موريتانيا والسودان.. شعب فرقته الجغرافيا / أحمد المنى

كانت بداية تعرفي على السودانيين في منتصف التسعينات في لندن. تعرفت على طلاب في الحي الجامعي وكنا نسمر في ستيديو صغير (خارج الحي) يسكنه أحدهم فجعلنا منه "بيت السودان" المذكور في رواية موسم الهجرة إلى الشمال أو قل على طريقة غرف الطلاب في نواكشوط في تلك الفترة وقبلها. كنت أعجب من تشابه العادات والثقافة بشكل عام. ولعل ذلك ما يفسر استقرار جالية كبيرة من الموريتانيين في السودان (تعرف بالشناقيط) حيث كانوا يمرون بالسودان في طريقهم إلى الحج. 
وفي لندن عشنا فصولا من رواية الطيب صالح. وقد دفعني الفضول مرة لأخذ الشباب إلى مطعم لاهور في غرب لندن -ولعله المطعم الذي تردد عليه الروائي السوداني وشلته- فقلت للباكستاني: "د زول عاوز كِبده، ود عاوز مقادم وتقاطيع وأنا زاتي عاوز كركديه".. نطرإليّ الرجل في تعجب بينما ضحك الأزوال ملء حناجرهم.
وتمر الأيام وألتقي بالسودانيين مجددا أطباء ومهندسين وأساتذة جامعيين في السعودية والخليج. فأعيد اكتشاف الطيب والكرم وخفة الظل وعزة النفس. لقد كانوا نعم الإخوة والأصدقاء.
تداعت كل تلك الذكريات وأنا أزور السودان لأول مرة بدعوة كريمة من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي للمشاركة في ملتقى مخرجات البحث العلمي في نسخته الثانية.
لقد تجلى الكرم العفوي في كل شيء.. ضابط الجوازات ختم مرحّبا بي، ومندوب الوزارة كان ينتظرني.. وفي الافتتاح الرسمي جاء في خطاب الوزير "... ونرحب بضيوفنا الكرام من مصر وموريتانيا و...." وحسبك بهذا ترحيبا وتعبيرا عن المكانة الخاصة لموريتانيا عند أهلنا في السودان.
وقد سررت كثيرا بما حققه الإخوة السودانيون من تقدم في مجالات البحث العلمي رغم التحديات العظمى التي مر ويمر بها البلد. وكان الكرم الأخوي حاضرا أيضا في هذا المجال. قال لي المدير العام للبحث العلمي والابتكار في الوزارة "كل شيء مفتوح لكم وتحت تصرفكم. لا نخفي عنكم شيئا. نريدكم أن تبدؤوا من حيث وصلنا"
تحياتي للسودان ولكل زول في كل مكان.
 

30. ديسمبر 2022 - 11:47

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا