لقد تجلي بوضوح إصرار الحزب الحاكم المضي قدما علي الاستحواذ السياسي على البلاد والعباد إلي النهاية غير عابئ بمطالب القوي السياسية أو الشركاء في الوطن مما يجعل السياسة في موريتانيا لا تتعدي سن الطفولة إلي المراهقة حتى , ولن يجد المتتبع للشأن السياسي الموريتاني عناء في تفسير المواقف السياسية التي لا تخرج عن ثلاث اتجاهات.
أولا الحزب الحاكم وهو لفيف من المصالح الفردية والقوى النافذة المصطنعة, ويتلخص هذا الموقف في القاعدة الذهبية السياسية (ليقولوا ما يشاءون وسأفعل ما أشاء) فالحزب الحاكم يستطيع فعل ما يشاء دون حاجة لأحد , وما يجريه من حوارات سياسية طرشاء هي عيث سياسي وديكور ديمقراطي لمزيد من الحماية المجتمعية محليا ولعدم انكشاف الغطاء السياسي إقليميا ودوليا.
أما الاتجاه الثاني فتمثله أحزاب المعارضة التي تتصف ببنية تنظيمية هشة وهذا يسبب لها انفصاما مزمنا في البناء الهيكلي حيث تندفع القواعد نحو الاختيار الصلب والمتشدد لأنها متضررة بقسوة بالغة , بينما تتخذ القيادات خيار جمع الغانم.
لذلك نحن نفرق بين معارضة فعلية تقودها شخصيات أثرت المواجهة بالنضال السلمي علي الرهانات الخاسرة مع السلطة , ما نلتمسه في نضال شبابنا السلمي ,وذالك ما نفتقده في معارضتنا التي هي أقرب للاتجاه الثالث.
ثالثا , المتربصون , وهم المتحينون للفرص والمقتنصون لها بمهارة , فتارة يدخلون في تحالف مع السلطة وتارة يخرجون عليها شاهرين أسلحتهم , وهم معروفون لدينا جميعا , وهذا الاقتناص والتحين رهبن بوضع الحزب الحاكم وسياسته , فإن ظل الحزب قويا متماسكا ومنافعه لهم مضمونة فإن الهجرة الوفيرة ستكون من المعارضة إلي الحزب الحاكم , وإن ضعف وترهل كما هو حاله الآن فإن الهجرة السياسية لاشك ستتصاعد من الحزب الحاكم إلي المعارضة , ولا يزال آخرون يتحينون.
السؤال الذي يطرح نفسه علي المعارضة ما الذي ستتخذه من خطوات حصيفة وجادة تضعف موقف الحزب الحاكم ليزيد من رصيد الهجرة السياسية منه إليها؟
وفك إسار السلطة والمجتمع من مخالب النظام المحتكر للبلاد والعباد والحاضر والمستقبل.
الموقف الأول هو إعلان مقاطعة الانتخابات ومحاولة نسف شرعيتها مجتمعيا ودوليا , وهذا الموقف وحده لا يكفي وإن كان جزء من الخطة , في مقابل الاستمرار في المشاركة السياسية كما يريد النظام وبشروطه هي سم زعاف سيأتي علي حيات المعارضة السياسية برمتها,
فالمطلوب سياسيا اتخاذ بعض الخطوات.
كإعلان مقاطعة الانتخابات ولكن بالتزامن مع إشعال النضال السلمي الشامل عل مستوي الوطن برمته وطرح مطالب المجتمع المشروعة والملحة ليسمع صداها في المجتمع المحلي والدولي مما يثقل كاهل النظام الفاسد المحتمي بقوة العسكر والمال العام , وهولا شك عاجز عن تلبيتها لكثرتها (الفقر , الغلاء, البطالة , التعليم , الصحة , البناء المؤسسي لدولة القانون ,الخ...)
هذا الموقف سيمكن المعارضة من كشف الغطاء عن سياسات النظام الفاسد ومجابهتها بقوة عبر النضال السلمي , والالتحام مع الشباب الثائر المبادر بسلمية والنزول إل الشارع وحتى الاستعداد للسجون إذا أقتضي الأمر وأظن ذلك قريب جدا ,فمع بدء الاعتقالات ضد المناضلين السلميين تدخل السلطة في مواجهة مع المجتمع المحلي والدولي,
وفي نهاية المطاف لابد للصراع السلمي من نهاية وهذه النهاية هي حكم الشعب..
مولاي ولد الغوث
33 38 10 11
46 44 19 22