مات الصوفي ولد الشين، الفتى الموريتاني الذي تبنى صوت الوحدة، و رفع كلمة الوفاق، و نشر دعوة السلام في مختلف المنابر.
في كل أحاديثه تجد الوطنية القحة، تخرج من بين ثناياه، يثق في خطابه و يؤمن بوطنه و يسعى لوحدته و قوته.
بين عشية و ضحاها غادر الصوفي، و غادر معه ذلك الصفاء الجميل و النداء النبيل للسلام و الأمان.
ما تزال التحقيقات تجري في دوافع و أسباب وفاة الصوفي، في الروايات أنه أستدعته الشرطة لدين عليه، و إن ديونه لحق على كل مواطن مخلص قضاؤها، دون أن تصل إلى ما وصلت إليه، و الخلاصة أنه تم قتله، و إنه لظلم كبير و حيف عظيم أن يغتال دعاة السلام بتلك الطريقة البشعة.
بذلت الدولة جهدا محترما و متميزا في واقعة قتل الصوفي، إبتداء بالتعازي الرسمية، و مرورا بالوقوف على أسباب الوفاة من خلال التشريح، و الإعلان الرسمي للصلاة الجامعة على جنازته، و المتابعة الرسمية لتفاصيل الحادثة بشكل متأني و متواصل.
لقد تأكد بشكل واضح أن المرحوم تم قتله، و هي مرحلة مهمة، تليها معرفة الوقوف على القاتل أو القتلة، و لا شك أن إغلاق المفوضية، و توقيف أفرادها. و المتابعة العميقة للملف، تعكس إهتماما به، و سعيا لإحقاق الحق.
إن مسار قضية المرحوم الصوفي ولد الشين، يسير حتى الآن على طريق سليم، و لعل ما يشوش عليه هو كثرة الشائعات و الاتهامات السابقة لأوانها، و الخوض في أعراض الناس، و محاولة إستغلال الواقعة سياسيا من طرف البعض.
إن ركوب موجة قضية المناضل الشهم الصوفي ولد الشين رحمه الله، و محاولة جعله شعارا لسياسات معارضة ترسم صورة مفزعة للواقع، و تشوه مفهوم الأمن و تحرض العامة على الشغب و الفوضى، كل ذلك هو فعل يتنافى مع سيرة المرحوم و أثره الطيب الذي ترك للأمة الموريتانية، و يتعارض مع الوطنية و السلام و الوئام.
سيل من الإتهامات و الشائعات و التأويلات، ينتشر في وسائط التواصل الإجتماعي، حيث أصبح الجميع محللين و محققين و إعلاميين يرجعون إلى مصادر لا مصدر لها إلا التداول العشوائي .
نعم الحادثة بشعة، و القتل فظيع، و الصدمة كبيرة، و لكن التأزيم و زرع الفتنة أشد من القتل.
لقد ودَّعَنا الصوفي رحمه الله، بلوحة تتناسب مع خطابه الوحدوي المتين، و طرحه السوي الرزين، و مبادئه التي تجمع و لا تفرق.
ودعنا في جمع لم نر مثله قط في أي جنازة سبقته في بلدنا، جمع بين الغني و الفقير، التاجر و الموظف، الكبير و الصغير ، الأبيض و الاسود، الضعيف والقوي، الوجيه و العامي، العالم و الجاهل.
مشهد يعكس الوحدة، و يرمز لصفحة مشرقة كتبها الراحل ببنان السلم و السلام قبل أن تغدر به أيادي الغدر و الشنآن.
رحم الله الصوفي ولد الشين و حفظ الله موريتانيا شعبا و حكومة و رئيسا و مرؤوسين، و جعلها بلدا آمنا مطمئنا يعيش بسلم و سلام على مدار كل الأيام و الأعوام.