الصحافة في زمن الربيع العربي :إلي أين؟ / الحاج ولد المصطفي

أجيال من الصحفيين وآلاف من المؤسسات الإعلامية العربية من المحيط إلي الخليج وقفت في وجه إرادة الشعوب وساندت الحكام وتملقت الأنظمة وسارت في ركب الإنحطاط والإستبداد والفساد ، وتكونت عروش إعلامية واهية تأسست علي تزوير الحقائق وفبركة الأحداث وتبرير ما يلفظ الحكام

وشيعتهم من أقوال وإدعاءات مهما كانت مخالفة للمنطق والعقل.هؤلاء واجهوا الربيع العربي برفض شديد ومقاومة ضعيفة ومحتشمة فناصبوا الأنظمة المنبثقة عن الثورة الشعبية في كل من(مصر،ليبيا،تونس) العداء الشديد وخلقوا المبررات لذلك باسم التشدد الديني والأخونة وتحقيق أهداف الثورة وغيرها وحين نسمع اليوم عن إجتماع الصحافة العربية في انواكشوط  وحديث البعض عن حرية مزعومة للإعلام في موريتانيا وتقديم درع للحرية لأحد أنظمة الإستبداد في المنطقة العربية لابد أن نتساءل : هل تقف الصحافة العربية وقفة تأمل وتقويم؟ وهل تستعيد البوصلة التي فقدتها أشهر مؤسساتها في ظل أنظمة القمع ؟ أم أن هذه الصحافة هي جزء من تركة النظام العربي البائد وتسعي للملمة جراحه وتقوية دفاعاته في وجه موجات الربيع العربي المتصاعد؟

الصحافة العربية إسم علي مسميين متمايزين ،فقد وجد رجال ونساء عرب وعجم علي الأرض العربية  ناصروا الشعوب المظلومة وقدموا الحقيقة للناس من منابرهم الإعلامية علي تواضع إمكانياتها وقوة الحصار المفروض عليها وقدموا التضحيات في أوقات عصيبة مرت بها الشعوب العربية في حقبة أنظمة القمع والتخلف والإستبداد هؤلاء وألئك تقدرهم وتحترمهم الشعوب العربية وهم جزء من الحراك الثوري في الدول العربية  ويمارسون دورهم الريادي علي جبهات مقارعة أنظمة الإستبداد المتبقية هنا وهناك .

صنف آخر من الصحفيين تخرجوا من مدارس التملق والنفاق التي شرعت أبوابها لمرتزقة المثقفين العرب  ليدخلوها آمنين من بطش الأنظمة ومتنعمين بأموال شعبهم المهدورة ، ليتخرجوا  بأقلام صنعت من زور وبهتان وكلمات برعت في التحريف والتزييف  وكتابات ملئت كذبا في المعني وتلاعبا في اللغة وسفسطة في الفكر .

صحيح أن العشرية الأخيرة حملت بعض الفرج وكثيرا من الأمل للصحافة العربية حين ولدت قنوات إعلامية ناطقة باللغة العربية تسعي لمسايرة الإعلام العالمي في مصداقية نقل الخبر وإتاحة المجال للرأي والرأي الآخر وقد ساعدت قناة الجزيرة بشكل خاص في فك الحصار المفروض علي الشعوب العربية حين اخترقت حجب الظلام الدامس في عتمة زيف إعلام الحكام ونشرت المعلومة الصحيحة بين الناس دون رقيب أو حسيب وقد قاومت الأنظمة العربية إنتشار بث قناة الجزيرة من خلال طرد مكاتبها ومضايقة صحفييها وقطع العلاقات مع الدولة الراعية لها ,لكن ذالك زاد من مصداقيتها في الشارع العربي ولا يجادل أحد اليوم في أن الجزيرة كانت أبرز العوامل المؤثرة في ثورات الربيع العربي وأن الضغوط عليها باتت تمنعها من مواصلة العطاء كما كانت منذ سنتين أو أكثر

اتحاد الصحفيين العرب المجتمع في انواكشوط مطالب إذا بالعمل الجاد لإخراج الإعلام العربي من الإزدواجية التاريخية والإرتباك الشديد الذي تسقط فيه أغلب وسائل الإعلام الرسمي حتي بعد الثورة في بلدانها .

ولابد من أجل ذلك من مصارحة ومكاشفة وتطهير حتي يتحرر الإعلام العربي من بقايا المدرسة "الإرتزاقية "في الإعلام وينطلق بقوة نحو المنافسة العالمية وتحيق أعلي درجات الجودة والمصداقية والتمييز

إن علي إعلامنا اليوم مسؤوليات كبيرة أبرزها مساندة التحولات السياسية والثقافية والإجنماعية والإقتصادية والإنحياز العلني للثورة علي الفساد والظلم والإستبداد أينما وجد علي الأرض العربية .ومن أجل تصحيح المسار وتوحيد جبهة الصحافة العربية يلزم المجتمعين في أنواكشوط عدم الوقوع في فخ دعاية النظام وزبانيته من الإعلامين المشاركين في الإجتماع فليس صحيحا أن إعلامنا قد تحرر بفضل القيادة المنقلبة علي الدستور والشرعية فما حدث لا يعدو أن يكون نتاجا طبيعيا لنضالات الصحفيين وتضحياتهم ومعهم كل الغيورين علي حرية الإعلام في بلادنا وهو كذلك بدوافع الخوف من ثورات الربيع وبوادر رياحها التي تهب علي البلاد منذ بعض الوقت كما أن الإعلام الإلكتروني أصبح بفضل الله وتمكينه يتيح شبكات للتواصل الإجتماعي لايمكن الوقوف في وجهها مهما حاولت الأنظمة، لذلك لجأت الحكومة الموريتانية إلي ترخيص بعض وسائل الإعلام (الصديقة ) في أغلبها .وما يفسر ما قاله  زميلي في الدراسة رئيس اتحاد المواقع الإلكترونية الأخ محمد عال ولد عبادي: بأن( موريتانيا تجاوزت هواجس الخوف وتكميم الأفواه، حيث أطلق العنان للحرية ولم تعد هناك قيود، وأصبحت الصحافة فاعلا حقيقيا تكتب ما تشاء ولا يوجد ما يقيدها سوى الضمير المهني وقناعة الصحفيين).أعتقد أن ولد عبادي كان يقصد العوامل سابقة الذكر وليس شيئا آخر لأنه يعلم قبل غيره  طبيعة هذا النظام والظروف التي جاءت به ومايحيط به الآن من أزمات ومشاكل لذلك لا أخاله يسوق لأمر مناقض للحقيقة والواقع . فالحرية المتاحة للمواقع نعمة من الله وليست منة من أحد ولعلك تعرف موقع (إكس ولد إكرك) أيام معاوية لا يمتلك نظام ولد عبد العزيز القدرة علي التعتيم لسبب تعلمه جيدا وهو الطفرة الإلكترونية فلا يدعي أحد لهذا النظام فوق ما يملك أن يتحكم فيه .

فعذرا لولد عبادي في تأويل ماجاء في كلمته، فخريج الفلسفة...يقبل كلامه التأويل..!

[email protected]

6. أبريل 2013 - 16:49

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا