أصلح الله الأمير !! / حدامي محمد يحي

altسئم المحلق حاله ونظر إلى أم عياله قائلا :مالك تشربين سؤر الحمارْ فقالت المسكينة والزوجة الراضية بقضاء الله:منذ كم ونحن ندعو الأمير ونشكو إليه حالنا؟.

ففكر المحلق مليا، وأطرق برأسه، ثم سأل بناته السبع عن حالهن، وحدثهن عن بعد الأعشى وقافيته التي تمطر بعد الجدب، وحثهن على التوكل على الله .

وبات المحلق ليلته في هم وغم ، حتى "السحر" جلس على سجادته يصلي حتى طلع الفجر ...ثم صلى ...وانطلق على أتانه الهزيل ، يكرر كلمة عر ...ثم يردد أذكار الصباح ، حتى نزل بالبئر ، فرماه بحجر ، فسقط الحجر على الحجر .

فقال في نفسه "أصلح الله الأمير " نشكو إليه نضوب المياه ، وفي كل مرة يعد ويمني .

ثم رجع إلى الحي ولبس حلته المرقعه والتي حال عليها الحول ، واتجه نحو الأمير فقال : السلام عليكم حيا الله الأمير ، جئتك من أرض بعيدة ، وتحملت عناء السفر أشكو حالي ، فكم مرة ترددت على باب قصركم، حتى عرف وجهي بلاطكم ، وقصتي عندكم فما أنتم فاعلون ؟

فضحك الأمير أصلح الله حاله ، حتى فحص برجله ، وقال أنسيت نحن في رمضان ، فقال المحلق : صدق الأمير نحن في رمضان منذ عقود ، رمانا القدر بأمراء منذ صاموا ما أفطروا ، فغضب الأمير وقال : أخرجوا الطفيلي فلا رأيته بعد الآن ، فقال المحلق أصلح الله الأمير ، إنما كانت زلة فلاتؤاخذني بما نسيت ولاترهقني من أمري عسرا ....

فلما سكت عن الأمير الغضب قال كيف حال عيالك ، وأين ناقتك ؟

فقلت : تركت عيالي يشربون سؤر البهيمة ، ونحرت الناقة لرجل ظننته الأعشى ، حتى دخل سوق العرب فحسبته ينشدني شعرا ويذكر "قراي " فأنشد قافيته يذكر نفسه وإنجازاته ، فلا نحرت بعده لأحد .

ففهم الأمير قصد المحلق وكان وزراؤه من حوله ...فأسرها في نفسه ولم يبدها لهم .

ونامت عين الأمير ..ولانامت عينه حين حدثني أنه رأى الشمس مني تدنو ، وعيالي من حولي ، نريد إجابة القصر ، وعطاء الدولة ، ونحن منذ كم ندنو من الشمس ونقف وقفة الطفيلي ببابه ؟

وفي كل ليلة يحدث المحلق الأمير عن حاله وكأن القصة قصة ألف ليلة وليلة ، ثم ضحك الأمير أضحك الله سنه وقال : ما أبعدكم عن سنة نبيكم كان الماء ينبع من بين أصابعه .

فقلت : أصلح الله الأمير تلتبس عليه النصوص ولايفرق بين العام والخاص متى كنا مثل نبينا تلك معجزة نبي ، ونحن الآن نحدث الأمير عن واقع حينا ، فعسى الله أن يفتح على الأمير .

وحان وقت الصلاة فكبر الأمير ثم تلا الآية :أفرايتم الماء الذي تشربون فقلت :"سبحان الله " وكررت التنبيه فظن الأمير أنه أخطأ في التلاوة ، ولم يكن الأمر كذالك وإنما قلت : "سبحان الله" تنبيها على مطلب حينا الذي نسيه الأمير وحاشيته .

وبعد انتظار طويل :حدثني الأمير عن مياه البحر ، وأن منسوبها سيزيد حتى تشرب أحياء كثيرة وتغرق أخرى وأقصى مدة ذالك عشر سنوات . فرجعت لعيالي : وقلت أبشروا بالغرق أصلح الله الأمير.

1. أبريل 2013 - 8:03

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا