه الفترة بالذات وما الذي يمكن أن ينجم عنها في القريب العاجل؟ هذه الدولة للأسف التي شهدت مزيدا من الترهل المخيف والتدهور المستمر منذ بداية النهاية سنة 1978م ، ذلك التاريخ الذي حملت فيه موريتانيا جين الإنقلابات و الفساد، حيث بدأت زمرة الأسود تتوالد مخلفة مزيدا من الطامعين في جثة الدولة الهامدة ، مائدة مختلف القطعان المفترسة.
بدأ ركوبنا إذن، ونحن منصاعون لساستنا- بمفهوم سائسي الحمير- نُضرب فنهرول ، نساق فنطيع، و نخدر بعبارات فضفاضة ، كاذبة، بمجرد أن تخول لنا أنفسنا محاولة التفكير في التحول إلى أشباه بشر، بمجرد أن نرفع أصواتنا مطالبين بحقوقنا الضرورية، أقصد حقوق الحيوان، صدقوني ، يا ليتنا كنا حيوان، أليس للحيوان حقوق، على الأقل يذبح وفق الشريعة الإسلامية والجيفة منه ترمي بعيدا لألا تزكم الأنوف، على العكس نحن نرمى في المنازل، أي دولة هذه!؟
أهم شيء يبحث عنه الإنسان ، في أي برزخ كان ، هو حاجته للأمن، للحاجات الضرورية من مواد غذائية – على الأقل في المتناول من حيث السعر- و عمل، و حرية.
حاجتنا للحق في التعبير دون أن ترسل علينا آلات أو قل روبوتات فهي خالية من الرحمة بطبيعة الحال، في الغرب صنعوها لتحل مكان البشر في الحروب، ربما لوازع أخلاقي، لألا لا يعذبوا البشر، عندنا لا، ستضرب وستجر بعنف بمجر أن تشير بسبابتك أو تقول لا في شارع عام من أجل قطرة ماء، حاجتنا للحق في انتقاد الحاكم دون خوف، حاجتنا لأن يكون لنا رئيس نفخر به.
في عهد الرئيس الإنقلابي السابق وفي أوج قهره وتجبره، حبس العلماء، طارد الأئمة، ودمر الإقتصاد ، السذج منا كانوا يرقصون طربا في دولة صارت اللغة الوحيدة فيها هي لغة المادة، الكل مطحون بالآلة التي تفشل اليوم أن تطحن قوى الشر المنتشرة، حينها انتفض الشارع ورفض، لكن أي انتفاضة تلك ، مجموعة من العساكر ، استولت على الحكم وأعادت الأمور إلى الصفر ، اليوم نفس الشيء يتكرر، تقديس و تسبيح بحمد النظام وهو بحق لا يستحق، كل كبيرة وصغيرة تجد من يضخمها ويضعها في زاوية إنجازات الرئيس وأي إنجازات هذه؟ فليقل لي أحدكم ما هو أهم مشروع تم تنفيذه؟ الطرق ! ترقع يوميا ، حوانيت أمل! المثل الصيني يقول علمه كيف يصطاد أحسن له من أن تعطيه سمكة كل يوم، ناهيك عن الفشل الذريع الذي منيت به هذه الحوانيت.
المشكلة أننا لم نعد نعرف من يحكم ومن يوجه، أسعار المواد الغذائية في ازدياد ، وأهم شيء في الحياة اليومية يرتفع باستمرار، إنه المحروقات، والحجة الوحيدة لدى النظام هي نحن لسنا بلدا منتجا، بل نحن بلد منتج للفساد والمفسدين والمتعاملين بالدولار المزور، والمفضوحين، أية دولة هذه يا جماعة؟، لكل دولة مهما كانت سياسة اقتصادية للحفاظ على توازنها وبقائها، ومنها سياسة دعم المواد الغذائية ودعم المحروقات ،فكيف تتخلى دولة عن شعبها يواجه المهالك بهذه البساطة، هل يعقل هذا؟
نحن السبب فاستمروا في افتراسنا أيها الذئاب، نحن خراف متفرقة في عز الصيف فواصلوا نهشنا أيها الأسود، لقد تعودنا على السكوت في وجه الطغاة والخنوع عند المواجهة فأطلقوا مفترسوكم ليهينوا نسائنا ونحن إذ ذاك هم المسئولون، استمروا في التسابق نحو الغنى ولنستمر نحن في التسابق هربا من القاع من الهاوية السحيقة، من الموت جوعا، و مخنثيكم يصفقون و يلحلحون و البقية إلى التهلكة سائرون.
موريتانيا للأسف مرهونة منذ سنة 1978 في أيادي همها الوحيد هو المحافظة على مكاسبها اللامشروعة ، و ليرموا بفتاتهم النتن إلينا لنتصارع عليه مثل الديَّكة وسيسرون دون شك ، أليس صراع الديًّكةُ رياضة مسلية في العالم الشرقي؟!
نحن بحاجة إلى أن نلقي بعباءة العسكر السياسية في سلة المهملات ، أن نقف ونقول لهم كفى، دمرتم موريتانيا ، والأهم من ذلك حقيقة حاجتنا إلى شعب يفهم حقيقة الدولة ومستعد للتضحية من أجلها ، وإلا فإننا سنقول لهم استمروا في ركوبنا نحن نستحق.