قيل في الفلسفة:" لو لم يكن الإنسان إلاّ حرّا لما تسنّى له أن يكون حرّا." فقد حكم علي الإنسان في هذا الكون أن يعيش حرا و شرط التلكيف في الإسلام القدرة علي الإختيار وهي أوضح معاني الحرية ،لكن الحرية في مفهوم الصحافة العربية سلعة تباع وتشتري ورأس مال لمؤسسات الإسترزاق والجشع والفساد ،
فهل كساد تجارة الكلمة في المشرق العربي هو ما حمل الصحافة العربية إلي التوجه غربا؟ أم أن سقوط عروش التملق هو ما دفع بالصحفيين إلي البحث عن ملجئ أخير؟
يقول المفكر الفرنسي جان جاك روسو:(الخضوع للقوة هو فعل ( من أفعال ) الضرورة لا الإرادة ................. فبأي معنى يكون هذا واجبا ؟
إن نظام الإنقلاب لا يتردد في إخفاء رقابته و سيطرته تحت ستار حريات جذابة ومزعومة ، كذلك ينكشف العنف الفاضح لحرب تشن على الفقراء باسم رئيس الفقراء.
إن إديولوجيا السياسة العربية ونظريتها في الحكم خلفت تراثا من الممارسات اللاعقلية ،فالمساس بسلطة الدولة يميل إلي أن يصبح كفرا و هذا الميل المتأصل عميقا في نفس المواطن العربي ترسخ كثيرا عندما أصبحت السلطة تحتكر الإعلام وتجعلته وسيلة للدفاع عن قيمها الخاصة.
أسندت إلي الصحافة العربية منذ عهود مهمة الذود عن قلعة الحاكم بالقلم والكلمة والصورة والصوت ، ونشر ثقافة اللاوعي (الطاعة العمياء ،الخنوع والإستسلام )
والتصدي بحزم وعزم للإشعاع والضياء القادمين من بعيد ، من عمق التاريخ وحضارة الخلفاء ومن شمس الحرية التي بزغت في أنحاء من العالم المتمدن .
قاد "فرسان" القلم والكلمة ملحمة الممانعة والصمود في وجه العواصف والهزات الإرتدادية وتسلقوا المراتب والمراكز وأقاموا الهيئات و دخلوا النقابات والإتحادات وأستحدثوا الجوائز والأوسمة والشهادات والدروع .
وهنؤوا وكرموا ومجدوا ومدحوا .......وفعلوا وفعلوا......إلي أن غزت العالم الحديث وسائل إعلام شعبوية عارمة تسللت إلي بيوت الفقراء وبسطت أذرها لكل واردة وشاردة وكل رأي ونقد وتوجيه ..وأنطلق قطار الحرية السريع وضاق الحصار علي سدنة البلاط وتكسرت أقلامهم وفضحت أفعالهم فاستبدلوا الجلود وتنكروا للعهود وتواروا خلف الجموع .
ثم هاهم يعودون وبأيديهم دروع للحرية ، يعطونها لمحطم الأرقام في الإنقلابات ،
إنها كذبة لكنها... في شهر إبريل.
الحاج ولد المصطفي [email protected]