تتكسر النصال على النصال، وتُنسي الأزمات في الأزمات، وتبتلع الجرائمُ الجرائمَ، ويضطر المهتم بالشأن العام لأن يتجاهل الكثير من تلك الجرائم، ليس لعدم خطورتها على مستقبل البلاد، ولكن لأن هناك جرائم أخطر، ولأن الجرائم التي ترتكبها السلطة الحاكمة قد يكون الحديث عنها أولى من تلك التي يرتكبها أفراد عاديون ضد وطنهم المغلوب على أمره، والذي لا يجد من يشفق عليه لا في السلطة ولا خارجها، مع الاعتراف بوجود استثناءات محدودة.
ومن بين هذه الجرائم التي يرتكبها أفراد، والتي لا يمكن السكوت عنها، تأتي الجريمة التي تحدثت عنها المواقع اليوم، وهي الجريمة المتعلقة بتجنيس مئات الأجانب مقابل مبالغ مالية. ووفقا لما تسرب حتى الآن فإن هذه الجريمة تقف وراءها شبكة كبيرة وصلت حسب بعض المواقع الإخبارية إلى ثلاثين متهما. وتضم هذه الشبكة الخطيرة بعض المهندسين في وكالة الوثائق المؤمنة، وبعض العاملين في نفس الوكالة، هذا بالإضافة إلى بعض أصحاب الوراقات.
إنها جريمة نكراء تعكس شيئا من الجشع الذي نعيشه.
إنها جريمة تفرض علينا أن نطلق صفارات الإنذار، وأن نقول بأعلى صوتنا : لا لتجنيس الأجانب، لا لتجنيس الأجانب، لا لتجنيس الأجانب، ونعم لإنزال أقسى العقوبة بمن تثبت إدانته ومشاركته في مثل هذا النوع من الجرائم البشعة.
ودعونا نقلها بصراحة، ولا خير فينا إن لم نقلها بصراحة:
إن السنغاليين هم إخوة وأشقاء لنا، ولا خلاف على ذلك، ولكن تجنيس أي سنغالي هو جريمة نكراء وبشعة، ومن جنس سنغاليا واحدا فكأنما جنس كل السنغاليين.
وإن الصحراويين هم إخوة وأشقاء لنا، ولا خلاف على ذلك، ولكن تجنيس صحراوي واحد هو جريمة نكراء وبشعة، ومن جنس صحراويا واحدا فكأنما جنس كل الصحراويين.
وإن الطوارق هم إخوة وأشقاء لنا، ولا خلاف على ذلك، ولكن تجنيس طارقي واحد هو جريمة نكراء وبشعة، ومن جنس طارقيا واحدا فكأنما جنس كل الطوارق.
إن من تثبت إدانته في جريمة من هذا النوع يستحق أقصى عقوبة، كما يستحق بالإضافة إلى ذلك أن يتعامل معها المجتمع بطريقة قاسية، عسى أن يردعه ذلك، أو يردع غيره ممن قد يفكر مستقبلا في أن يرتكب هذا النوع من الجرائم مقابل مبلغ زهيد من مال حرام.
حفظ الله موريتانيا.